عن رواية لماذا تكرهين ريمارك؟، محمد علوان جبر

وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها


لماذا تكرهين ريمارك؟: محمد علوان جبر
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، عام 1967، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وهي وفقات بسيطة ولا أدّعي أنها نقدية، خصوصاً أن بعضها قد يعود إلى بداية العشرينيات من عمري، وغالبيتها وليست كلّها ستكون عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “ذاكرة أرانجا” (2018)، لمحمد علوان جبر (كركوك/ 1952-2020).


محمد علوان جبر من القاصين المجتهدين كونهم يعملون بصبر وروية وإيقاع منتظم، وهو ما تعكسه مجاميعه القصصة الأربع. وضمن هذا يأتي اشتغاله على الرواية، وإذا لم يظهر هذا الذي نقوله واضحاً في روايته الأولى “ذاكرة أرانجا”- 2012، فإنه بالتأكيد حاضر في روايته الثانية التي نتوقف عندها هنا.


“إذا ما قال إمبرتو إيكو، وانطلاقاً من رؤيته للذاكرة الإنسانية، (أعتبرُ كل رواية هي سيرة ذاتية. حينما نبتكر شخصية روائية، فنحن بشكل ما نسبغ عليها بعضاً من حياتنا الخاصة)، فأحس، وبصراحة لا أدري لماذا؟، أن رواية (لماذا تكرهين ريمارك) تجسّد ذلك، إذ كأني بمحمد علوان جبر يمنحها روحاً إذ يجعل الذاكرة هي الكاتبة لها، ونحن نعرف أن إيكو قد قال أيضاً (إن الذاكرة هي الروح). يصب جبر محمول ذاكرته الموجوعة بشجن أضفى على الرواية، إلى جانب الوجع الذي ينتقل منها إلى القارئ، جمالية خاصة، لأنه استثمر، وهو يفعل ذلك، الانفعال الذاتي فليكون هذا الشجن من جهة، وتجنّب فيض هذا الانفعال إلى أكثر من ذلك مما يمكن أن يعرّض أي رواية إلى الغرق في ما لا يتناسب مع هذا الفن من جهة أخرى. من الملف الخاص بالرواية، من ملفاتي عن الروايات المقروءة


“حينها طلب منه أن يدبّر له جواز سفر، بأي ثمن، فصرختْ هلعاً (برهان!).. وبينما ضحك صديقه، على هلع صرختها، كان هو قد اكتفى بالصمت محدّقاً فيها.. بدأتْ التجاعيد تحفر آثارها على وجهها، ونفرتْ بضع خصلات من جبينها، وهزل جسمها كثيراً، بعد نكبتها بزوجها: لقد اختفى ذات يوم تحت ظرف غامض.. لم يصلها أي خبر عنه منذ ذلك اليوم.. بعده ببضعة أشهر عادت إلى بيت أهلها ناذرةً نفسها لهم!”- ص17، من رواية “لماذا تكرهين ريمارك؟”، لمحمد علوان جبرز

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

عن رواية الضفة الثالثة

وقفات قصيرة جداًعند روايات قرأتها الضفة الثالثة: أسعد محمد عليبعد خمسة عقود من العيش وسط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *