ألا توجد جائزة للقارئ الذهبي؟
ميسلون هادي
تزايدت في الآونة الأخيرة أسماء الجوائز الأدبية التي تقدمها المنظمات الثقافية للكتاب العرب، أو تنشئها المؤسسات المعنية بالتراث تكريماً لرموزها من الرواد أو المبدعين كجائزة الشيخ زايد والعويس وأبي القاسم الشابي، أو قد تعنى الجائزة بجنس أدبي معين كالرواية، كما هو الحال مع جائزتي بوكر ونجيب محفوظ اللتين تصبان في هذا الاتجاه من تكريم وتقييم الروائيين العرب.. ولكن المؤشرات كلها تدلنا، مع الأسف، إلى ضعف القراءة والإقبال على اقتناء الكتب بين المواطنين العرب، الأمر الذي يثير في نفوسنا التساؤل عن أحقية جانب القراءة بالاهتمام أكثر من جانب الكتابة، وحاجته إلى تأسيس الجوائز التشجعية بشكل أكبر من حاجة الكتابة لتلك الجوائز، لكي لا يصبح جمهور القراء ذات يوم أقل عدداً من جمهور الكتاب، فينتهي حال الكاتب مع كتابه مثل حال الطفل مع قميص جديد يفرح به ويعلقه سعيداً في خزانة الثياب الجديدة.
ومن هنا نجد من الضروري أن يصل جهد التأليف إلى هدفه من القراء والمتابعين عبر جسور غير تقليدية تصل الوادي بالوادي فلا ينعزل أحدهما عن الآخر تماماً، وهذا قد يتحقق باقتراح جائزة سنوية للقارئ الذهبي يتم إعلانها وفق معايير نقدية وجماهيرية وجهود إعداد طيبة ومبتكرة، وهو اقتراح مكمل لاقتراح سبق وأن أعلناه وتمنينا أن تتبناه قناة فضائية عربية ولا زلنا نتمنى ذلك.. كان ذلك الاقتراح يتلخص باستحداث برنامج تنافسي على غرار البرامج الفنية التي برزت خلال السنوات الأخيرة في الإعلام العربي، والتي تُعنى بالمواهب الفنية،الغنائية تحديداً، وتنظم لها المسابقات التشويقية التي اتخذت لها أسماء مختلفة، مثل: Albumو Super Star و The voiceو Arab idol و Star Academy وقد شجعت هذه البرامج على زيادة اهتمام قطاع الشباب والمراهقين بالفن وأهله وأخباره، ناهيك عن تحفيز هؤلاء الشباب للتقدم والمنافسة للوصول إلى النجومية وكسر حاجز الخوف، حتى عند من لا يفوز منهم.
إن الاهتمام بالجانب الفني في حياة الشباب قد فاق كل الحدود، فازدادت الجهات الإنتاجية والقنوات الفضائية التي تُعنى به، بينما كاد يضمحل الاهتمام بالجوانب الثقافية والفكرية في شخصيات أبنائنا وبناتنا وحياتهم. حيث أشارت إحصائيات معتمدة في هذا الصدد إلى أن نسبة جوانب التسلية في الفضائيات العربية قد بلغت 70% مقابل 5 ,2% فقط للجوانب الثقافية.
هذا الواقع القاتم تحديداً هو الذي دفعنا إلى اقتراح برنامج ثقافي يسعى إلى أن يكون جماهيرياً في اعتماده على مقومات الجذب والتشويق التي ارتبطت بهذا النوع من البرامج التنافسية، ولكن على أن يكون الجذب والتنافس، لا عبر الغناء والرقص واستثارة المواهب الفنية، بل عن طريق طرح أسئلة على المتبارين حول روايات عربية وأجنبية تختارها لجنة متخصصة وتصوغها وفق مخطط أولي يشرف عليه نقاد وروائيون. لقد كان العنوان المقترح لمثل هذا البرنامج هو (العهدة على الرواي)، واليوم أعيد هذا المقترح إلى الأذهان مشيرة إلى أن اختيار أو ترشيح الرواية لتكون موضوع برنامجنا الأدبي المقترح إنما يأتي استكمالاً للصورة التي غطت بعض الفضائيات جوانب أخرى من ملامحها، حين أطلقت برنامج (أمير الشعراء) أو (شاعر المليون) فحققت نجاحات غير هينة، كما أن أهم ما يسعى مثل هذا المشروع إلى تحقيقه في هذا المجال هو تشجيع الجيل الجديد للخروج والبحث عن الكتب والمجلات الثقافية، أو التعرف على أشهر الروايات العالمية العربية التي لم يسمعوا بها أو يعرفوها كما يجب، وبتوفير الإعداد الجيد والتقديم الأجود، وتخصيص جائزة كبيرة للقارئ الفائز، من الممكن أن تكون مثل هذه البرامج منافساً قوياً لبرامج المسابقات الفنية الأخرى التي تستحوذ على اهتمامات الشباب.
نسعى فعلاً إلى إنتاج أي مشروع فضائي أو تأسيس أي جائزة سنوية تدفع الشباب إلى جعل ارتياد مكتبات القراءة ومعارض الكتب ضمن اهتماماتهم، وإلى جعل عادة شراء الكتب تدخل من باب موارب او مفتوح إلى أبواب ميزانيتهم، خصوصاً وإن ثورات الربيع العربي لا زالت تكافح في الميادين، والشعارات بعيدة عن مرحلة التطبيق، مما يعني أن ظاهرة قلة القراءة، وهي الظاهرة شبه الدائمة في وطننا العربي من عقود، تكاد أن تصير مرضاً وعائقاً رئيساً ضمن عوائق النمو والتقدم في وطننا العربي الكبير.
شاهد أيضاً
الأحلام لا تتقاعد
لو أنَّ حدّاداً تعب وهجر مهنته أو نجّاراً شاخ فتوقف عن العمل أو محاسباً بارعاً …