وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
يا مريم: سنان أنطون
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، عام 1967، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وهي وفقات بسيطة ولا أدّعي أنها نقدية، خصوصاً أن بعضها قد يعود إلى بداية العشرينيات من عمري، وغالبيتها وليست كلّها ستكون عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “يا مريم” (2012)، لسنان أنطون (بغداد/ 1967).
سنان أنطون أحد أكثر الروائيين العراقيين الذين ظهروا في القرن الواحد عشرين بروايته “إعجام” عام 2004، واحتلوا سريعاً مكانة غير عادية في واقع الرواية العراقية. له، إضافة روايته الأولى روايات “وحدها شجرة الرمان”، و”يا مريم”، و”فهرس”.
مع أنها، أحداثاً وموضوعاً وربما قضية، هي عن أوضاع مسيحيي العراق في سنوات ما بعد عام 2003 السوداء، أو حتى في تاريخ العراق الحديث بشكل عام، أوضاعهم ومعاناتهم واستهداف الإرهاب لهم وتهجيرهم، فإن رواية “يا مريم”، من وجهة نظري، هي عن مأساة العراق في ظل الإرهاب والحقد والكراهية وضياع القيم والمحبة والرغبة في التعايش، ولكنها المأساة التي لم تُزل من قلوب عراقيين، على اختلاف انتماءاتهم الفرعية، الانتماء العراقي ومحبة الآخر التي هي ضاربة عميقاً في الذاكرة العراقية والشخصية العراقية. من ملاحظاتنا الخاصة عن رواية “يا مريم”، لسنان أنطون.
“توزعت بقية الصور فوق التلفزيون وعلى بعض جدران البيت. وهناك غيرها مئات من الصور في الألبومات وفي مظاريف وأكياس في غرفة النوم الثالثة في الطابق الأرضي، الغرفة التي تحولت بمرور الزمن إلى مخزن، خصوصاً في أواخر التسعينيات وبعد 2003. فكل من كان قد قرر الهجرة من الأقارب كان يبيع ما يمكن بيعه ويحمل معه ما تيّسر، ثم يترك بعض الحقائب والحاجيات في بيت العائلة على أمل إرسالها في المستقبل بطريقة ما. لكن الحقائب والصناديق تراكمت وعلاها الغبار وما زالت تنتظر من يعود ليحملها إلى بيوتها الجديدة بعيداً عن بغداد”. من رواية “يا مريم”، لسنان أنطون، ص61.