وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
ذاكرة المدارات: ناصرة السعدون
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً، في آذار 1967، بأول رواية قرأتها وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة جداً، مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “ذاكرة المدارات” (1989)، لناصرة السعدون، (واسط/1946).
ناصرة السعدون إحدى الروائيات العراقيات الرئيسات، إلى جانب سميرة المانع وميسلون هادي وعالية ممدوح وإبتسام عبد الله، ولطفية الدليمي، وأُخريات. هي مترجمة وروائية، ولديها خمس روايات آخرها “دوامة الرحيل” التي فازت بجائزة (كتارا) لعام 2016.
“وأبطالها في أوروبا، يكون الاسترجاع (الفلاش باك) إلى أيام مضت من عراق الخمسينيات وثورة تموز 1958، والستينيات وخلافات وصراعات ما بعد الثورة ما بين الشيوعيين والقوميين. فالهيمنة على هذا الاسترجاع والاسترجاعات عموماً، هو للسياسة ولمثل تلك الصراعات ما بين المجاميع والأحزاب والتيارات المختلفة، خصوصاً ما بين اليسار والشيوعيين من جهة والقوميين من جهة أخرى، وكما عبّرت عنها هتافات (وحدة عربية) و(اتحاد فدرالي). والجميل في هنا هو أن تقديم هذا كله يكون بوجهة نظر تقترب من أن تكون حيادية كون البطلة بعيدة عن تلك الصراعات زماناً ومكاناً، الأمر الذي جنّب التعامل معها من الانفعال والمعالجة الانفعالية غير الملائمة للكتابة الروائية، مما يقع فيه بعض الروائيين أحياناً.” من الملف الخاص بالرواية، ضمن ملفّاتي الشخصية عن الروايات المقروءة.
“هدأ قتال الشوارع بعد أن دام أياماً، وبدأت حملات الاعتقال الواسعة. ونقل التلفزيون إلى بيوتنا سلسلة اعترافات وإعلانات البراءة. ذهب وفد رسمي وشعبي إلى القاهرة ليفاوض على موعد إعلان الوحدة. وعاد الوفد ولم تعلن الوحدة.” من رواية “ذاكرة المدارات”، ناصرة السعدون، ص174.