عن رواية السفينة

وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها


السفينة: جبرا إبراهيم جبرا
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، عام 1967، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وهي وفقات بسيطة ولا أدّعي أنها نقدية، خصوصاً أن بعضها قد يعود إلى بداية العشرينيات من عمري، وغالبيتها وليست كلّها ستكون عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “السفينة” (1970)، لجبرا إبراهيم جبرا (بيت لحم/ 1920-1974).


لعل جبرا أكثر كاتب لا نحتاج إلى التعريف به، كونه علماً كبيراً ومثقّفاً مؤثراً في أجيال من المثقفين العرب، وقد توزّع نشاطه الإبداعي على الشعر، والرواية، القصة القصيرة، والفن التشكيلي، والترجمة، والنقد الأدبي، والنقد الثقافية، والعمل الأكاديمي. أشهر وأهم رواياته “صيادون في شارع ضيق”، و”السفينة”.


“جبرا هنا يعزل أبطاله عن العالم بوضعهم في هذا المكان المحدود- السفينة- وسط كون واسع- البحر. وهو في هذا يسعى إلى استبعاد أي مؤثر مباشر حالي وآني فيهم عداهم ليكونوا في مواجهة بعضهم بعضاً من جهة، ومواجهة أنفسهم من جهة أخرى، بعد أن يكونوا قد فشلوا قبل، وبحدود متباينة، في مواجهة واقع مجتمعهم أو مجتمعاتهم. وبعضهم، على أية حال، يسترجع داخلياً هذا الواقع، عبر الاسترجاع الخارجي، وينجح في مواجهته عن بعد في محاولة للوصول إلى حل أو خلاص، أو، في الأقل، تحديد موقف منه.” من كتابي “الرواية في العراق 1965- 1980، وتأثير الرواية الأمريكية”


” “- هنا يا عصام بلغت أسطورتك حدّها، ثم تبددت. انكسر الطوق من حولك، وما عليك إلاّ أن تخطو فوق الحطام والردم– إلى حيث توجد حريتك.

“- في بغداد؟
“- نعم في بغداد. حريتك لن توجد إلاّ فيها. إنها لن توجد في الـ”هناك” الضبابي، الوهمي، المغري، في أوربا أو غيرها. هناك التلاشي في التفاهة. هناك الهزيمة الحقيقية. أتعلمين يا لمى أن عصام ادّعى أنه كان هارباً منك؟ أما أنا فأقول إنه كان هارباً من مدينته، من أرضه، وحريتُه لن تكون إلاّ في مدينته، في أرضه. أتسمع يا عصام؟ في أزقة بلدك، في بساتينه، في صحاريه، حريتك هي في أن ترفض الهرب، في أن تجابه…”- من رواية “السفينة، لجبرا إبراهيم جبرا، ص237.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

عن رواية الضفة الثالثة

وقفات قصيرة جداًعند روايات قرأتها الضفة الثالثة: أسعد محمد عليبعد خمسة عقود من العيش وسط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *