04/6/2015 12:00 صباحا بعد حصولها على جائزة «كتارا» لفئة الروايات غير المنشورة حاورها – صفاء ذياب منذ أن بدأت القاصة والروائية ميسلون هادي النشر في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، اختطت لنفسها أنموذجها الخاص، فقد أنجزت أعمالاً قصصية وروائية، أكد النقاد أنها تسير في تطور ملحوظ، فأصدرت مجموعتها القصصية الأولى (الشخص الثالث) في العام 1985، لتتوالى بعدها الأعمال القصصية والروائية حتى عملها الأخير الذي لم ينشر بعد (العرش والجدول) الذي حصلت به على جائزة “كتارا” في دورتها الأولى عن فئة الروايات غير المنشورة. كانت هذه الجائزة استمراراً للتكريمات والجوائز الكثيرة التي حصلت عليها هادي منذ ثمانينيات القرن الماضي حتى الآن، فقد رشحت روايتها “شاي العروس” للقائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد العام2011، ونالت جائزة باشراحيل لأفضل رواية عربية، عن روايتها “نبوءة فرعون” العام2008، وجائزة أندية الفتيات في الشارقة عن روايتها “العيون السود” العام2001، والجائزة الذهبية لمنتدى المرأة الثقافي في العراق، عن مجموعة “لا تنظر إلى الساعة” العام1997. عن هذه الجائزة وعملها غير المنشور، كان لنا هذا الحوار مع ميسلون هادي: قصة حب
* ما العرش والجدول اللذان كانا عنواناً لروايتك الجديدة؟ وكيف قدمتيهما في عمل سردي حصل على هذه الجائزة؟
– رواية (العرش والجدول) تتحدث عن التغيرات التي طرأت على العراق خلال ثلاثين عاماً من تاريخه المعاصر، وهي الفترة الممتدة من العام 1977 وحتى العام 2007، وذلك من خلال قصة حب بين فتاة تنتمي إلى عائلة من اتجاه سياسي معين، وشاب ينتمي إلى عائلة من حزب مناوئ للحكومة. تلك العلاقة الرومانسية المؤثرة بين )جميل( و)قمر( سينعكس عليها اضطراب العراق، وستضع الرواية تحت الضوء أفكار ووجهات نظر مختلفة عن الأحزاب التي حكمت، أو لم تحكم، في تلك الفترة. كما وستشهد شخصيات الرواية الكثير من التغيرات الدراماتيكية المتداعية عن التغيرات السياسية الساخنة التي غيرت وجه العراق أكثر من مرة، وكيف أن حياة الناس ستتقلب باتجاهات مختلفة، فيتحول بعضهم إلى جهة المنفى، والبعض الآخر يتمسك بجهة أخرى هي بيته ووطنه. وعندما أنظر إلى الكثير من الشخصيات التي قدمتها في هذه الرواية وروايات أخرى، أجد أن ثمة خللاً في الشخصية الرئيسة في كل رواية، بمعنى أنها ليست إيجابية تماماً، وتعتورها بعض العيوب.. أما الشخصية السلبية فهي أيضاً ليست سلبية تماماً، وقد يتعاطف القارئ معها في الكثير من الأحيان، فأبطال القصص ليسوا أنماطاً موضوعة فوق الرفوف، ولكنهم يعيشون ويتحركون بإرادتهم، ويتلاطمون مع الحياة وأسبابها.. ولو تركهم الكاتب يفرضون هذه الإرادة، لوجد أن خزين اللاوعي يمرر للوعي مسارات جديدة غير التي خطط لها منذ البداية، فتصبح المعادلة بهذا الشكل: وعي الكاتب هو من اكتشف هذا الشخصية أو سماها ونماها، ولكنها ستستمد ألوانها وتغيراتها من تربة أخرى هي لا وعي الكاتب، إذ تكون هذه الشخصية قد تراكمت حولها الأفكار والصور، واكتملت بشكل منفصل عن وعي الكاتب. عالم افتراضي
* ما التقنيات التي اشتغلت عليها في هذا العمل؟ وبم اختلفت عن أعمالك السابقة؟
– كل كاتب هو مدرسة بشكل أو بآخر، وبصمته تظل ترافقه طوال عمره، لكن الأدوات المعرفية هي التي تتغير، وتفرض عليه تحديث خبراته الثقافية باستمرار، ولهذا كان هناك العالم الافتراضي حاضراً بقوة في هذه الرواية من خلال التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي المعروفة بالـ”سوشال ميديا”، التي لعبت دوراً في تشكيل بعض أحداث الرواية، وكعادتي استفدت كثيراً من بعض “الموتيفات” الشعبية البغدادية، ووظفتها في الرواية لتعريف المكان بشكل أدق وأصدق.
* بين جائزة باشراحيل عن روايتك (نبوءة فرعون) وجائزة كتارا، كيف تقرئين الجوائز العربية الآن، في الوقت الذي أصبح الكتاب يركضون في ماراثون للحصول عليها، وما الذي فعلته هذه الجوائز في الأدب العربي؟
– أخشى أن يعد البعض الجوائز وسيلة للكسب السريع، فيستعجل الكتابة من أجل هذا الهدف، دون أن يأخذ في حسبانه أنها تتويج لتاريخ الكاتب العربي، وجهده المضني لعقود من الزمان قد يعاني خلالها من شظف العيش، أو من ضعف الانتشار والتسويق، بمعنى أن هذه الجوائز تتوج مشروع الكاتب الأدبي، وتكرس اسمه الذي صنعته سنوات طويلة من التعب وشغف الاشتغال على هذا المشروع بدون كلل أو ملل، وبالتالي فأنا اعد الكتابة هي جائزتي الكبرى، أما الجوائز الأخرى فتمنحني المزيد من الإحساس بالجدوى، لأن عملي يكون قد تم تقويمه من قبل نقاد وناقدات على درجة كبيرة من الحس النقدي والمعرفي، وليست لديهم أهواء القارئ السطحي، أو ميول الناشر التجاري، الذي قد يجعل من بعض الروايات العابرة تحتل مراكز الصدارة في المبيعات، ولهذا تأتي مثل هذه الجوائز لتفي الكاتب بعض حقه بعد هذا المشوار الحافل بالأوجاع والمسرات. تهميش في الأدب والحياة
* منذ صدور مجموعتك القصصية الأولى (الشخص الثالث) وحتى روايتك الأخيرة، اختلفت توجهاتك ما بين القصة والرواية، إلى أي مدى تمكنت ميسلون هادي من تقديم المرأة الكاتبة؟ وهل يمكن أن نضع كل ما أنجزتيه في خانة الأدب النسوي؟
– الكتابة أصبحت توقيعاً أكثر من كونها “كوتات”. ولكن هذا التقسيم لا يزعجني بقدر انزعاجي من الاستخدام المغرض له من قبل ناقد أو قارئ عربي قد لا ينظر إلى الكاتبة أو إلى ما تكتبه مباشرة، وإنما ينظر إليها من خلال الخانة التي تنتمي إليها هذه الكاتبة ألا وهي الأدب النسوي، فهو أحياناً يتماهى مع المجتمع الذي يقوم على استصغار المرأة وتهميش قدراتها العقلية، وعدم النظر إليها مناوئاً أو نداً للرجل، الأمر الذي يجعل هذا النوع من المثقفين نادراً ما يذكر المرأة الكاتبة في سياق الحديث النوعي عن الأجيال والظواهر والاتجاهات الأدبية، ويكتفون بالإشارة إليها فقط، عندما يسألون عن رأيهم بالكاتبات من النساء فقط. في الحياة أيضاً قد يتم عزلها بطريقة مشابهة عندما يكون الموضوع المطروح للنقاش جاداً وكبيراً، ويكون للمرأة رأي نوعي طريف أو مهم، فإن الرجل لا يتقبل منها هذا الرأي بجدية، أو هو قد يشعر بالإحراج من تقبل المعلومة من المرأة حتى وإن كانت ذكية، وعلى جانب كبير من الثقافة وسعة الاطلاع.. وقد يتبنى الرجل هذا الرأي الذكي بينه وبين نفسه بعد حين، ولكنه لا يعلن ذلك أمامها إلا فيما ندر.. إذاً، كل هذا التمييز والانتقاص من قدرات المرأة العقلية قد يعطي المبررات الكافية لرفض مصطلح الأدب النسوي ومحاولة التمرد عليه كونه يكرس هذا النوع من العنصرية.