وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
اللعبة: يوسف الصائغ
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “اللعبة” (1970)، للشاعر الكبير يوسف الصائغ (الموصل/ 1933-2006).
يوسف الصائغ شاعر كبير، وهو أحد أهم شعراء الجيل التالي لجيل الرواد في الشعر العراقي والعربي الحديث، بعد السياب ونازك والبياتي وعبد الصبور وبلند الحيدري، إلى جانب عبد الرزاق عبد الواحد وسامي مهدي وآخرين. لكنه كتب الرواية، وله اثنتان هما (اللعبة) و(المسافة) وأعمال أخرى سير روائية.
“زوج يبدأ لعبة يحاول فيها أن يمازح زوجته فيتصل بها هاتفياً وهو يتظاهر، بتغيير صوته، بالتحرش بها. وبعد أن تغلق زوجته الخط بوجهه يجد نفسه منجراً إلى الاستمرار في مداعباته لتتطور مداعبته بعد ذلك إلى لعبة خطيرة تهز مسار حياتهما الزوجية. وبغض النظر عما أراد الكاتب أن يقوله من خلال روايته، ,إذ يبدو ذلك مقنعاً في غالبه، فإنه يقترب في أحداثه، من جهة أخرى، إلى أن يكون طرفة. ومع أن الرواية لم تحقق فنّاً ما يمكن أن يكون تميزاً، فإنها بشكل عام تحقق نجاحاً واضحاً قياساً إلى واقع الرواية في العراق”. من كتابي “الرواية في العراق 1965-1980 وتأثير الرواية الأمريكية فيها”.
“إنما ثمة شيء من ضيق لا يفهمه أحياناً، بل يحسّه كلما استوعب في حادثة ما، شخصية (غادة) حتى يُخيل إليه حينذاك، أنها أقوى منه، أكثر صلابةً وتماسكاً.. الأمر الذي يدفعه أحياناً للإحساس بالتخلف، فيروح يكذب في نفسه بأنه ليس أهلاً لها، أو أن حبها له يمكن أن ينطفئ، أو أن الحياة يمكن أن تقدّم- ذات صدفة- لغادة رجلاً أكثر رونقاً وتألقاً من هذا الذي ارتضته لها زوجاً”. من رواية “اللعبة” ليوسف الصائغ، ص12.