الأنثوي، النسوي، النسائي النسخة المعتمدة


الأنثوي، النسوي، النسائي
Feminist, Female, Feminine

بقلم: توريل موي Toril Moi([1])
ترجمة: د. نجم عبدالله كاظم
ما معنى كلمة “أنثوي” feminist([2]) في “النقد الأدبي الأنثوي” feminist literary criticism؟. لقد استخدمت الناقدات الأنثويات([3]) خلال العقد السابق [النصف الثاني من الثمانينيات والنصف الأول من التسعينيات] مصطلحات “أنثوي” feminist و”نسوي” female و”نسائي” feminine([4]) بعدد كبير من الطرق المختلفة. وأحد أغراض هذه المقالة هو التنبيه إلى أن فهماً صحيحاً للاختلاف فيما بين هذه المصطلحات هو فقط الذي يمكن أن يقودنا فعلاً إلى معرفة ما هي القضايا النظرية والسياسية الحاسمة حقاً للنقد الأنثوي المعاصر. وبدايةً ساقترح أن نميّز ما بين “الأنثوية” feminism بوصفها موقفاً فكرياً، و”النسوية” femaleness بوصفها مسألةَ بايولوجيا biology، و”النسائية” femininity بوصفها مجموعة خصائص متحددة ثقافياً.
الأنثوي
إن كلمتَي “أنثوي” Feminist أو “أنثوية” Feminism تسميتان سياسيتان تعبّران عن دعم أهداف حركة النساء الجديدة التي ظهرت نهاية الستينيات [من القرن العشرين]. ومن ثم فإن “النقد الأنثوي” هو نوع معين من الخطاب السياسي: ممارسة نقدية ونظرية تلتزم النضال ضد الأبوية patriarchy([5]) والجنسوية sexism([6])، وليس ببساطة اهتماماً بالجندر gender [ما بين الجنسين] في الأدب، على الأقل ليس كذلك إذا ما قُدمت الثانية- الجنسوية- بوصفها ليست أكثر من مجرد مقاربة نقدية أخرى مشوقة توازي، مثلاً، صور البحر المجازية أو استعارات الحرب في الشعر القرونوسطي. ورأيي هو أن الناقدة الأنثوية تستطيع أن تستخدم أي مناهج أو نظريات تميل إليها، آخذين بنظر الاعتبار أن تكون متلائمة مع وجهة نظرها السياسية([7]). فهناك بالطبع رؤى سياسية مختلفة ضمن المعسكر الأنثوي. وقصدي هنا ليس أن أحاول توحيد أو جمع هذه الاختلافات مع بعضها البعض، بل ببساطة أن أؤكد على أن النقد والنظرية الأنثويين، اللذين يمكن تمييزهما، يجب أن يكونا، بطريقة ما، على صلة بدراسة علاقات السلطة الاجتماعية والمؤسساتية والشخصية بين الجنسين: ما دعته كيت ميلليت Kate Millett([8]) في دراستها العصرية السياسة الجنسية. وبالنسبة لميليت، فإن “روح أو ماهية أو جوهر السياسة هي السلطة”، ومهمة الناقدات والمنظّرات الأنثويات هي فضح الطريقة التي تُشكّل فيها الهيمنة الذكورية على الإناث (التي يشكل تعريفها البسيط والمتنوع الجوانب والاستعمالات لـ”الأبوية”) “ربما الأيديولوجية الأكثر تفشياً لثقافتنا، وتقدّم مفهومها الأكثر أصوليةً للسلطة”.
واستمراراً مع مقاربة ميليت السابقة، فإن الناقدات الأنثويات قد سيّسن مناهج نقدية قائمة (بنفس نوع الطريقة الذي اتبعته الماركسية)، وإنه لعلى هذا الأساس نما النقد الأنثوي ليكون فرعاً جديداً من الدراسات الأدبية. ولهذا، فإن الناقدات الأنثويات يجدن أنفسهن في وضع شبيه تقريباً بذلك الذي للنقاد الراديكاليين الآخرين: إنهن، وبالكلام من مواقعهن المهمشة على أطراف المؤسسة الأكاديمية، يناضلن ليجعلن سياسةَ ما يُسمى الأعمال “الحيادية” أو “الموضوعية” لزملائهن واضحةً، إضافة إلى التصرف كـناقدات ثقافيات بالمعنى الأوسع للكلمة. ومثل الاشتراكيين، تستطيع الناقدت الأنثويات بمعنى ما، تحمّل أن يكونن بمرونةٍ تعدديات [يؤمن بالتعددية] في اختيارهن للمناهج والنظريات النقدية، وذلك تحديداً لأن أي مقاربة يجب أن يكون مرحّباً بها، حين تكون مناسبة بشكل ناجح لأهدافهن السياسية.
هنا تبرز كلمة رئيسة، وهي الاعتماد (appropriation)([9]) من ناحية معنى التحول والتكييف الإبداعي. فبأخذ التشديد الأنثوي، على السلطة الأبوية المهيمنة وذات الطبيعة الانتشارية في التاريخ لحد الآن، بنظر الاعتبار، فإن على الناقدات الانثويات أن يكونن تعدديات: فليس هناك فضاء أنثوي أو نسوي خالص يمكن أن نتكلم انطلاقاً منه. فكل الأفكار، بما في ذلك الأفكار الأنثوية، هي بهذا المعنى “ملوثة” [إن صح التعبير] بالأيديولوجية الأبوية. وهكذا، ليس هناك من سبب لإخفاء حقيقة أن ميري وولستونكرافت Mary Wollstonecraft([10]) قد استلهمت أفكار الهيمنة الذكورية للثورة الفرنسية، أو أن سيمون دي بوفوار Simone de Beauvoir قد تأثرت بعمق بفئات سارتر الفحولية phallocentric حين كتبت الجنس الثاني The Second Sex. كما ليس ضرورياً أن نرفض الاعتراف بجهود جون ستيوارت ميلJohn Stuart Mill لتحليل اضطهاد النساء، لمجرد أنه ليبرالي ذكر. المهم هنا ليس أصول فكرة ما (فليس من أصل أو منشأ نقي)، بل هو الاستخدام الذي توضع له والتأثير الذي يمكن أن تحققه هذه الفكرة. وعليه، فما يهم، بقدر كبير، ليس ما إذا كانت نظرية بعينها قد صاغها رجل أو امرأة، بل ما إذا كانت تأثيراتها، في حالة معينة، تتميز بكونها جنسوية أو أنثوية.
وهكذا، وفي هذا السياق المحدد، فإن حقيقةَ أنْ ليس هناك تقاليد فكرية نسوية خالصة جاهزة للاستخدام ليست مسببة للأسى بالقدر الحقيقي الذي ربما كانت عليه فعلاً. المهم هو ما إذا كنّا قادرين على تحقيق تأثير يمكن تمييزه من خلال استخدامنا المحدد (الاعتماد) لمادة متوفرة أو موجودة. هذا التركيز على التحويل الوقائي لمواد مفكرين آخرين يكرر أو يعيد بسهولة، وبطريقة ما، ما يفعله دائماً المفكرون والكتاب الإبداعيون: ليس من أحد يفكر بشكل جيد في الفراغ، وليس من أي أحد أبداً يعيش في فراغ. ومع هذا، فإن الناقدات الأنثويات يتهمن المفكرين الرجال عادةً بـ”سرقة” أفكار النساء، كما يجعل أحدُ كتب ديل سبيندار Dale Spender العديدة هذا واضحاً، وهو نساء الأفكار وما فعله الرجال لهن Women of Ideas and What Men have done to them، على سبيل المثال. ولكن هل نستطيع أن نتهّم الرجال بـ”سرقة” أفكار النساء، إذا ما جادلنا بقوة في الوقت نفسه من أجل الاعتماد الأنثوي لأفكار “الجميع”؟. إن كتاب سبيندار يبحث قضايا الخيانة الفكرية الواضحة: رجال يقدّمون أفكار نساء على أنها أفكارهم هم بدون أي إقرار أو اعتراف باقتباساتهم، التي يجب أن يُنص عليها، لتشكيل نموذج للجهد الأبوي الواسع الانتشار لإسكات النساء. إن الناقدات الأنثويات، في اعتمادهن للفكر التقليدي، يناقشن بشكل واضح افتراضات وستراتيجيات المادة التي يردن أن يستخدمنها أو يحولنها: فلا يمكن أن يكون هناك من شك في التوصية باعتماد صامت لنظريات أخرى. (العديد من الناقدات الأنثويات يعارضن الرأي القائل بأن الأفكار يجب أن تعتبر ملكاً شخصياً لأي شخص. ومع أنني أتفق مع هذه الرأي، يبقى مهماً انتقاد تقديم الحوافز المستلمة أو المأخوذة من آخرين “بوصفها خاصة بشخص ما”: هذه الممارسة يمكن لها فقط أن تؤكد دعم أيديولوجية الملكية الفكرية). وبوصفهن ناقدات مدفوعات سياسياً، ستحاول الناقدات الأنثويات أن يجعلن السياقات والتضمينات السياسية في أعمالهن واضحة وصريحة، وتحديداً من أجل مقاومة القبول الضمني لسياسة السلطة الأبوية التي كثيراً ما يتم تقديمها بوصفها فكرياً “حيادية” أو “موضوعية”.
المشكلة في مقاربة سبيندار هي أنها تقدم النساء بوصفهن ضحايا أبديات لمناورات الرجال. فبينما صحيح أن العديد من النساء كنّ، فكرياً وعاطفياً وجسدياً، ضحايا للرجال، فإنه لصحيح أيضاً أن بعضهن قد استطعن أن يجابهن سلطتهم بشكل فاعل وكفء. وبالإصرار على حقنا، حتى بقوة مشاكسة إذا لزم الأمر، لاعتماد وتكييف أفكار أناس آخرين من أجل أهدافنا نحن السياسية، فإننا قد نستطيع تجنُّب التحليل الأكثر انهزامية للنساء النشطات سياسياً وثقافياً. وكأمثلة على مهمة التحويل الثقافي هذه، يمكننا أن نشير إلى العديد من النساء اللائي بدأن المهمة الضخمة لتحويل التحليل النفسي الفرويدي، مثلاً، إلى مصدر لتحليل أنثوي بحق للاختلاف الجنسي ولبناء الجندر في المجتمع الأبوي، منهن هيلين سايكوس Helene Cixous([11]) ولوس إيريغاري Luce Irigarary اللتان طرحتا فلسفة جاك دريدا في استخدام أنثوي متنور، وساندرا غلبيرت Sandra Gilbert وسوزان غيبار Susan Gubar اللتان أعادتا كتابة نظرية هارولد بلوم الأدبية تماماً.
النسوي
إذا ما كان النقد الأنثوي يتّسم بالتزامه السياسي بالصراع مع كل أشكال الأبوية والجنسوية، فإن حقيقة أن يكون المقترب نسائياً، تبعاً لذلك، لا يضمن بالضرورة أن يكون أنثوياً. فالنقد الأنثوي، بوصفه خطاباً سياسياً، يتخذ سبب وجوده raison d’etre من خارج النقد نفسه. إن هذا لبديهي، ولكن تبقى الحاجة إلى القول بأنْ ليست كل الكتب المكتوبة بأقلام نساء عن كاتبات تقدم أمثلة على الالتزام بمعاداة الأبوية. هذا تحديداً صحيح بالنسبة لأعمال مبكرة (ما قبل الستينيات) عن كاتبات، وهي أعمال تتساهل عادةً مع نوع من التنميط الأبوي الذي تريد الناقدات الأنثويات أن يحاربنه. إن تقليداً أو عرفاً نسوياً في الأدب أو النقد ليس بالضرورة هو تقليد أنثوي.
في مقالتها الثاقبة “هل روايات النساء روايات أنثوية؟” Are Women’s Novels Feminist Novels تناقش روزاليند كاويرد Rosalind Coward الالتباس أو االخلط العام بين الكتابة الانثوية feminist writing والكتابة النسوية (كتابة المرأة) female writing، وكلاهما ضمن حركات النساء وفي النشر وفي وسائل الإعلام الأخرى. تقول كاويرد: “إنه لمن غير الممكن تماماً القول إن للكتابات المتمحورة حول المرأة علاقة بالضرورة بالأنثوية. فروايات دار نشر ميل وبون Mills and Boon([12]) الرمانتيكية مكتوبة عن النساء، ومقروءة منهن، وموجهة ومسوَّقة كلها لهن. مع هذا ليس من شيء يمكن أن يكون أبعد عن أهداف الأنثوية من هذه التخيلات أو الفنطازيات القائمة على التسليم بالجنس والعنصر والفئة أو الطبقة التي كثيراً ما تميز هذه الروايات”. وتكمن، خلف الخلط المتواتر ما بين النصوص الأنثوية والنصوص النسوية، شبكة معقّدة من الافتراضات. فعلى سبيل المثال، غالباً ما يُفترض أن حقيقة وصف النساء بأنهن معنيات بالتجربة هو فعل أنثوي. إن هذا، من جهة، صحيح بشكل واضح: فلمّا كانت الابوية تحاول دائماً أن تُخرس وتقمع النساء وتجربة النساء، فإن تقديمهن أو جعلهن ظاهرات هو بشكل واضح ستراتيجية مهمة معادية للأبوية. ولكن من جانب آخر، يمكن جعل تجربة النساء ظاهرة بطرق منفّرة أو مضلَّلة أو مهينة: فاعتبارات دار نشر (ميلز آند بون) لحب الإناث أو ثناء أنيتا بريانت([13]) Anita Bryant على حب الجنس الآخر والأمومة هي ليست بحد ذاتها قراءة تحررية لتقرأها النساء. إن الإيمان الخاطئ بـالتجربة، بوصفها جوهر أو ماهية الفكر السياسي الأنثوي، ينبع من التأكيد المبكر على بروز الوعي (c-r) كقاعدة سياسية رئيسة لحركة النساء الجديدة. المهم هنا هو أن بروز الوعي، الموجود كما هو في مفهوم “التجربة الممثَّلة”، لا يمكن له بحد ذاته أن يكون أرضية للسياسة، طالما أن كل تجربة مفتوحة لتأويلات سياسية مدعاة للنزاعات. وإنه ليبدو أن العديد من الناقدات الأنثويات اليوم قد أدركن هذا. إن روزاليند كاويرد جادلت حتى في أن مجموعات الـ(c-r) لم تعد مركزية لحركة النساء: “على الأغلب لم يعد بروز الوعي يشكل ذلك القلب للأنثوية، وإن مجموعات صغيرة، لا زالت لها مكان مركزي في السياسة الإنثوية، هي غالباً اليوم إما مجاميع للحملات أو مجاميع للدراسة”.
وهكذا فأنْ نؤمن بأن تجربة نسائية عامة تمنح بنفسها دفقاً لتحليل أنثوي لحال نساء، ساذج سياسياً وغير واع نظرياً. إن حقيقة امتلاك التجربة نفسها، التي يمتلكها أشخاص آخرون، لا تضمن تشكُّل جبهة سياسية عامة: فملايين الجنود الذين عانوا في الخنادق والمواقع خلال الحرب العالمية الأولى لم يتحولوا جميعاً فيما بعد إلى مناصرين للسلام أو رافضين للعنف- أو اشتراكيين أو مشرّبين بالروح العسكرية. ولسوء الحظ، فإن آلام تجربة الوضع أو الولادة أو الدورة الشهرية لا هي عامة عند جميع النساء ولا ملائمة تحديداً للإلهام برغبة عميقة في التحرر السياسي: فهي لو كانت تفعل مثل هذا، لكانت النساء قد غيرن من مدة طويلة وجه الأرض. ومع أن الأنثوية قد صيغت بشكل كبير وحاسم بمعاداتها للأبوية، فإنها بوصفها نظرية سياسية لا يمكن اختزالها إلى انعكاس أو نتاج لتلك التجربة. وتنطبق الرؤيا الماركسية للعلاقة الديالكتيكية الضرورية بين النظرية والتطبيق أيضاً على العلاقة ما بين التجربة النسوية والسياسة الأنثوية.
وهكذا فإن حقيقة أن هناك ناقدات أنثويات عديدات قد اخترن أن يكتبن عن مؤلفات هي اختيار سياسي حاسم، ولكنه ليس تحديداً أو تعريفاً للنقد الأنثوي. فليس هدف النقد الأنثوي، بل منظوره السياسي هو الذي يمنحه وحدته (النسبية). وعليه، فإن الناقدات الأنثويات قد يتعاملن بشكل جيد مع الكتب التي يكتبها رجال، كما هن يفعلن هذا منذ نهاية الستينيات إلى الوقت الحاضر. فكيت ميلليت، في كتابها الرائد السياسة الجنسية Sexual Politics، تكشف عن الجنسوية الأصولية للكتّاب الرجال، مثل نورمان ميلر Norman Mailer وهنري ميلير Henry Miller ودي إتش لورنس D. H. Lawrence؛ وميري إيللمان Mary Ellman، في دراستها التفكير بالنساء Thinking about Women، تناقش ببراعة العادات الجنسية للنقاد الأدبيين الرجال؛ وبيني باوميلها Penny Boumelha تحلل الأيديولوجية الجنسية لتوماس هاردي Thomas Hardy في دراستها توماس هاردي والنساء Thomas Man and Women، ونحن نكتفي هنا بالإشارة إلى القليل من النماذج.
مشكلة أخيرة يُبرزها الفصل بين الأنثوي والنسوي، وهي السؤال عما إذا كان بإمكان الرجال أن يكونوا أنثويين أو نقاداً أنثويين. فإذا لم يكن على النثويين أن يعملوا على الكاتبات حصرياً، فربما هم ليسوا بحاجة أيضاً إلى أن يكونوا نساءً؟ مبدئياً الجواب على هذا السؤال هو بالتأكيد نعم: يمكن للرجال أن يكونوا أنثويين- لكنهم لا يمكن أن يكونوا نساءً، تماماً كما أن البيض يمكن أن يكونوا مناهضين للعنصرية، ولكن لن يكونوا سوداً. في ظل الأبوية يتكلم الرجال دائماً من موقع أو موقف مختلف عن النساء، ويجب لاستراتيجياتهم الفكرية أن تأخذ هذا بالحسبان. وعليه، ففي الممارسة يلزم بمن سيكون ناقداً أنثوياً أن يسأل نفسه عما إذا كان، بوصفه رجلاً، يؤدي للأنثوية خدمة حقاً، في حالتنا هذه، من خلال اختراق الفضاء الثقافي والفكري الواحد الذي اوجدته النساء لأنفسهن داخل منظومتـ”ـه” [أي منظومة الفضاء الثقافي] التي يهمن عليها الرجل.
النسائي
إذا ما كان الالتباس أو الخلط بين النسوي والأنثوي مشحوناً بالمزالق السياسية، فليس أقل صحةً أنّ مثل هذا هو من نتائج سقوط النسائي في النسوي. وقد ترسخ، بين العديد من النقاد الأنثويين ومن مدة طويلة، عُرف لجعل “نسائي” [أو أنوثي] (و”رجولي” [أو ذكوري]) يمثل بنىً اجتماعية (أنماطاً من النشاط الجنسي والسلوك فرضتها سُنن ثقافية واجتماعية)، ولإبقاء “الأنثى” و”الذكر” للمظاهر البايولوجية البحتة للاختلاف الجنسي. وعليه، فإن “نسائي” تمثل طبيعةً، و”نسوي” طبيعةً وفْقَ هذا العُرف. إن “النسائية” هي بنية ثقافية: فالشخص لا يولَد امرأةً، بل الشخص يصير شخصاً، كما تصوغ ذلك سيمون دي بوفوار. ومن هذا المنظور، يتكون القمع الأبوي من فرض معايير اجتماعية معينة للنسائية على كل النساء بايولوجياً، وتحديداً من أجل جعلنا نصدق أن المقاييس المختارة لـ”لنسائية” طبيعية. وعليه فإن المرأة التي ترفض أن تتفق مع هذا يمكن أن تُصنَّف على أنها ليست أنثى unfeminine ولا طبيعية. وإنه لفي صالح الأبوية أن يبقى هذان المصطلحان (نسائية، ونسوية) مربكين أو مشوّشين تماماً. إن الأبوية، بتعبير آخر، تريدنا أن نصدق بأنّ هناك شيئاً مثل جوهر أو ماهية للنسوية femaleness يُسمى نسائية femininity. وعلى الضد، فإن على الأنثويات أن يفككن هذا الخلط، وتبعاً لذلك يجب أن يصررن دائماً على أنه بالرغم من أنه مما لا شك فيه أن النساء هن إناث، فإن هذا لا يضمن أبداً أنهن سيكونن نسائيات. هذا صحيح سواء أكان علينا أن نعرّف النسائية [أو الأنوثية] بالطرق الأبوية القديمة أم بطريقة أنثوية جديدة. في النهاية إن الجوهرانية Essentialism (الاعتقاد بطبيعة مُسلّم بها للنسوية) يستغلها أولئك الذين يريدون من النساء أن يتفقن مع التحديد المسبق لأنماط النسائية. البايولوجيّة biologism [الفكرة القائمة على البايولوجيا biology]، في هذا السياق هي الاعتقاد بأن مثل هذا الجوهر أو الماهية إنما هو وجود بايولوجي مسلَّم به. وعلى أية حال ليس أقل جوهرانياً التمسك بأن هناك جوهراً نسوياً مسلماً به اجتماعياً وتاريخياً.
ولكن إذا ما عرّفنا الأنثوية افتراضاً، كموقف سياسي، والنسوية كمسألةِ بايولوجيا، فإننا نبقى نواجَه بمشكلة كيفية تعريف النسائية femininity. إن القول بإنها “مجموعة خصائص محددة ثقافياً” أو إنها “بنية ثقافية” قد يبدو غامضاً بشكل مزعج للكثيرين. وإنه ليبدو من الممكن لأيّ محتوىً أن يصبّ في مثل هذه الحاوية، وعليه فهو لا يمثّل تعريفاً “مناسباً”. وعلى أية حال، المسألة هنا هي ما إذا كان مرغوباً به أبداً للأنثويات محاولةُ تثبيت معنى النسائية. لقد طورت الأبوية سلسلة كاملة من الخصائص “النسائية”: العذوبة، والاحتشام، والخنوع، والتواضع.. إلخ). فهل على الأنثويات، عندئذ، أن يحاولن حقيقةً تطوير مجموعة أخرى من الفضائل النسائية، أياً كانت الرغبة بها؟ وحتى إذا كنا نريد أن نحدد أو نعرف النسائية معيارياً، هل هي حينئذ فقط لا تصير جزءاً من المتضادات الثنائية binary positions الغيبية التي تنتقدها محقةً هيلين سايكوس؟ وهناك خطر أيضاً من تحول التعريف الأنثوي الإيجابي للنسائية إلى تعريف للنسوية، والوقوع من جديد، بهذه الطريقة، في فخ أبوية أخرى. وإن مما يُثلج الصدر أنه بالرغم من وجوب القول إن النساء حقّاً قويات ومتكاملات ومحبات للسلام ومربيات وكائنات إبداعيات، فإن وفرة القيم الجديدة هذه ليست أقل جوهرانياً من القيم القديمة، وليست أقل قمعاً لأولئك النساء اللائي لا يردن القيام بدور أُمنا الأرض Earth Mother. وبعد كل هذا، فإن الأبوية وليست الأنثوية هي التي آمنت دوماً بطبيعة حقيقية للنسوي/ للنسائي: إن البايولوجيّة biologism، والجوهرانية، اللتين كانتا تتستران دائماً خلف الرغبة في إضفاء قيم النسائية على أجساد كل الإناث، تشكلان ما يشبه الورقة بأيدي الأبويين.
تفكيك المتضادات الثنائية
لقد نظرنا، لحد الآن، في مصطلحات النسوي Female- النسائي Feminine- الأنثوي Feminist، في علاقاتها ببعضها فقط. ولكن من المهم بالدرجة نفسها أن نعي التضمينات السياسية والنظرية لافتراض أنها تدخل في المتضادات الثنائية المتحركة ذاتياً والثابتة، مثل أنثى/ ذكر، وأنوثي/ ذكوري.
وعلى أية حال إن قضية الأنثوي أو الأنثوية ستبدو بطريقة ما مختلفة هنا. كما أن العلاقة ما بين كلمات مثل أنثوية وجنسوية وأبوية ستبدو أيضاً أكثر تعقيداً من قضية أنثى/ ذكر، وأنوثي/ ذكوري، ربما للطبيعة السياسية لهذه المصطحات. وعليه فأنا لا أفترض أن المناقشات التالية لأيديولجية المتضادات الثنائية أن تنطبق بالضرورة على جنسوي/ أنثوي، أو أبوي/ أنثوي أيضاً، ما دام ليس هناك من تناظر تلقائي، على ما يبدو، مع “أزواج” مثل ذكر/ أنثى، أو ذكوري/ أنثوي.
لقد أسهمت هيلين سياكوس بمناقشة قيمة لنتائج ما تسمّيه “فكرةَ ثنائيةِ التعامل مع الموت”. فتحت عنوان “أين هي؟” Where is she?، تنظم سيكساوس قائمة بمتضادات ثنائية. فكما يفعلون مع المتضادة الأولى رجل/امرأة، فإن هذه المتضادات الثنائية متراكبة أو متداخلة بشكل كبير في منظومة القيم الأبوية: فكل متضادة أو متناقضة يمكن أن تُحلَّل كتسلسل هرمي نرى فيه الجانب “النسائي” على أنه دائماً النموذج العاجز السلبي. بتعبير آخر، تُستخدم المتضادة البايولوجية ذكر/ أنثى لإقامة سلسلة من القيم “النسائية” السلبية تُفرض عندها على “النسوي” وتختلط به. وبالنسببة لسايكوس، التي هي مدينة بشكل كبير، في هذه النقطة، لأعمال جاك درّيدا، فإن الفلسفة الغربية والفكر الأدبي، هما، وكما كانا دائماً، محصوران في هذه السلسلة اللانهائية من المتضادات الثنائية الهرمية، التي تعود دائماً في النهاية إلى “الزوج” الأساس ذكر/ أنثى. إن نماذج سايكوس تُظهر أنه لا يعني كثيراً أي “زوج” يختار المرء لتسليط الضوء عليه: إن المتضادة ذكر/ أنثى، مع تقييمها الذي لا يمكن تفاديه إيجابي/ سلبي، يمكن تتبعه دائماً بوصفه نموذجاً ضمنياً.
وفي مسيرة نمطية، تواصل سايكوس، بعد ذلك، في رصد الموت وهو يعمل في هذا النوع من الفكر، فهي ترى أنه لكي يكتسب أحد المصطلحين على معنى فيجب تدمير الآخر. فلا يمكن لـ”زوج” المصطلحات هذا أن يبقى سليماً: إنه يصير ساحة معركة عامة يكون فيها الصراع من أجل تفوق دلالي مشروعاً دائماً. وفي النهاية، فإن النصر يكون مساوياً للحيوية، والهزيمة مساوية للسلبية، وفي ظل الأبوية، فإن الذكر هو دوماً المنتصر. إن سايكوس تشجب بعنف مثل هذه المعادلة للنسائية مع السلبية والموت، كونها لا تدع أي فضاء إيجابي للمرأة: “فالمرأة إما أن تكون إيجابية أو لا يكون لها وجود”. وفي استلهام سايكوس بشكل واسع لتفكير جاك دريدا الفكري وستراتيجياته الفكرية، يمكن إجمال مشروعها النظري، في أحد معانيه، بوصفه جهداً لتعطيل هذه الأيديولوجية اللوجوسنتريكية logocentric([14]): المناداة بأن المرأة هي مصدر الحياة والسلطة والطاقة، والترحيب بحلول لغة نسائية [أو أنوثية] جديدة تخرّب بدون توقف المخططات الثنائية الأبوية حيث تتآمر اللوجسنتريكية logocentrism مع المركزية الفحولية phallocentrism ([15]) في جهد لقمع النساء وإسكاتهن. (إن المركزية الفحولية تعني نظاماً يمنح عضو الفحولة امتيازاً بوصفه الرمز أو المصدر للسلطة. إن حالة الـلوجسنتريكية والمركزية الفحولية تُدعى عادةً، بعد درّيدا، مركزية فحولية). إن هذا المشروع مشحون هو ذاته بالأخطار: فمع أن سايكوس أكثر وعياً بالمشكلات المعنية هنا، فإنها تجد نفسها في مشكلة كبيرة حين تحاول أن تميز مفهومها للكتابة النسائية [أي التي تدور عن المرأة] من فكرة الكتابة النسوية [أي التي تكتبها نساء]. فبعد صراع بطولي ضد أخطار البايولوجيّة biologism، ربما يكون من المنصف والمعقول القول إن نظريات سايكوس عن الكتابة النسائية ecriture feminine تتراجع في النهاية إلى شكل من الجوهرانية البايولوجية biological essentialism.
لكن “تفكيكية” سايكوس لمتضادة النسائية [أو الأنوثة]/ الذكورة تبقى ذات قيمة للأنثويات. فإذا كان تحليلها صحيحاً، لأنثوية تواصل الدعوة لفكر ثنائي، ضمناً أو صراحةً، فإنه سيكون معادلة للبقاء في داخل غيبيات أبوية. وعليه فإن فكرة المتضادة النسوية الموحدة وهي تؤلب نفسها ضد جبهة ذكرية لن تكون ستراتيجية أنثوية لدحر الأبوية: على العكس، إنها ستدعم النظام نفسه الذي تستهدف إلغاءه. وضد كل مخطط فكر ثنائي، تؤسس سايكوس اختلافاً متعدداً وغير متجانس. هي، في فعلها هذا، تتأثر بعمق بمفهوم الاختلاف، أو، أكثر صحة، بالاختلاف عند الفيلسسوف الفرنسي جاك درّيدا. فلا يكون إنتاج المعنى (الدلالة) بالنسبة لدريدا، في الإغلاق الثابت للمتضادة الثنائية. بالأحرى إنه يتحقق من خلال “لعبة الدال”. وتجادل سايكوس في أنّ حصر الذكورة والنسوية في متضادة حصرية لكل منهما تجاه الأخرى، لهذا، إنما هو بالضبط أنْ تجبرهم على الدخول في صراع سلطة التعامل مع الموت الذي تحدده ضمن المتضادة الثنائية. وباتباع هذا المنطق، تصير المهمة الأنثوية بامتياز تفكيكية الغيبيات الأبوية (الإيمان بمعنى متأصل حاضر في العلامة). فإذا كنا لا نزال نعيش، كما يجادل دريدا، تحت سلطان الغيبيات، فإنه لمن المستحيل إنتاج مفاهيم جديدة غير ملوثة بغيبيات الحضور. وعليه فلاقتراح تعريف جديد للنسائية يكون من الضروري الوقوع من جديد في فخ الغيبيات.
النسائية بوصفها تهميشاً
ولكن ألا تترك كل هذه النظرية الأنثويات في نوعٍ من المأزق المزدوج؟ هل ممكن حقيقةً البقاء في واقع من التفكيكية عندما يعترف دريدا نفسه بأننا لا نزال نعيش في فضاء فكري “غيبي”؟ ثم كيف لنا أن نواصل صراعنا السياسي إذا كان علينا أولاً أن نفكك افتراضنا الأساس لمتضادة أو متعارضة بين السلطة الرجالية والخضوع النسوي؟ أحد طرق الإجابة على هذه الأسئلة هو النظر في بحث الناقدة اللغوية والمحللة النفسية الفرنسية-البلغارية جوليا كريستيفا لمسألة “النسائية”. فهي، برفضها بشكل قاطع تحديد أو تعريف “النسائية”، تفضل أن تراها موقفاً. وعليه إذا كان ممكناً القول، إذن، أنْ يكون للنسائية تحديد أو تعريف، بشروط كريستيفا، فإنه ببساطة مثل “ذلك الذي يهمشه النظام الرمزي الأبوي”. هذا التحديد أو التعريف “العلائقي” مراوغ مراوغة أشكال الأبوية المتنوعة ذاتها، وهو يسمح لكريستيفا بأن تجادل بأن الرجال يمكن أيضاً أن ينتظموا بوصفهم هامشيين للنظام الرمزي، كما ترينا تحليلاتها للفنانين الطليعيين avant-garde الرجال (جويس Joyce، وسيلين Celine، وآرتو Artaud، ومالارميه Mallarme، ولوتريمونت Lautreamont).
إن تشديد أو تأكيد كريستيفا على النسائية كبناء أبوي يُمكّن الأنثويات من مواجهة كل أشكال الهجوم البايولوجي من المدافعين عن الفحولية. وبافتراض أنّ كل النساء هن بالضرورة نسائيات، وكل الرجال على أنهم بالضرورة ذكوريون، هو بالضبط التحرك الذي يمكّن السلطات الأبوية من تحديد أو تعريف لا النسائية، بل كل النساء بوصفهن هامشيات للنظام الرمزي وللمجتمع. وإذا ما تحدَّدت النسائية، كما عرضت سايكوس، بوصفها نقصاً، سلبية، غياباً للمعنى، لا عقلانية، فوضى، عتمة– باختصار، بوصفها لا وجود– فإن تشديد كريستيفا على التهميش يتيح لنا أن نعرض هذا القمع للنسائية من ناحية الموقف عوضاً عن الماهيات. إن ما يُفهم على أنه هامشي، في أي وقت محدد، يعتمد على الموقف أو الموقع الذي يكون الشخص فيه. إن مثالاً موجزاً سيوضح هذا التحول من الماهية أو الجوهر إلى الموقف أو الموقع: إنْ كانت الأبوية ترى النساء وهن يحتللن موقعاً هامشياً ضمن النظام الرمزي، فإنها تستطيع عندها أن تُقيّمهن على أنهن الحدّ أو الخط الحدودي لذلك النظام. من وجهة النظر الفحولية، ستمثل النساء الحدود الضرورية ما بين الرجل والفوضى. ولكن بسبب تهميشهن الشديد، فإنهن سيبدون دائماً أيضاً وهن يتراجعن إلى فوضى الخارج ويندمجن فيه. بكلمة أخرى، إن النساء، منظوراً إليهن على أنهن الحد للنظام الرمزي، سيشاركن في تشكيل الخصائص المربكة لـكل الحدود: فإنهن لن يكونن لا في الداخل ولا في الخارج، ولا معروفات ولا غير معروفات. وإنه لَهذا الموقع هو الذي مكّن الثقافة الذكرية أحياناً من قذف النساء بوصفهن ممثّلات للعتمة والفوضى، وعرضهن كليلث Lilith أو كمومس بابل Whore of Babylon([16])، وأحياناً أخرى تهذيبهن كممثلات للطبيعة الأرقى والأنقى، وتوقيرهن كعذارى الله وأمهاته. في الوهلة الأولى يُرى خط الحدود بوصفه جزءاً من الهمجية الفوضوية في الخارج، وفي الوهلة الثانية يُرى بوصفه جزءاً متأصلاً للداخل: الجزء الذي يحمي ويقي النظام الرمزي من الفوضى الخيالية. ولا نحتاج إلى القول هنا، ليس أيّ من الموقعين يقابلان أيَّ حقيقة جوهرية للنساء، بالقدر الذي ستوّد السلطات الأبوية منا أن نصدق أنهما يفعلانه.
إن مثل هذا المظور الموقعي لمعنى النسائية ليبدو الطريقة الوحيدة للنجاة من أخطار البايولوجية biologism (الخلط مع النسوية femaleness). لكنها لا تجيب على أسئلتنا السياسية الأساسية، وذلك لأننا الآن لو كنا قد فكّكنا النسوي من الوجود، فإنه كان سيبدو أن الركائز الأساسية جداً للصراع الأنثوي قد اختفت. وتدافع كريستيفا، في مقالتها “زمن النساء” Women’s Time، عن مقترب تفكيكي من الاختلاف الجنسي. إنها تجادل بأن الصراع الأنثوي يجب أن يُنظر إليه، تاريخياً وفكرياً، على أنه صراع ثلاثي المستويات، ويمكن تلخيصه تخطيطياً في الآتي:
-تطالب النساء بفرص متكافئة في الوصول إلى النظام الرمزي. الأنثوية الليبرالية. المساواة.
-ترفض النساء النظام الرمزي الذكوري باسم الاختلاف. الأنثوية الراديكالية. الإطراء المبالغ به للنسائية [أو الأنوثية].
-ترفض النساء التقسيم الثنائي بين الرجولي [أو الذكوري] والنسائي [أو الأنوثي] بوصفه غيبياً. (وهذا هو موقف كريستيفا الخاص).
إن الموقف الثالث هو الموقف الذي فكّك المتضادة أو المتعارضة ما بين الذكورية والنسائية [أو الأنوثية]، وعليه فهو يتحدى بالضرورة مفهوم الهوية بالذات. في هذا تكتب كريستيفا:
في هذا الموقف الثالث، الذي أدافع عنه بقوة- الذي أتخيله؟- قد يفهم التقسيم الثنائي الرجل/ المرأة، كمتضاده ما بين كيانين متنافسين منتميين إلى (الغيبيات). ماذا يمكن لـ”الهوية”، وحتى “الهوية الجنسية”، أن تعنيه في فضاء علمي ونظري جديد حيث يتم تحدي مفهوم الهوية نفسه؟.
إن العلاقة ما بين هذه المواقف الثلاثة تتطلب بعض التعليقات. فكريستيفا تعلن بشكل واضح، في مكان آخر من مقالتها، أنها تراها مواقف متزامنة وليست حصرية في الأنثوية المعاصرة، أكثر مما هي رؤية أنثوية لفلسفة التاريخ عند هيغيل Hegel’s philosophy. فللدفاع عن الموقف (3)، استثناءً من الاثنين الأوّليْن، هو أن نفقد التواصل مع الواقع الفكري للأنثوية. فنحن نبقى بحاجة إلى المطالبة بمكاننا في المجتمع الإنساني بوصفنا أعضاءً مساوين لا تابعين، ونبقى بحاجة إلى التشديد على ذلك الاختلاف ما بين تجربة الذكر وتجربة الأنثى مع العالم. لكن الاختلاف الذي تشكله البنى الأبوية هو الذي تعارضه الأنثويات، والبقاء أمينين له إنما هو أن نمارس اللعبة الأبوية. ومع هذا، ما دامت الأبوية مهيمنة، يبقى جوهرياً من الناحية السياسية للأنثويات أن يدافعن عن النساء بوصفهن نساءً من أجل مواجهة القمع الأبوي الذي يزدري تماماً النساء بوصفهن نساء. ولكنّ شكلاً “غير مفكك” لأنثوية “المرحلة (2)”، وبدون الوعي بالطبيعة الغيبية لهويات الجندر، يجازف بأن يصير شكلاً معاكساً من الجنسوية. إنه يفعل هذا من خلال تبنٍّ غير ممحّص للفئات الغيبية نفسها المُعَدّة أو المؤسَّسة من الأبوية من أجل إبقاء النساء في أماكنهن، بالرغم من المحاولات لألحاق قيم أنثوية جديدة بهذه الفئات القديمة. وعليه، فإن تبنّياً لشكل كريستيفا “المفكك” من الأنثوية هو، في أحد معانيه، يدع كل شيء كما كان- إن مواقعنا في الصراع السياسي لم تتغير؛ ولكنه، في معنى آخر، يحوّل راديكالياً وعيَنا لطلبيعة ذلك الصراع. ولهذا فإن اعتماداً أنثوياً للتفكيكية هو على حد سواء ممكن وأيضاً منتج سياسياً طالما هو لا يقودنا إلى كبح ضرورة إدماج مرحلتي كريستيفا الأوليين بمنظورنا.
النقد النسوي والنظرية النسائية
ضد هذه الخلفية، يمكن لميدان النقد والنظرية الأنثويين اليوم أن ينقسم بشكل مفيد إلى فئتين أو قسمين: نقد “نسوي” ونظرية “نسائية”. فالنقد “النسوي”، الذي هو بحد ذاته per se يعني فقط النقد الذي يركز بطريقة ما على النساء، قد يُحلَّل عندئذ وفقاً لما إذا كان أنثوياً أم لم يكن، أو إذا ما كان يتناول الأنثى ليعني أنثوياً، أو إذا ما كان يخلط النسوي بالنسائي. إن الدراسة السياسية للمؤلّفات الإناث ليست هي نفسها أنثوية: إنها من الممكن تماماً أن تكون مقترباً ينزل بالنساء إلى حالة أشياء علمية مثيرة على نفس مستوى الحشرات أو الجسيمات النووية. مع هذا، إنه لمهم الإصرار، في النصوص التي يهيمن الذكر فيها، على أن الاهتمام بنساء كاتبات يجب أن يعتبر، موضوعياً، دعماً للمشروع الأنثوي لجعل النساء ظاهرات. وهذا بالطبع لن يكون صحيحاً للبحث الجنسي عن النساء. إنه، بتعبير آخر، ممكن أن يكون هناك ناقدة “نسوية” دون أن تكون بالضرورة أنثوية.
مع هذا، إن الغالبية العظمى من الناقدات الأنثويات الأمريكيات يكتبن من موقف أنثوي صريح. إن التأكيد في الولايات المتحدة الأمريكية كان على النقاد التوليديين ‘gynocritics”([17])، أو على دراسة الكاتبات. إن أدبهن الخاص Literature of their Own لإلين شوالتر Elaine Showalter، والنساء المجنونات في العلية Madwomen in the Attic لساندرا غيلبرت وسوزان غابار هما النموذجان الأكثر إنجازاً لهذا الجنس الأدبي ضمن النقد الأنثوي. فتعلقاً بسياق مقالتنا هذه، تقدم لنا دراسة غلبيرت وغابار التذكارية نموذجاً توجيهياً لنتائج للإرباك والخلط ليس بين النسوية femaleness والنسائية femininity فحسب، بل أيضاً لهاتين مندمجتين ببعضهما نسوية/نسائية مع الأنثوية feminism. فهما، في تفحصهما للحوافز والنماذج النمطية بين كاتبات القرن التاسع عشر، تستخدمان صفة نسوي وهما تناقشان، على سبيل المثال، وبالأشارة هنا إلى القليل فقط، “التقاليد النسوية في الأدب”، أو “الكتابة النسوية”، أو “الإبداع النسوي”، أو “الغضب النسوي”. إحدى طروحاتهما المركزية هي أن كاتبات القرن التاسع عشر اخترن أن يعبرن عن غضبهن النسوي الخاص بهن في سلاسل من ستراتيجيات نصية مزدوجة حيث أن كلا الملاك والوحش، والبطلة الفاتنة والمرأة المجنونة الغضبى هما جانبا الصورة الذاتية للمؤلفة، كما أنهما عنصرا ستراتيجياتها المعادية للأبوية الخائنة. إن هذه لنظرية مغرية للغاية، ومثمرة بشكل لافت للنظر حين تطبَّق، على سبيل المثال، على أعمال شارلوت برونتي Charlotte Bronte، التي هي التي أوجدت بالطبع في المقام الأول مسمى المرأة المخبولة madwoman([18]). ولكن إذا ما نحن كشفنا عن المعاني المحتملة لكلمة نسوي في نص غيلبرت وغابار، فإننا نجد أن هذه نظرية “إبداع نسوي” تستند على افتراض أن المؤلِّفات النسوة يمارسن دائماً حنقاً معادياً للأبوية في أفئدتهن، وأن هذا الغضب الأنثوي سيُوجد نموذجاً نسائياً من الكتابة بشكل نمطي، حيث سيتم استخدام ستراتيجيةِ تمويهٍ ماهرة لجعل الرسالة المرسلة من المجموعة المهمشة مقبولة عند القوى الأبوية. وعلى أية حال، إن هذا النموذج النسائي غير متوفر للمؤلفين الرجال، بل هو شائع بين جميع الكاتبات النسوة. إن الستراتيجية الأبوية لسقوط النسائي في النسوي يمكن أن نراه عاملاً هنا: فالكتابة النسائيةecriture feminine، وهي تنبثق من هذا النوع من الجدل، هي أكثر من أن تكون مخضبة بالبايولجية biologism. إن اعتبارات غيلبرت وغابار تجانسُ ما بين كل منطوقات الأنثى الإبداعية في تعبير ذاتي أنثوي: وهي ستراتيجية تفشل بشكل فردي في الاستئثار بطرق يمكن للنساء فيها أن تتناول موقفَاً موضوعاً ذكورياً- يعني يصبحن مدافعات صلبات عن الوضع الأبوي الراهن.
إن النظرية “النسائية” ستعني، في أبسط تعريفاتها، نظريات تُعنى ببناء النسائية. ومن المنظور الأنثوي، فإن المشكلة مع هذا النوع من الفكر هي أنه معرض تحديداً لهجومات البايولوجية biologism، وعادة يتحول من غير قصد، بدلاً من ذلك، إلى نظريات عن ماهيات أو جواهر نسوية. وفي الوقت نفسه، فحتى أكثر “البنائيين” إصراراً لنظريات قد لا يكونون بنائيين أنثويين. فأعمال سيجموند فرويد، على سبيل المثال، تقدم لنا توضيحاً رائعاً لتشكّل نظرية، ومع أنها ليست أنثوية بأي حال من الأحوال، فإنها تزودنا بأساس حاسم لتحليل لا جوهراني للاختلاف الجنسي. إن البديل، الذي هو نظرية لخصائص نسوية جوهرية، ستلعب ببساطة، كما رأينا، اللعبة الأبوية. فمع أن التحليل النفسي يبقى بحاجة إلى أن يتحول إبداعياً لأجل الأغراض الأنثوية، تبقى الحقيقة هي أن الأنثوية تحتاج إلى نظرية لا جوهرانية للجنسية الإنسانية والرغبة من أجل فهم العلاقات السلطوية ما بين الجنسين.
الكثير من النظرية الأنثوية الفرنسية، وكما هو حال قراءات أنثوية متنوعة للتحليل النفسي، قد تعتبر بهذا المعنى، “نظريات نسائية”. ولكن هناك مفارقة في طروحاتي هنا. فالعديد من الأنثويات الفرنسيات، على سبيل المثال، سيتخذن موقفاً أو يأخذن على محاولتي لتعريف “النسائية. فإذْ هن يرفضن اللواصق/اللواحق والأسماء ولواحق الـ(ية) isms على وجه التحديد- وحتى (الأنثوية) و(الجنسوية)- فلأنهن يريْن مثل فعالية التسمية هذه خيانةَ لحملة فحولية لجعل كوننا المفهومي مستقراً ومنظماً وعقلانياً. إنهن يجادلن بأنه منطق ذكوري ذلك الذي منح دائماً أهمية للمنطق والنظام والوحدة والإشراق، ولكن عبر إسكات وإقصاء اللاعقلانية، والفوضى، والتمزق التي جاءت لتمثيل النسائية. رؤيتي الخاصة أن مثل هذه المصطلحات المفهومية هي في آن واحد حاسمة سياسياً وفي النهاية غيبية؛ وأنه من الضروري تفكيك التضاد فوراً ما بين القيم “الذكورية” تقليدياً و”الأنثوية” تقليدياً و مواجهة القوة والواقع السياسيين الكاملين لهكذا فئات. إننا يجب أن نستهدف تحقيق مجتمع كففنا فيه عن تصنيف المنطق، والفكر، والعقلانية على أنها “ذكورية”، وليس مجتمعاً أُقصيت منه هذه القيم معاً بوصفها “غير نسوية”.
لتلخيص عرضنا هذا للنظرية الأدبية الأنثوية اليوم، يمكننا الآن أن نعرّف الكتابة النسوية female على أنها الكتابة بأقلام النساء، واضعين في البال أن هذه التسمية لا تعبر على الإطلاق عن أي شيء يتعلق بطبيعة هذه الكتابة؛ والكتابة الأنثوية feminist على أنها الكتابة التي تتخذ موقفاً واضحاً وملحوظاً في معاداته للأبوية patriarchal والجنسوية sexist؛ أما الكتابة النسائية feminine فعلى أنها الكتابة التي تبدو مهمّشة (مقموعة، مصمتة) بالنظام الاجتماعي/ اللغوي الحاكم. إن الثانية، النسائية، لا تستلزم (pace Kristeva) أي موقف سياسي بعينه (ليست أنثوية بشكل قاطع)، مع أنها لا تستبعد هذا أيضاً. ولهذا فإن بعض الأنثويات، مثل هيلين سايكوس، قد حاولن أن ينتجن كتابة “نسائية”، بينما لم تفعلن أخريات (سيمون دي بوفوار). إن المشكلة مع تسمية “النسائي” لحد الآن كانت في ميلها نحو منح امتياز و/ أو تداخل مع أشكال حداثوية وطليعية أدبية قائمة. أعتقد أن هذا إنما هو سبيل واحد فقط ممكن أن يكون مهمشاً في العلاقة بالنظام المهيمن (وفي هذه الحالة في العلاقة بالأشكال التمثيلية التقليدية أو الواقعية التقليدية). إن “التهميش” لا يمكن له، أو لا يجب أن يكون فقط قضيةَ شكل.
ربما أهم نقطة في كل هذا هي أن ندرك أن هذه “التسميات” الثلاث ليست جواهر أو ماهيات. إنها فئات نشغّلها نحن القراء أو النقاد. نحن ننتج نصوصاً هامشية بوضعها في علاقات بالآخر، البنى المهيمنة؛ ونحن نختار أن نقرأ مبكراً نصوصاً مبكرة لنساء بوصفها أعمالاً ما قبل-أنثوية؛ ونحن نقرر أن نشتغل على نصوص “نسوية”. المقصود من التحديدات أو التعريفات المقترحة هنا هو طرحها للنقاش، وليس لوضع نهاية لها، مع أنها مفترض بها أيضاً أن تقول شيئاً عن حقل قد ينتظم فيه النقاش بشكل مثمر: ستبدو السياسة، والبايولوجيا، والتهميش قضايا رئيسة هنا. ليس هناك، مع الأسف، شيء مثل نص هو جوهرياً أنثوي: فبتحديد السياق التأريخي والاجتماعي الصحيح، كل النصوص يمكن استعادتها بواسطة السلطات الحاكمة- أو تشغيلها بواسطة المعارضة الأنثوية. وكما ربما جادلت جوليا كريستيفا، فإن كل أشكال اللغة هي مواقع صراع. وبوصفنا ناقدات أنثويات، فإن مهمتنا هي منع الأبويين من أن ينجوا بحيلهم لإسكات أو إخراس المعارضة. وإنه ليعود لنا أن نجعل من الصراع على معنى العلامة- معنى النص- بنداً صريحاً ولا مفر منه على أجندة الثقافة.


[1] ) توريل موي: مواليد النرويج سنة 1953، أستاذة في جامعة ديوك وأوكسفورد، ومديرة لمركز البحوث الأنثوية في جامعة بيرغن بالنرويج. انشغالها الرئيس هو النظرية الأنثوية والكتابة النسوية. ومقالها هذا هو من كتاب “الناقد الأنثوي.. تمهيد” بتحرير كاثريين بيلسي وجين مور، لندن، 1997. دراستها هذه منشورة في
The Feminist Reader, edited by Chatherine Belsey and Jane Moore, Macmilan Press, London, 1997.
[2] ) نميل إلى استخدام هذه الكلمة العربية مقابلاً للمصطلح الانكليزي المعني للأسباب الآتية: أولاً استخدامها عربياً بدرجة ما بالمعنى الذي سيتضح بعد قليل، وثانياً لأن استخدام (نسوي) و(نسائي) مقابلين لكلمتين أو مصطلحين آخرين استخدام شائع نوعاً ما في العربية، وثالثاً لقناعتنا به. ويبقى الأمر منطوياً بدرجة ليست قليلة على الاجتهاد، الذي نأمل أن نكون موفقين فيه.
[3] ) مع أن اللفظة الإنكليزية تعني، لعدم وجود مذكر ومؤنث للصفات فيها، النقاد الأنثويين رجالاً كانوا أم نساءً، فإننا سنترجمها أينما وردت في المقال توصيفاً لشخص إلى (الناقدة الأنثوية)، لأن هذا هو المقصود وقت كتابة المقال، حين كان (النقد الأنثوي) لما يزل بعدُ مقتصراً إلى حد كبير على النساء الناقدات. أما حين تأتي توصيفاً لشيء ما، اتجاهاً أو أداةً أو فكراً مثلاً، فسنترجمها بالطبع إلى (أنثوي)، كما هو حال عنوان المبحث الأول.
[4] ) لعل اللفظة العربية الأقرب إلى هذه المفردة أو المصطلح هي (أنثوي) أيضاً، ولكن لوجود هذا المقابل عينه للتسمية السابقة، فقد كان أمامنا، ضمن الخيارات البديلة، (المؤنث) و(النسائي)، فأخذنا بالثاني لأنها لفظة مستخدمة وسنجدها، مع الفارق، تقترب جزئياً في دلالتها من (النسوي) وكلاهما مستخدمان في الكتابات النقدية العربية. وهو يبقى، مرة أخرى، اجتهاداً.
[5] ) الباترياركي: هو النظام الاجتماعي الذي يمثل فيه الذكور دور السلطة المركزية، وتبعاً لذلك، مثلاً، يتبع كل أفراد العائلة وأشيائها وأمورها، من نساء وأطفال وممتلكات، الأب.
[6] ) الجنسوية: التحيز لجنس على حساب الجنس الآخر، وهو تحيّز ممارَس عادة ضد النساء.
[7] ) كنا نفضل ترجمة political and politics إلى فكري وفكر، لأنها تنطوي، في استعمالاتها في مثل هذه الكتابات، على الجانبين السياسي والفكري، لكننا أبقينا على ترجمتهما إلى سياسي وسياسة، لشيوع ترجمتهما هكذا عربياً.
[8] ) كيت ميلليت1934) ): كاتبة وناشطة نسوية مِثلية أمريكية.
[9] ) قد يصعب ترجمة هذه المفردة الإنكليزية بمفردة عربية واحدة، وعليه فمرة أخرى يحمل اختيارنا لكلمة (اعتماد) شيئاً من الاجتهاد الذي نرجو أن نكون موفقين فيه، وإلا فهي تقدم في آن واحد معاني الاعتماد والانتحال والتكييف. وعلى أية حال هذا المصطلح أو بالأحرى المفردة تعني، لاسيما في الثقافة والنقد: انتحال واعتماد بعض عناصر معينة من ثقافة ما على يد جماعة ثقافية مختلفة، وتبنيها مع تكييفها لما يخدم أهداف هذه الجماعة.
[10] ) ميري وولستونكرافت (1759-1797): كاتبة وفيلسوفة بريطانية، كانت مدافعة عن حقوق المرأة في القرن الثامن عشر.
[11] ) هيلين سايكوس (1937): أستاذة جامعية فرنسية، وهي كاتبة أنثوية وشاعرة ومسرحية وفيلسوفة، وناقدة أدبية.
[12] ) ميلز آند مون: دار نشر بريطانية تأسست سنة 1908، وهي معروفة بنشر الروايات الرومانسية التي تدور حول النساء والفتيات والموجهة غالباً إليهن.
[13] ) أنيتا بريانت: مغنية أمريكية (1940)، وملكة جمال أوكلاهوما سابقة، معادية للمثليين.
[14] ) اللوجسنتريكية: مصطلح ابتدعه الفيلسوف الألماني لودفيغ كليديجز في العشرينيات يشير إلى تقاليد العلوم والفلسفة الغربية التي تضع الشعارات.
[15] ) الفحولية: مصطلح يعود إلى الفرنسي جاك دريدا وتفكيكيته، يشير إلى امتياز الفحل بالمعنى التفكيكي. والمركزية الفحولية هي الثقافة التي يعمل فيها هذا المفهوم.
[16] ) ليليث: شخصية أسطورية، في ثقافات وادي الرافدين، تقترب من أن تكون من النساء الشيطانات. أما عاهرة أو زانية بابل: فهي شخصية استعارية مسيحية في الإنجيل تدل على الشر.
[17] ) Gynocriticism النقدية التوليدية: مصطلح وضعته إلين شوالتر ويعني الدراسة التاريخية للكاتبات بوصفها تقليداً أدبياً منفصلاً.
[18] ) المقصود الزوجة المجنونة في رواية برونتي الشهيرة “جين إير”.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

دراسة عن دروب وحشية

تشكلات البناء السردي في رواية دروب وحشية للناقد نجم عبد الله كاظم أنفال_كاظم جريدة اوروك …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *