وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
الصخب والعنف: وليم فوكنر
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة شتى دارت فيها أحداث المئات من الروايات، عراقية وعربية وعالمية، التي قرأتها بدءاً بأول رواية أقرأها في حياتي، “الحمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، سنة 1966، وكنت حينها في الخامسة عشرة من عمري، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة جداً عند روايات مختارة منها، مستلةً من موضوعاتي المنشورة أو كتاباتي غير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات الخاصة عن الرواية التي قرأتها، حيث أتوقف كلَّ بضعة أيام عند رواية. وستكون غالبية وقفاتي عند روايات عراقية، ثم عند روايات عربية، وأحياناً عند روايات عالمية. وقفتي اليوم عند رواية “الصخب والعنف” (1928)، للروائي الأمريكي وليم فوكنر (نيو ألباني- المسيسبي/ 1897-1962).
هذه الرواية “أصبحت بعد صدورها بسنوات قليلة واحدة من أكثر الروايات انتشاراً وشعبية، ليس في أمريكا والبلدان الناطقة بالإنكليزية فحسب، بل في جميع أنحاء العالم. ومع أنها لم تُترجم إلى العربية إلا عام 1961، فإنها أحدثت صدى واسعاً، وسرعان ما أصبحت واحدة من أكثر الأعمال الروائية والقصصية شعبية ومقروئية، خصوصاً في أوساط المثقفين والمتعلمين العرب… إن فوكنر حين أراد أن يصوّر فساد الجنوب وانهياره، وهو قد فعل ذلك في أغلب أعماله، فإنه اتخذ لذلك، في رواية “الصخب والعنف”، عائلة جنوبية، هي عائلة (كومبسون) في طريقها إلى الانهيار والتمزّق بل الانتهاء لترمز، على الأقل عند البعض، إلى الجنوب ككل”. من كتابي “الرواية في العراق 1965-1980 وتأثير الرواية الأمريكية فيها”.
“عندها جعلتُ أبكي ولمستني يدها ثانية وجعلت أبكي ووجهي على قميصها ثم استلقت على ظهرها وانطلقت نظراتها بمحاذاة رأسي نحو السماء فرأيت مداراً من البياض تحت بؤبؤ عينيها وفتحت سكيني… ووضعت رأس سكيني على حنجرتها”. من رواية “الصخب والعنف”، لوليم فوكنر.