«إن لم نمتلك حلما»
ميسلون هادي
العالم
قال العالم العبقري أرخميدس، مكتشف قـانون العتلة: «لو وجدتُ نقطة إرتكاز لرفعت الأرض بنفسي.»، ويقصد بذلك أنه لو وُجدت هناك خارج الأرض نقطة إرتكاز لعتلة ذات ذراعين، واحد (طويل للغاية)، ويمتد إلى أرض ثانية يقف عليها «أرخميدس»، ويضغط بيديه على ذلك الذراع ليجعله يؤثر على الذراع الآخر القصير المتصل بالكرة الأرضية فسوف يرفعها!
ومرت دهور طويلة جداً على اليوم الذي صرح فيه أرخميدس بتلك الكلمات، وجاء العلم الحـديث ليقول بمنطقية لا لبس فيها إنه «حتى إن وجدت نقطـةالارتكاز المفترضة تلك، فإن ارخميدس كـان سيضغط على طرف العتلة طول حياته دون أن يرفع الكرة الأرضية ولا قيد شعرة! وانه لأجل أن يرفع الأرض الى ارتفاع سنتمر واحد كان سيحتاج الى زمن قدره ثلاثون ألف بليون سنة!!! »
ويبدو الرقم البليـوني رهيباً ومعـه يقين العلم الحديث.. ولكن هل يقلل ذلك كله من قيمة تصريح «أرخميدس» قيد شعرة! لا قطعاً.. لأن «أرخميدس» لو لم يكن حالماً من هذا الطراز، لما اهتدى إلى قانون العتلة أساساً، وتخطى الواقع الأرضي المتعارف عليه بحلم يفوق حدود التصور البشري. والله وحده يعلم إلام كانت ستؤول الحياة على هذه الأرض لو لم تكن فيها أحلام من هذا النوع وحالمون من طراز «ارخميدس».
الشاعر
أرض الطفولة التي وعد بيتر بان «وندي» أنها لن تكبر فيها أبدا..
وسماء الصيف التي أخافته أمه أن يعد نجومها..
ومعلم الصف الذي حذرهم من السباحة في الشط..
وعين الشمس التي تلقفت سنه اللبني.
وخشخشة طائرة ورقية يسحبها الصبي من الأغصان المشتبكة.
ورجل يحمل صينية ملأى بشعر البنات…
وآخر يدفع عربة نفد ما فيها من مثلجات الـ.LICKSTICK
وعيدان الثقاب التي ما اكتمل عددها قط.
وأبطال السينما عنده من كـل صـورة اثنتـان متشابهتان إلا فريد الأطرش وكريكوري بيك..
ورهان قناني الكولا..
إذ تضيع خطوطه البيضاء تحت سائلها الفوار..
وطرزان متدلياً من غصن شجرة..
وانتظار الدور لقطع تذكرة في زحمة العيد..
ورائحة (العنبة والصمون)..
وشقشقة حفنات (الدعبل)..
وصرير منفاخ العجلة..
وأنين دولاب الهوا..
وجنون الأراجيح..
و«وكاحة» الأخوة الصغار..
وأقنعة من ورق..
وساعات عقاربها..
لن تسير..
و
و
و
هل لذلك كله وجود؟
يقول لنفسه الشاعر.
مجلة كل العرب. الثمانيات