عن رواية الجريمة والعقاب

وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها


الجريمة والعقاب: فيدور ديستويفسكي
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “الجريمة والعقاب” (1866)، للروائي الروسي فيدور دستويفسكي (موسكو/ 1821-1861).


“هي رواية الإنسان والعذاب والوجود، والتمزق خصوصاً حين يقلق هذا الإنسان من أمر، أو يقوم بأمر ما هو ليس مسلّماً به، ولا يستوي مع الطبيعة البشرية، أو على الأقل مع ما تعوّده أو تربّى عليه أو ألِفه أو انزرع في داخله، كما في داخل كل إنسان، من عُرف وقيمة بل طبيعة بشرية مفترضة، ليكون هذا الذي يفعله خروجاً على ذلك كله، حتى وإنْ كان هو نفسه مقتنعاً به، فكيف إذا كان هذا الخروج هو انتزاع روح إنسان آخر؟.. كل ذلك حين تحضر الطبيعة البشرية، وتحضر الجينات البشرية الموجودة وجود البشر لتلعب لعبتها مع دواخل الإنسان، وتحضر القيم وما ألِفه في مجتمعه، والأهم حين يصل هذا الإنسان إلى عدم التصالح مع الذات في ضوء ما فعله. وكل ذلك، في الرواية، في ضوء قيام بطل الرواية ( ؟ ) بقتل عجوز مرابية، ربما هي، من وجهة نظر معينة، تستحق ما نالته، لكن قتلها على يده يبقى مما ليس له أي حق فيه، وهكذا يكون العذاب الي يطاره بشكل نخزات الذات داخلياً من جهة، ورؤيته للمحقق الذي يبقى يطارده بتواجده أمامه فقط، كونه يعرف أن ( ؟ ) هو القاتل ولكنه لا يمتلك الدليل.. ولذا لن يكون الانفراج و(الراحة)، ويا للسخرية والمفارقة، إلا بالاعتراف وتسليم نفسه. من الملف الخاص عن الرواية، ضمن ملفاتي الشخصية عن الروايات المقروءة.


“لم يبق في وقت راسكولنيكوف متّسع للحطة يضيّعها. وها هو ذا يُخرج الفأس، ويُشهرها بكلتا يديه، ويُسقطها على رأس العجوز وهو لا يكاد يعي ماذا يعمل، ولا يكادي يبذلك جهداً، حتى لتوشك أن تكون الحركة التي قام بها حركة آلية. لقد تمّت هذه الحركة كما لو من تلقاء نفسها ودون أن تتدخل فيها قواه، ولكنه ما أنْ أسقط الفأس حتى عادت إليه قواه”. من رواية “الجريمة والعقاب”، لفيدور دستويفسكي.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

عن رواية الضفة الثالثة

وقفات قصيرة جداًعند روايات قرأتها الضفة الثالثة: أسعد محمد عليبعد خمسة عقود من العيش وسط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *