عن رواية مملكة الفراشة

وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها


مملكة الفراشة: واسيني الأعرج
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “مملكة الفراشة” (2013)، للروائي الجزائري واسيني الأعرج (تلمسان/ 1954).


واسيني الأعرج هو أحد أهمّ الروائيين الجزائريين المعاصرين، وقد يتقدم عليهم جميعاً من حيث غزار الانتاج زسعة الانتشار بين القراء العرب وسعة الاهتمام النقدي العربي به. وهو حاصل على جوائز كبيرة عديدة، جزائرية وعربية وعالمية. له مما يقارب الثلاثين رواية منها: رماد الشرق، ومملكة الفراشة، ونساء كازانوفا، وحارسة الظلال، والليلة السابعة بعد الألف، وسيدة المقام…


“إذا كانت الجزائر قد شهدت ما تُسمّى بالعشرية السوداء وهي العقد العاشر من القرن الماضي الذي شهد حرباً أهلية وأعمال عنف كادت تأكل الأخضر واليابس، فإن العراق قد مر ولا يزال بما يشبه ذالك، عدا أنه أكثر سوداوية ومأساوية وعنفاً ودماً، خلال المدة الممتدة من الاحتلال الأمريكي الغربي للعراق عام 2003 إلى الوقت الحاضر. وإذا ما استوحى واسيني الأعرج روايته “مملكة الفراشة”، وبالتأكيد هناك غيره، من عشرية الجزائر السوداء وما تلاها، فإن العديد من الروائيين العراقيين قد استوحوا العشرات من الروايات، من (عشرية العراق السوداء)- إذا جاز لنا أن نستعير هذا المصطلح- الأمر الذي يجب أن يجعلنا لا نستغرب، في النتيجة، أن تلتقي بعض الروايات الجزائرية، ومنها رواية الأعرج، مع روايات عراقية عديدة، وهو تماماً ما رصدنا بعضه في روايته إذ هي تذكّرنا بروايات روائيين عراقيين عديدين منهم ميسلون هادي، وفؤاد التكرلي، وأحمد سعداوي، وزهير الهيتي، ولطفية الدليمي، وسنان أنطون وغيرهم” من دراستنا المنشور “تناغم الفن والموضوع في رواية (مملكة الفراشة) لواسيني الأعرج”.


“الحلم كان دائماً منقذي، أعيش به عندما تنغلق في وجهي كل الأبواب القاسية. أُحاول أحياناً أن أُطيل في عمر الحلم وأقصّر من الكوابيس في لحظة غفوة تقع ما بين النوم واليقظة، ولكنّ الأمر لا يخضع دائماً لإرادتي ولمزاجي. أنجح قليلاً، وأخفق في أغلب الحالات. …
“”لكن ألم تكن أمي محقّة عندما نصحتني بالابتعاد عن وهم فاوست.

“- أنتِ أسوء منّي ياما حبيبتي. تحبين صورة. مجرد صورة لا طعم لها ولا عطر.
“- أحب رجلاً بطوله وعرضه يا يمّا.
“- لا طول ولا عرض له. صورة ملصقة في ذهنك، وأنتِ من يعطيها كل أبعادها. مجرد وَهْم… في رأسك. اليقين الوحيد هو أنه رجل الغياب لا أكثر. ظل لون. ولا شيء آخر.
“بيني وبين نفس أُعطيها حق. حقيقة كان فاوست رجل الغياب لا أكثر”. من رواية “مملكة الفراشة” لواسيني الأعرج، ص319-321.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

عن رواية الضفة الثالثة

وقفات قصيرة جداًعند روايات قرأتها الضفة الثالثة: أسعد محمد عليبعد خمسة عقود من العيش وسط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *