وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
زيطة وسعدان: محمود سعيد
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً، في آذار 1967، بأول رواية قرأتها وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة جداً، مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “زيطة وسعدان” (2008)، ضمن “ثلاثية شيكاغو” لمحمود سعيد (الموصل/ 1939).
محمود سعيد هو الروائي الأكثر إنتاجاً في تأريخ الرواية العراقية، إذ تخطّى عدد رواياته العشرين، إذا ما استثنينا شاكر خصباك الذي سمعنا فقط برواياته الصادر معظمها في اليمن التي تخطّت هي الأخرى العشرين رواية، لكننا لم نرها. لعل أشهر روايات سعيد “زنقة بن بركة”- 1985، و”ثلاثية شيكاغو” التي نتوقف هنا عند الرواية الثالثة منها.
“بهذه الرواية الثالثة من (ثلاثية شيكاغو)، يترسّخ عندي أن الروايات الثلاث تقدم فكرتين أو موضوعتين رئيستين، الأولى وضع المغتربين العرب، ولاسيما العراقيين في الغرب ممثَّلاً تحديداً بأمريكا، بمشاكلهم وهمومهم ومواقفهم من الآخر، وما إلى ذلك، ولكن مع محدودية التعمّق في أعماق قضاياهم تلك ومشاكلهم ومعاناتهم وأزماتهم وما يمكن أن يعنيه أو يدل عليه ذلك كله. الثانية هي الغرب، وهنا بالرغم من الاشتغال الفني والسردي الواضح في تقديم هذا الغرب في روايات الكاتب الثلاث، فإن هذا التقديم يبقى عندنا كما يريده هو وليس كما يبدو موضوعياً أو حتى في نظرة عراقيي الرواية وعربها عموماً، مما نتوقع أن نراه في الحدث المقنع أو المشهد المقنع، أو لنقل الحالة المقنعة.” من الملف الخاص بالرواية، ضمن ملفّاتي الشخصية عن الروايات المقروءة.
“أشارتْ الي زهرتين صغيرتين حمراوين ناريتين فاتنتين محاطتين بأشواك بيض ذوات لمعان يتألق كفسفور حليبي متفرد جميل جداً، تلاصق كلا منهما زهرة صغيرة وردية شفافة هشة من دون شك. همست وهي تشير إلى شوك الوردة الحمراء النارية وكأنها تخشي كلماتها: لا تلمسه انه سام (…) ابتسمت أشارت الى إحداهما: هذه زهرة الحب المقدس عندنا. سأهديك واحدة.” من رواية “زيطة وسعدان”، لمحمود سعيد، ص68.