وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
ضياع بنت البراق: جاسم الهاشمي
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً، في آذار 1967، بأول رواية قرأتها وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة جداً، مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “ضياع بنت البراق” (1976)، لجاسم الهاشمي (؟).
ما عُرف جاسم الهاشمي ضمن الروائيين العراقيين، أو في تأريخ الرواية العراقية، إلا من خلال إحدى روايتين له وهي روايته الأولى “أم أيشن”، وتحديداً بعد حماسة الدكتور علي جواد الطاهر لها.
إلى جانب اضطراب لغة الرواية، والكثرة غير المسبوقة في الأخطاء اللغوية والنحوية، هناك”اضطرب الأداء السردي والمعمار الفني وتقنيات العمل، فكان اختلال اعتماد الراوي العليم، والتنقل الكيفي بين الأحداث ومواقعها، وانعدام التوازن بين فصول الرواية وشخصياتها ومراحل تطورها، والإطالات المرهقة في ما هو خارج الخط الرئيس للأحداث مما لا يخدم هذا الخط وبالتالي لا يخدم العمل. نقول كل هذا ونحن لا نعدم ملامح التمكن التي كادت تضيع وسط ركام الخروجات والتجاوزات التي زاد منها تعال واعتداد غير متوازنين.”، وهنا نعتقد أن من قتل هذا الكاتب، في هذه الرواية، ليكون روائياً متميزاً، هو أستاذنا الكبير الدكتور علي جواد الطاهر حين تحمس بشكل غير عادي، وبرأيي غير موضوعي، له في روايته الأولى “أم إيشن”- 1984، في وقت كان الكاتب، برأيي بحاجة إلى توجيه. من موضوعي المنشور عن الرواية.
“شاهد الهور العريض الممتد من طرف الأرض حتى طرفه الآخر والمكسو ظلاماً ونجوماً والساكن مياهاً تضم كل ذلك في حناياها.. شاهد الهور. الزورق يمر وهو يدفع بصدره أعواد البردي فتخشخش له وتروط وتدعدغ خدود السائق وتربتً بطراوة على هامته وهو يخترقها موجّهاً الزورق كأن في رأساً جهازاً يُملي عليه أين يوجّه بينما كانت يده منعزلة عن بقية جسده تعمل لوحدها تضرب المياه يميناً وشمالاً تسهّل انزلاق الزورق فوق سطح الماء.” من رواية “ضياع بنت البراق”، لجاسم الهاشمي.