وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
خاتم الرمل: فؤاد التكرلي
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بـأول رواية، في آذار 1967، وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ نشر سلسلة وقفات قصيرة، على حسابي في الفيس بوك، مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو من ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات، وهي وفقات بسيطة ولا يمكن أن أدّعي أنها نقدية، خصوصاً أن بعضها قد يعود إلى منتصف السبعينيات حين كنت لما أزل في بداية العشرينيات من عمري. وستكون غالبية وقفاتي وليست جميعها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “خاتم الرمل” (1995)، لعبد الخالق الركابي (1908/ 1928).
فؤاد التكرلي هو بحق عملاق الرواية العراقية، وأحد عمالقة الرواية العربية. له دور كبير في تطور كلا القصة القصيرة والرواية العراقيتين، بدءاً بأوائل خمسينيات القرن الماضي وحتى وفاته عام 2008. لعل أهم أعماله “الوجه الآخر” قصة طويلة ومجموعة قصصية، و”الرجع البعيد”، و”المسرات والأوجاع”.
“في رواية ” خاتم الرمل” يأتي بطلها (هاشم) بما يبدو أنها أفعال يريد أن يتحرر بها من الارتباط بالمكان والزمان والناس. فهل هو سعي الإنسان للتحرر من الارتباط الذي يجد نفسه فيه بالناس أو المكان أو الحالة.. وفي النتيجة بالمصير الذي يحسه ينقاد إليه عبر ارتباطه هذا.. وربما من هنا هو يرفض الارتباط بالآخر أو التسليم بما يفرضه حتى وإن بدا ظاهرياً معقولاً؟ (…) يبدو لنا هذا هو فعلاً ما تعبر عنه الرواية ومن خلفها التكرلي، وهو الارتباط الوجودي الذي يعبر عنه فعلاً بطل الرواية (هاشم)، ولكن دون تسليم الكاتب في هذا للبطل الوجودي كما نعرفه عند سارتر أو كافكا أو كامو.” من دراستي عن الرواية في كتاب “هذا الجانب من مكان صاخب.
” إذ أن البطل: “مارس العمل منذ كان صغيراً يجرجر أذيال ثوبه في الوحل، فحالما أصبح بإمكانه سحب خروف من أذنيه أصبح العمل مرادفاً لطفولته الصاخبة (…) صباح كل يوم يلبس ثوبه الصوفي السميك ويدس ذراعيه في كمي القمصلة العسكرية الواسعة التي كانت هدية أحد أبناء عمومته البعيدين فيبدو مثل طائر كبير مهشم الجناحين. ويملأ جيوب القمصلة العديدة بحفنات من التمر الجاف وقطع من الخبز البارد السميك.” من رواية “خاتم الرمل”، لفؤاد التكرلي.