عن رواية مدينة الصور

وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها


مدينة الصور: لؤي حمزة عباس
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، عام 1967، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وهي وفقات بسيطة ولا أدّعي أنها نقدية، خصوصاً أن بعضها قد يعود إلى بداية العشرينيات من عمري، وغالبيتها وليست كلّها ستكون عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “مدينة الصور” (2005)، للؤي حمزة عباس (البصرة/ 1965).


لؤي حمزة عباس في الأًل أكاديمي وقاص، وهو أحد من اشتركوا في رسم صورة القصة القصيرة العراقية خلال ما أسميها فترة نهاية قرن وبداية قرن جديد، لكنه كتب ونشر أربع روايات، لعل الرواية التي نتوقف عندها هنا هي أهمها.


“ولأن هذه الأحداث التي وقع بعضها ولم يقع بعضها الآخر، على حد إشارة المؤلف، ولأنها بُنيت على صور تلك الأحداث وشخصياتها، نقول نحن: هي عبارة عن ألبوم صور لأناس رحل منهم ومن رحل وبقي من بقي، آلة تصويرها وعي الكاتب، وجهاز تظهيرها كلماته وأسلوبه العذب، وترتيبها وتصفحهها جاء من خلال راويه غالباً الذي قدمها لنا وكأنها أمانة بين يديه ليبقى أصحابها صوراً، وهي الأمانة التي يبدو وكأنها قد منعته من استبعاد بعضها مما لا يضيف إلى الصورة الشاملة التي يقدمها الألبوم شيئاً.. ومع هذا هو كان ألبوماً جميلاً”. من دراستي عن الرواية.


“بعد أن ترك السائقُ المعقلَ وراءه ليمضي في المساحات الرملية المعتمة لمح شبحاً بعيداً يلوح أمام القطار، كما لو كان يركض بين قضبان السكة… حدق ملياً أمامه لكنه لم ير شيئاً. في رمشة جفن تراءى له أن القطار صدم شيئاً ما صدمة خفيفة عارضة. في محطة الشعيبة شبه الفارغة قبل أن يتوجه لمكتب الناظر ألقى نظرة سريعة على مقدمة القطار. كانت نظيفة كما خرج بها من محطة المعقل… بعد تلك الليلة لم ير أحدٌ ونّاس.. لا داخل المحطة ولا خارجها، لكن سواق قطار المعقل الصاعد إلى بغداد ظلوا يُحسون صدمة خفيفة تتكرر أول الليل على مقدمة القطار قبل الوصول إلى الشعيبة”. من رواية “مدينة الصور”، للؤي حمزة عباس.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

عن رواية الضفة الثالثة

وقفات قصيرة جداًعند روايات قرأتها الضفة الثالثة: أسعد محمد عليبعد خمسة عقود من العيش وسط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *