عن رواية قبل أن يحلّق الباشق

وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها


قبل أن يحلق الباشق: عبد الخالق الركابي
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “قبل أن يحلّق الباشق” (1990)، لعبد الخالق الركابي (واسط/ 1946).


لا خلاف حول أن عبد الخالق الركابي هو أحد أهم الروائيين العراقيين، ولاسيما خلال المدة الممتدة من العقد التاسع من القرن االسابق إلى الوقت الحاضر. حصل الركابي هذا العام على جائزة العويس الرفيعة، في مجال (القصة والرواية والمسرحية)، وهي الجائزة التي أعتبرُها شخصياً أرفع وأهم جائزة أدبية عربية، حتى وإنْ لم تكن الأعلى قيمةً ماديةً.


“تناوب ببن الرواية بضمي المتكلم، على لسان (مانع)، في فصول، والرواية بضمير الغائب في فصول أخرى، الأمر الذي يتيح للروائي فرصاً أغنى في التوغل في أعماق (عاصي) والاهتمام بانطباعاته ورؤاه المهمة، كونه الشخصية الرئيسة من جهة، وفي الرصد ومتابعة الأمور والأحداث بحيادية حين يتكمن الراوي من الحضور في كل زمان ومكان من جهة أخرى.” من الملف الخاص بالرواية، ضمن ملفّاتي الشخصية عن الروايات المقروءة.


“وعاودته تلك الفكرة القديمة التي ما انفكّت تراوده منذ يوم جمع (التكاليف الحربية) قبل سنوات وهي أنه في حمى محاولاته المرتجلة والسريعة لإضفاء قيم الحضارة على بلدته، غفل جوهر المسألة المتمثلة بالإنسان.. الإنسان الذي دونه تبقى هذه البيوت بشناشيلها وزخارفها مجرد حيطان وأخشاب وآجرات ستندثر يوماً ما إن لم يتعهدها الإنسان برعايته واهتمامه، ويتغدو مجرد أطلال تنمو عليها النباتات الشائكة مثلما حدث لإناس سبقوهم في سكن هذه البقعة منذ آلاف السنين، وفُنوا في آخر الأمر ليستحيل عمرانهم إلى مجرد تلال آثارية متوزعة هنا وهناك.”” من رواية “قبل أن يحلّق الباشق”، لعبد الخالق الركابي، ص484.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

عن رواية الضفة الثالثة

وقفات قصيرة جداًعند روايات قرأتها الضفة الثالثة: أسعد محمد عليبعد خمسة عقود من العيش وسط …