عن رواية مجنونان

وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
مجنونان: عبد الحق فاضل
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، عام 1967، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وهي وفقات بسيطة ولا أدّعي أنها نقدية، خصوصاً أن بعضها قد يعود إلى بداية العشرينيات من عمري، وغالبيتها وليست كلّها ستكون عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “مجنونان” (1939)، لعبد الحق فاضل(الموصل/ 1911-1992).


عبد الحق فاضل هو أحد أعلام الأدب واللغة في عراق القرن العشرين. وهو أحد كتّاب القصة القصيرة المتميزين في النصف الأول من القرن العشرين، ولكنه كتب أيضاً “مجنونان” التي عُدّت إحدى أبرز المحاولات الروائية التي سبقت نشأة الرواية الفنية العراقية عام 1966. خسرته القصة والرواية العراقيتان حين غادرهما إلى اللغة والدراسات اللغوية.


استطاع عبد الحق فاضل تجاوز كل من سبقه، “من خلال ما حققه في (مجنونان) من إتقان للفن ووعي لحرفياته مع سيطرة شبه تامة على العالم الروائي. ويبدو أن وراء هذا قد كانت قراءات متواصلة للآداب الأجنبية والعربية الحديثة، مما تبع ذلك استيعاب واع لطبيعة الفنون القصصية… الأمر الذي مكّنه من التألق مسجلاً سبقاً غير اعتيادي في مسيرة الرواية. ويكفي أن نقول، في هذا، إن “مجنونان” هي أفضل عمل روائي أو قصصي طويل عراقي خلال أربعة عقود (من النشأة إلى منتصف الستينيات)، وإنها ما زالت تحتل مكانة في تاريخ الرواية العراقية”. من كتابي “التجربة الروائية في القرن العشرين”.


“وأغرورقت عيناها بالدموع، فأشاح صداق بوجهه عنها متجاهلاً. وكانت تميل برأسها إلى كتفه شيئاً فشيئاً، فقام وشرع يتمشى في الغرفة، ثم عاد إلى مجلسه منها ووضع يده بلطف على منكبها وقال في رقة:
“- كم يؤلمني ما تقولينه يا سميرة، وكم أتمنى لو أستطيع أن أخفف عنك.
“- تستطيع يا صادق، تستطيع أن تعيدني إلى الحياة، كما استطعتَ أن تهلكني. ارحمني.. لم يبق في يدي حيلة.. إني أموت.
“وألقت نفسها عليه، وخبأت رأسها في صدره وأجهشت بالبكاء”. من رواية “مجنونان”، لعبد الحق فاضل، ص372.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

عن رواية الضفة الثالثة

وقفات قصيرة جداًعند روايات قرأتها الضفة الثالثة: أسعد محمد عليبعد خمسة عقود من العيش وسط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *