ميسلون هادي والدكتور نجم عبدالله كاظم موقع الكاتبة العراقية ميسلون هادي و الدكتور نجم عبدالله كاظم
وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
جحيم الراهب: شاكر نوري
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “جحيم الراهب” (1914)، لشاكر نوري (ديالى).
شاكر نوري أحد روائيي نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين في العراق، فأول رواية له “نزوة الموتى” صدرت عام 1991، ليواصل الكاتب بعد ذلك إصدار رواياته التي بلغت العشر، وآخرها “خاتون بغداد” التي فازت بجائزة كتارا للرواية في دورتها الأخيرة.
تنطلق الرواية، بشكل مباشَر وغير مباشر، من هجرة الآباء الآشوريين من العراق إلى لبنان واستقرار بعضهم في زحلة. الراوي يروي عن بعضهم، حقيقيين أو متخيّلين، وهو، المسلم، في دير كنيسة مشيّدة على صخرة عالية، ويُقيم فيها مجموعة من الآباء والأخوات يتعلّقون به، أي الدير، بوصفه، كما يقول الراوي “الحصن الأخير لهم في مواجهة الأرثودكسية التي أرادت بوسائل شتى أن تهدّم أركان كنيستهم”. وواضح أن الروائي يختار بجرأة تُحسب له موضوعاً حساساً ودقيقاً وملغّماً بكل ما قد يرتدّ على من يتحرش به، ولكني أحس كأن الكاتب، ومع الاقتحام الجريء والجميل منه لهذا الموضوع غير الطيّع وبحِرفية ومعرفة مسبّقة واضحة له، لم ينتظر ما يكفي لـ(اكتمال) هذا الخطاب، الرواية، فينتهي منها قبل أن تحقّق هذا الاكتمال. من ملفّي الخاص عن الرواية.
“قبّلت يده على جرأته في اتخاذ قراره الحاسم. كنت فرحاً وحزيناً في الوقت نفسه على مغادرة هذا المكان الذي تآلفتْ روحي معه، مع الآباء الآشوريين: الأب جوزيف، وتلميذه سامر، واليهودي المقدسيّ، من أصل عراقي، الأب إلياس، الذي غادر القدس، قائلاً لسطانه: لقد حوّلتم كلمات يسوع طلقات رصاص، ثم الأخت سيسيل، الأسطورة الآشورية، سليلة الكهنة القدامى، والتي أصبحت راهبة من دون أن تدري”. من رواية “جحيم الراهب، لشاكر نوري. ص38
