بريت والنساء الأخريات في رواية
“وتشرق الشمس ثانيةً”
بقلم: جيمس نيغيل
ترجمة: د. نجم عبدالله كاظم
لم يعد أي شيء كما كان بعد "وتشرق الشمس ثانيةً". فبصدور روايته الأولى في 22 تشرين الأول/ أوكتوبر من سنة 1926، تبلدلت حياة إرنست همغنوي إلى الأبد. فهو لم يعد بعد الآن كاتباً شاباً طموحاً، ولا كاتباً "واعداً" صاحب كتيّب ضئيل للقصص القصيرة، ولا صحفياً يكتب القصة أيضاً. لقد صنع هذا الكتاب منه، فوراً تقريباً، مشهوراً عالمياً، يُعرف مع جيل كامل، مزقته الحرب وعمه الحزن طيلة (العشرينات الهادرة) Roaring Twenties، بضياع أحلامهم الرومانسية. وعلى الرغم من أنه كان بشكل ما ill-suited للدور، لأنه كان كاتباً شاباً مثابراً في عمله مع زوجة وابن مسؤول عن إعالتهما، فقد عُدّ الناطق باسم المغتربين الأمريكان، أولئك الفنانين والكتّاب والمفكرين المتحررين من الأوهام والساخطين (المستائين) الذين قضوا العقد على الضفة اليسرى من باريس. الرواية أيضاً، على مستوى دقيق آخر، وطّدت همنغوي بوصفه واحداً من أكثر الأسلوبيين اللامعين الذين أتجتهم الولايات المتحدة على الإطلاق، وأن نثره النضر/ الهش والبسيط قد غير طبيعة الكتابة الأمريكية. لقد حملت الصحف والمجلات، التي صدرت عقوداً بعد ذلك، مؤشرات واضحة للتحولات في الأسلوب التي تحققت بسبب هذا الكتاب غير العادي. لقد غيرت هذه الرواية الحياة الأمريكية أيضاً، حين أخذ الشباب يقلدون الشخصيات ونمط الحياة التي قدمتها and ingenues abandoned the flapper motif الشعر القصير والكنزة الضيقة لبريت آشلي. لقد كانت "وتشرق الشمس ثانيةً" حدثاً أدبياً دراماتيكي، وتأثيراتها لم تنحسر على مدى السنين.
ولكن، إذا ما جاءت المكانة إلى همنغوي مبكراً، فقد كان هناك القليل في خلفياته مما تنبأ بهذا التطور. لقد ولد في أوك بارك بإلينويز في الحادي والعشرين من تموز/ يوليو من العام 1899، لأبوين ذوي رخاء من الطبقة الوسطى وكانا ناذرين نفسيهما للبروتستانتية، ومحافظين سياسياً، ومهتمين عميقاً بأوضاع ابنهما البكر ومواقفه وسلوكه. أبوه كان طبيباً مع تخصص بالتوليد، وشغف بالهواء الطلق لصيد السمك والطرائد والعيش في الغابة التي كان يشعر أنها مثقِّقة (مهذِّبة) أخلاقياً. أما أمه فقد كانت مكرسة نفسها لا للعلم بل للثقافة والفنون والآداب، وكانت قد درست أصلاً voice و debuted في ماديسن سكوير غاردن، قبل أن تعود إلى موطنها لتكون زوجة وأماً رأت أنهما مهنتها calling. وقد أصرّت على أن يعتنق أولادها اهتماماتها، وقد رأت ذلك بأن غنى إرنست في جوقة المدرسة، وعزف على الكمنجة الكبيرة في الفرقة الموسيقية، وهي المحاولات التي بدا فيها فاقداً للقابلية أو الأهلية لذلك. حقيقةً أن إرنست لم يكن، خلال سنواته المدرسية في أوك بارك، ملفتاً للنظر كموسيقي ولا كرياضي ولا كتلميذ/ عالم، لكنه أظهر ما يُوعد كصحفي، وهو يكتب لصحيفة المدرسة ولمجلتها الأدبية. وهكذا هو لم يلتحق بزملائه، حين تخرجوا من الإعدادية/ هاي سكول سنة 1947، بل هو استغل تأثير العائلة لضمان مكاناً في صحيفة كنساس ستي ستار كمراسل صغير/ فتى. Guided by the stylebook الذي كان قد ساعد في جعل ستار إحدى الصحف الرئيسة of the day ، ابتدأ همنغوي الخطوات نحو تكوين أسلوبه الناضج، paring away صيغ النعوت والمجازات، محاولاً وصف الحالة التي تكون عليها الأشياء، أو التي تظهر عليها في خصوصياتها. ومع أنه قد عمل في موقعه هذا أقل من سنة، فقد ثبتت أنها كانت إحدى حلقات التحول في حياته.
لقد برزت ل أخرى مثل هذه من عمله الصحفي. فقط كان ضمن فريق العمل في الصحيفة ثيودور برامباك Theodore Brumback ، وهو شاب كان قد عاد تواً من فرنسا بعد جولة واجب/ عمل كسائق إسعاف للهلال الأحمر الإمريكي. وبسبب أن مدة الخدمة كانت ستة أشهر فقط، فقد كان good deal لدعوة متطوعين، فقرر همنغوي وبرامبارك التطوع للخدمة في إيطاليا. وبعد وصول همنغوي للجبهة ببضعة أسابيع فقط، أُصيب همنغوي بمدفع رشاش قرب فوسالتا دي بيافي Fossalta di Piave . ومع أن جروحه لم تكن تهدد حياته، فإن وجود الرصاصة في ركبته اليمنى قد استدعت جراحة في مستشفى في ميلان، وهناك وقع في حب مع ممرضة جميبة اسمها أغنس فون كارويسكي Agnes von Kurowsky . لقد رافقته خلال فترة النقاهة ووافقت على الزواج منه في الوقت الذي ثُبت [عُين] فيه في مركز back في الولايات المتحدة. ولكنها، بعد عودته إلى الوطن في العام 1919، أرسلت له سريعاً رسالة رفض، وبالأحرى منهيةً بشكل مؤلم قصة حبه الحقيقي([1]). هذه التجارب، وقصة الحب المجهضة ما سيستخدمه، بعد عقد من الزمن، في أول روايتين له "وتشرق الشمس ثانيةً" The Sun Also Rises و"وداعاً للسلاح" A Farewell to Arms .
رجوعاً إلى شيكاغو، واصل همنغوي عمله الصحفي منجزاً بشكل مستقل موضوعات لتورنتو ستار Toronto Star ومحتلاً موقعاً تحريرياً متقدماً في مجلة كوبيراتيف كومونوولث Cooperative Commonwealth . في خريف العام 1920 التقى بامرأة شابة جميلة من سانت لويس اسمها هادلي ريجاردسون، وتزوجا في العام 1921. ولأن هادلي كانت قد ورثت وديعة مصرفية متواضعة، فقد كانوا أحراراً للسفر، فانتقلوا إلى باريس حيث واصل همنغوي الكتابة للصحف، ولكنه كرّس جزءاً متزايداً من وقته للقصص. لقد زوّد الوسط/ البيئة الغني ثقافياً للضفة اليسرى همنغوي بتربيته/ بثقافته الأدبية، وبتأثير جيرترويد شتاين وعزرا باوند، بدأ بإنتاج قصص قصيرة رائعة/ ملفتة للنظر لـ"لمجلة الصغير" little magazine" ، حتى ظهرت مجموعة "ثلاث قصص وعشر قصائد" Three Stories and Ten Poems في سنة 1923، تبعتها، بعد سنة، نسختان من "في زماننا" In Our Time ، وقد ضمتا مقالات قصيرة vignettes وقصصاً جذبت انتباهاً ملحوظاً. وخلال هذه الفترة أيضاً أصبح همنغوي لأول مرة مهتماً بمصارعة الثيران، وقد استمتع هو وهادلي بعطلة في أسبانيا، خصوصاً في مهرجان سان فيرمين San Fermin في بامبلونا.
وكان كرنفال الفيستا fiesta هو الذي زودت بقاعدة/ بخلفية “وتشرق الشمس ثانيةً”. والسنوات قبل ذلك، كل شيء كان رائعاً- مصارعة الثيران، وصيد السمك على نهر إيتاري، والصداقات. ولكن كانت هناك في العام 1925 مشاكل. فقد ذهب همنغوي وهادلي إلى بامبلونا من اجل حضور كرنفال الفيستا، مع دونالد أوغدن ستيوارت، الذي كان معروفاً بخفة الدم والروح الطيبة، وبيل سميث الذي كان همنغوي قد صاد السمك معه من قبل في مشيغان. وانضمت إليهم الليدي داف تويسدين المتألقة والجميلة بشعر بقصة شعر ولادية، التي كانت في سبيلها للطلاق. وكان her intended الإسكوتلندي بات غوثري الشغوف بالكروم vine، أحد أفراد المجموعة، كما هو شأن هارولد ليوب، الذي كان من قبل أول طالب يهودي في برنستين. وكانت ليوب وداف قد قضّيا تواً استراحة رومانتيكية في منتجع سانت جين- ديل- لاز السياحي. كل هؤلاء انبهروا بمهارة كاييتانو أوردونيز في مصارعة الثيران، وكان قد صارع باسم نينو دي لا بالما. ولكن حتى الأشياء الصغيرة سارت بشكل سيء تلك السنة. فعندما قدم أوردونيز لهادلي إذن ثور، فإنها بقلة اعتبار unceremoniously تركتها خلفها في جرار في غرفتها بالفندق. وعندما ذهب إرنست وبيل شمالاً لصيد السمك من نهر إيارتي، فإنهما وجدا عائقاً إيه يتمثل في عمليات قطع الأشجار. أما الاحتفالات في بامبلونا فقد تدهورت إلى مشاحنات غيرة، مع اقتراب همنغوي وليوب من التشاجر حول داف. ومع أنهما قد تصالحا وتصافحا واعتذرا لبعضهما، فإن المشاعر كانت قد صارت متوترة، ومتعة الأسبوع كادت تصير فضيحة compromised . كان مهرجان فيستا قد تخرب، ولن تعود الصحبة نفسها أبداً. مع هذا فإن همنغوي كان قد وجد في هذه الأحداث والمشاعر موضوعاً لروايته الأولى.
لقد بقي همنغوي، بعد المهرجان، في أسبانيا ليكتب النسخة الأولى من فيستا Fiesta ، كما سُمّيت حينها، في ستة مفكرات فرنسية. كان المفترض أن تكون الشخصية المركزية مصارع الثيران، والأحداث تبدأ في أسبانيا. الراوي صحفي، ويُدعى (هيم) و(جاك) بالتناوب، كان صار عنيناً نتيجةً لجرح تكبده في الحرب العالمية الأولى. ومع أن همنغوي جعل لشخصياته أسماءً متخيلة/ روائية/ مختلقة، فإنه قد تابع الخطوط العريضة لما كان قد حدث حقيقةً قبل أسابيع قليلة فقط من ذلك. في باريس، فيما بعد، قرر أن يغير بؤرة الرواية، ليجعل الشخصية الرئيسة بريت آشلي مقدماً/ مزوداً فصلين عن خلفية حياتية عن بريت وجاك.([2]) الأحداث الافتتاحية حينئذ، انطلقت في باريس، لتتبعها الرحلة إلى أسبانيا. أنجز همنغوي تلك النسخة في 21 أيلول/ سبتمبر من العام 1925، ووضعها همنغوي جانباً، ليكتب أهجية عن قصص شروود أندرسون دعاها “سيول الربيع” The Torrents of Spring . استأنف عمله في الرواية في شرانس بالنمسا، التي قضى هو وهادلي الشتاء، وعندما اكتملت النسخة المنقحة ارسلها إلى ناشره في نيويورك تشارلس سكريبنرس سان. خلال ذلك قرأ إيف سكوت فيتزجيرالد هذه النسخة، ونصح همنغوي بقطع الفصلين الأوليين، لتبدأ الان، لا مع بريت، بل مع روبرت كون مستبعداً معلومات خلفية وقوع بريت وجاك في الحب. طُبعت الرواية في تشرين 22 الأول/ أوكتوبر عام 1926 بسعر دولارين للنسخة الواحدة. وبسرعة تم الترحيب بها بوصفها رائعة، وعُرضت نقدياً في الصحف الرئيسة، وصار همنغوي فجأة في مركز الانتباه والأهتمام. لقد اندفع كتاب الأعمدة لوصفه، وسحره، وجسمه الرجولي، وصار يُعد رجل الرجل، الذي كتب قصصاً دراماتيكية عن الحرب، والعنف، والمغامرة. لقد توطدت واستقرت تلك الرؤية في المخيلة الشعبية.
إن “وتشرق الشمس ثانيةً”، مع هذا، رواية شخصيات أكثر منها رواية أحداث، وإن الحبكة ستبدو فارغة were it not for the rich texture of personalities that interact throughout the book . الأول بين هؤلاء، حتماً، هو جاك بارنس، وذلك لأنه هو الذي يروي القصة- باستعادة الأحداث بعد أن تكون جميعاً قد وقعت. وإنه لمن المهم أن نتذكر أنْ ليس من بين الشخصيات الأخرى تظهر في الوقت الحاضر، فهي موجودة في السرد، فقط في ذاكرة ورواية جاك بارنس، وهو، إذ يختار، حر في رواية الحوادث والحوارات، والناس والأماكن. وقد كان، خلال وقت الرواية ذاك، يمر through great deal ، ولم يكن بالإمكان التعويل/ الاتكال على موضوعية منه. فرسمه/ تصويره السلبي لروبرت كون، على سبيل المثال، مشوه بوجعه/ مرارته خلال وقت الروي، إذ من الواضح أن الرجلين كانا صديقين حميمين في باريس، قبل أن يتورط كون مع بريت آشلي.([3]) لقد خسر جاك الكثير خلال صيف 1925، أكثر من أي شخص في الكتاب، ويبدو التعبير الحقيقي للرواية اعترافاً، محاولةً to terms with ما حدث، وكيف تبدلت علاقاته، وما الذي بقي لمنحه القوة لمواصلة حياته. صداقته مع روبرت كون تحطمت؛ وتوصل إلى حل وسط بشأن مكانته بين هواة بامبلونا، وإنه ليبدو أمراً مستبعداً أن يستطيع العودة إلى فيستا آخر، على الأقل ليس إلى الفندق الذي يديره مونتويو، والأكثر أهميةً أن حبه واحترامه لبريت قد تلوثا/ تشوها/ زال بريقهما. باختصار، إن جاك لم يعد، بعد المهرجان، الشخص نفسه الذي كان قبل ذلك. وإذا كان لا بد من القول إن كان قد خسر أصلاً أكثر مما يستحق في الحرب العالمية الأولى، فإنه لا يزال يخسر أكثر خلال الاحتفال في أسبانيا، إذ يتلاشى/ أكثر ما كان قد أبقاه/ وقوّاه من قبل. إنه بالتأكيد واحد من أكثر الشخصيات المنعزلين/ المتوحدين والضعفاء/ المعطوبين في الأدب الأمريكي، وأنه يروي/ يحكي انطلاقاً من خيبة أمله وألمه، his grief evident throughout . كما يقول هو عن نفسه، كل ما يريده هو أن يعرف/ يكتشف كيف يستطيع أن يعيش في العالم. وإنه ليبدو أن رواية ما حدث إنما هو جزء من عملية تعلم كيف يعيش في الظروف الخاصة لعالمه.
تنحدر هذه الظروف الخاصة من حرب كانت قد أتت بالدمار لأوربا بمستويات/على نطاق لم تُتخيَّل أبداً من قبل. فأكثر من ثمانية ملايين رجل ماتوا في الخنادق، وعدد آخر لا يُحصى قد تشوهوا، والخراب الناتج صارت ظاهرة في كل مكان. وقد تحمل الشباب بشكل خاص الترِكة البدنية والسايكولوجية لتلك التجربة، وتلك كانت فترة كانوا فيها، كمجموعة، في شك القيم المجردة/ النظرية للشجاعة والبطولة والغايات/ الأهداف الوطنية العليا/ الرفيعة.([4]) الكثير منهم شعروا بعد الارتياح/ بالضيق في مجتمعهم الأمريكي المثالي والمحافظ بعد الحرب، والمبادئ الأولية of Prohibition with the Volstead Act in 1919 تقوم فقط بالتأكيد على تحررهم من أمريكا التيار الرئيس. وبالبنسبة للمثقفين، فإن محاكمة جون سكوبس في عام 1925 لتدريسه نظرية النشوء، والصخب/ الضجة الوطنية التي رافقت المواجهة بين المسيحية المحافظة والعلمي الجديد، عمقت الشق بين جيل الشباب والقيم الراسخة.
هذا الانفصام جسده همنغوي إنسانياً في شخصية جاك بارنس، باختلاق شخص يحمل جروح الحرب بشكل شخصي عميق، وفوق ذلك جمع بين خيبته مع قيم العمل الشاق الأمريكية والتعويض المنصف/ العادل.([5]) وإنه لمن oversimplification أن نرى جاك ممثلاً قاطعاً/ لا جدال فيه لراديكالية/ تطرف الجيل الضائع، ذلك لأنه يُبدي الكثير من القيم الغرب الأوسط التي يسخر منها/ يذمها أحياناً. هو متدين بدرجة تجعله يصلي كثيراً/ مراراً حتى خلال الطقوس الوثنية للفيستا في بامبلونا، ومع ذلك هو يهزأ، في كل فرصة، من التزمّت/ البيوريتانية والمقاربات الحرفية من الكتاب المقدس، وخصوصاً في رحلته لصيد السمك مع بيل غورتن. هو يعمل بكد، ويأخذ أمر حرفته على محمل الجد، ويحاول أن يكون منصفاً/ عادلاً في تعاملاته مع الآخرين، ومع هذا فهو يستمتع بسخريات الطبقة الوسطى الأمريكية، أي تلك التي لبيل غارتون بشكل خاص. وفوق ذلك كله، فإن آراءه وأحكامه هي التي تزودنا بالوعي المعياري لتقييم أشخاص الرواية وأحداثها. ولكن للإمساك بمعنى ما يرويه، فإنه لمن الجوهري أن نفهم السياق النفسي الذي يقول ذلك فيه.
في التعليقات القليلة التي قدمها عن أحداث سابقة لصيف 1925، يظهر واضحاً أنه كان طياراً في إيطاليا حين جُرح وأُرسل إلى مستشفى في ميلان، حيث قابل بريت، وهي ممرضة مساعدة بريطانية في V.A.D. وقعا في الحب، ومن الواضح أن علاقتهما قد تعمّقت إلى أن علم أنه عقيم، وهو المرحلة التي رأيا أنه من الأفضل أن يذهب كلٌ في طريق مختلف. وفي مسار هذه الأمور، أُرسل جاك إلى إنكلترا للقاهة، وهناك رأهى بريت مرة أخرى؛ فاكتشفا أنهما لا يزالان يحبان بعضهما. مادياً هذا لم يظهر في الرواية (لقد قطعه همنغوي من المخطوطات)، ويوضح جاك أنه قد ذهب إلى موطنه في الولايات المتحدة في 1016 للعمل في صحيفة ولينسى كل ما يتعلق ببريت. ومع شريك، أسس جمعية الصحافة وحقق فيها نجاحاً. في عام 1920 انتقل إلى باريس ليعالج/ ليتولى الأخبار من أوربا حيث بقي يعمل هناك خمس سنوات حين عادت بريت إلى حياته. ومع أن همنغوي قد أزال هذه التفاصيل في مرحلة المراجعة، فإنه لم يضف شيئاً ليتعارض/ ليناقض هذه الرواية الأساسية للأحداث التي تقود إلى بداية الرواية.
خلال مدة التسع سنوات بين لندن وباريس، تمكن جاك من تعلّم كيفية العيش في عالم الرجل، مكرّساً نفسه لعمله وصداقاته وللرياضة، مشتركاً في التنس والسباحة وصيد السمك، ومشاهداً الملاكمة وسباق الدراجات، وبشكل خاص مصارعة الثيران، التي يبدو أنه يمتلك خبرة كافية عنها للتأثير حتى الأسبان. إن جرحه غير مؤثر في علاقاته مع الرجال، فهو يكسب الأصدقاء بسهولة، ويتبادل المزاح مع الأغراب والظرافة وخفة الدم مع الأصدقاء. هو يحب باريس، ويستمد ارتياحه من مهنته، ويعرف كيف يستمتع حتى بالأشياء الصغيرة في الحياة، الشوارع والأبنية والمواقع التاريخية قرب شقته في شارع بوليفارد سانت ميكيل Boulevard St. Michel . وبحدود أنه يعيش في عالم الرجال، فإن حياته مرضية بما يكفي، ولكن أعمق مشاعره هي تجاه بريت آشلي. إن حبه لها، وألمه من خيبة أمله في أن يعيشا معاً underscore كل ما يرويه.
إن بريت ليست مجرد امرأة، بل امرأة غير عادية بالنسبة للعصر، الأمر الذي لا يبدو واضحاً إنْ لم يُنظر إليها ضمن السياق التاريخي. ومن هذا المنظور، قد تُعد المرأة في “وتشرق الشمس ثانيةً” أكثر إثارة للاهتمام من الرجل. إن دور المرأة في المجتمع كان قد تغير مع كل عقد من السنين على امتداد قرن، ودائماً مع تأزمات اجتماعية وصراعات أيديولوجية. إنّ حقيقة أنّ أنطوني كومستوك كان قد نجح في العام 1873 lobbyinf congress من منع نشر معلومات عن تحديد النسل، هي إشارة إلى ما كان عليه المجتمع الأمريكي، وقد بقي كومستوك، بعد ذلك، قوة ديناميكية فاعلة في العام 1915 بحيث عينه الرئيس وودرو ولسون لتمثيل أمريكا في مؤتمر الطهارة/ النقاء الدولية.([6]) ولكن ثقافة العشرينات كانت شيئاً جديداً، دعمت أول جيل من النساء يدخن ويشرب ويستخدم الطلاق حلاً للزواج السيّئ.([7]) ومع أن المجتمع الأمريكي كان يتغير بشكل سريع، كما هو واضح في التعديل التاسع عشر في 26 آب 1920، الذي منح المرأة، لأول مرة في السياسة الأمريكية، حق الاقتراع، فإن ذلك لا يصل إلى مستوى التحرر الاجتماعي في فرنسا. كانت هناك قبل عام 1920 حوالي ثمانون جمعية نسائية في باريس تجند أكثر من ستين ألف امرأة لدعم قضيتهن، وإلى حد ما فإن تأثيرهن في التقاليد/السنن الجنسية والأعراق الاجتماعية يرد/ يتمثل تجسيدها في شخصية بريت آشلي.([8])
لا يعني هذا أن بريت هي أول ممثلة للمرأة المتحررة جنسياً والحرة في تفكيرها كيرها في الأدب الأمريكي، ولكنها بالأحرى التجسيد لما صار معروفاً بـ”المرأة الجديدة” New Woman في قصص القرن التاسع عشر. ولعل هستر برينني Hester Prynne في “الرسالة القرمزية” The Scarlet Letter لناثانييل هاوثورن أفضل ما معروف من هذه الشخصيات المتمردة، لأن خياناتها الزوجية تتضارب بشكل مباشر جداً مع أعراف الشرف Puritan الصارمة للمجتمع الذي تعيش فيه. ولكن الأكثر جدارة بالملاحظة قوة شخصيتها في مواجهة الثقافة ذاتها التي تحكم عليها/ تحاسبها، وفي نهاية المطاف تفوز باحترام المجتمع وإعجابه.([9]) بعد الحرب الأهلية مباشرةً، قدم جون وليم دي بورست في “تحوّل الآنسة رافنيل من الانفصال إلى الولاء”John William De Forest’s Miss Ravenel’s Conversion from Secession to Loyalty السيدة لاريو a Mrs Larue، التي تستخدم الجنس باستراتيجية محسوبة لتحقيق فوائد اجتماعية ومادية.([10]) وكانت هكذا شخصية، قبل عقد التسعينيات من القرن التاسع عشر، الذي هو واحد من أهم العقود في الأدب الأمريكي، قد صارت شائعة: فسيليا مادين في “لعنة ثيرون وير”([11]) لهارولد فريدريك، وأدنا بونتيليار في “الصحوة”([12]) لهارولد شوبين، ونيللي في “ماغي”([13]) لستيفين كرين كلها شخصيات نسوية قوية صغن قواعد سلوك لأنفسهن متحررة من التوصيف المسبق للقوانين الجنسية gender roles والقيود الجنسية sexual restrains للمجتمع التقليدي. واحدة من الأكثر إثارة للانتباه كانت روز داتشر في “وردة داتشر كولي” لهاملين غارلاند. فهي ليست تجريبية مع النشاط الجنسي فحسب، بل تذهب تواصل ذلك للحصول على شهادة جامعية في الصحافة وتدخل مهنة بمنصب مساوٍ لذلك الذي لزملائها الرجال.([14]) وحين تقرر الزواج، فإنها تفعل ذلك على قاعدة زواج توضح المسؤوليات المشتركة/ المتبادلة، وسلطة/ حق متساو بين الزوج والزوجة. وفي مطلع القرن العشرين، فإن ثيودور دريزر، في رواية “الأخت كيري”، القائمة بشكل وثيق/ بأمانة على حياة أخته، قد خلق شخصية كيري ميبر التي تعيش مع رجل بدون benefit of marriage، وتتركه إلى رجل آخر أرقى تأهيلاً واجتماعياً، لتتركه بعد ذلك حين تتعزز مهنتها كممثلة في نيويورك.([15]) يعني أن تفعل ذلك كله بدون إدانة authorial، ولا عقوبة صريحة، قد جعل من رواية دريزر الأولى مثار خلاف وجدل.
وهكذا فإن بريت آشلي دراميكياً ليست شخصية جديدة، في سياق التاريخ الأدبي الأمريكي، كما أنها ليست أكثر أؤلئك الشخصيات النسوية الجديدة تطرفاً من الناحية الاجتماعية.([16]) فعلاً إنها، في بعض معانيها، محافظة أكثر منها نموذج لهذه الشخصيات. فبريت، على عكس سيليا مادين، متزوجة من قبل وتنوي الزواج مرة أخرى، وكانت ستتزوج جاك سريعاً لو كان لحالته أن تمكنهم من العيش معاً. أما إدنا بونتيليار فإنها بالطبع تزدري الزواج ودور الزوجة والأم. وعلى خلاف نيللي والسيدة لاريو، فإن بريت غير مهتمة باستغلال قوتها/ سلطتها الجنسية الهائلة من أجل الكسب المادي، رافضةً، على سبيل المثال، 10000 دولاراً لقضاء عطلة الأسبوع مع الكونت ميبّيبوبولوس. ما تشارك فيه تلك النماذج النسوية الإرادة والقوةالتي لا تُقهر للشخصية التي تتيح لها استكشاف سلطتها/ تفوقها، وتشكيل علاقاتها هي، ومحاولة إيجاد المتعة والرضا وسط ظروف تراجيدية ليست من صنعها.
صورتها في الرواية متكيفة/ مقررة/ متأثرة بحقيقة أن جاك يصفها بعد كل كل الأحداث الواقعة قبلاً- بعد طيشها مع روبرت، وبعد she compromised Jake with Montoya بإغواء روميرو، وبعد ما سببته لجاك من ألم وإحباط. ولعل هذا هو وراء أن أول مشهد تظهر فيه بريت يبرز مع مرارة وقرف وينتهي بألم وفراق.([17]) تظهر بريت، وبشكل ساخر بالنسبة لامرأة ذات نزعة غريزية/ شهية جنسية للجنس الآخر نشطة، مع مجموعة رجال شاذين جنسياً في bal musette on the Rue de la Montagne Sainte Genevieve ، وهو شارع اسمه على اسم راهبة فرنسية، القديسة راعية باريس. في المرة التي رآها فيها لأول مرة، كان جاك برفقة جيوريتتي، وهي مومس يأخذها على العشاء. كلٌّ من هذين العاشقين مع رفيق غير مناسب، وقد انجذب إلى الآخر مع ثقة او قناعة غير معلنة. ويحس جاك بالاستياء والمهانة بالسلوكيات المخنثة لأصحاب بريت، and she jibes him about the restraint of trade that his date represents. ومن البداية، يكون العالم معطوباً من الناحية الجنسية، والمساءات الاجتماعية هي محاكاة ساخرة للمكن الجنسي، والسخرية الأعمق هي أن هذه البثولوجيا هي في لبّ علاقة جاك وبريت. فيكشف حوارهما في سيارة الأجرة عن المشكلة المركزية للرواية: أي أنهما يحبان بعضهما، وأنهما يشعران بأن ليس هناك ما يمكن فعله بخصوص ذلك، وأنه لمؤلم ومدمّر لهما أن يعيشا معاً(24). إن كل شيء آخر يحدث إنما هو مدفوع بهذه الحقيقة، وأنه لمن غير الممكن لهما أن يغيراه. إن المأزق أو المعضلة المركزية بالنسبة لجاك هي ما إذا كان قادراً على تغيير الحالة بإيجاد بعض القناعة والرضا في الحياة. أما المشكلة بالنسبة لبريت فهي أنها بحاجة إلى رفقة رجل، وليس من أحد غير جاك يستطيع أن يمنحها ما هو أكثر من الشعور بالمتعة الجنسية.
إن عمق هذه المعضرة واضحة في المشهد الثاني الذي يتعامل مع بريت، حين يكون يستطيع جاك، وهو وحده في شقته، إيقاف التفكير المعذب/ الموجع فيها، وفي إصابته، وفي عيشهما منفصلين، فيصرخ بفقدان سيطرة(31). إنه لمن الواضح أن جاك غير مستقر نفسياً: يبدأ ذهنه بالعمل، وهو لا يستطيع السيطرة عليه. وحين تأتي بريبت إلى شقته مع الكونت ميبيبوبولوس، كاشفةً عن أن الكونت قد عرض عليها مالاً لقضاء نهاية الأسبوع معه، فلا يكون لكربه/ معاناته إلا أن تتجدد. وفي اليوم التالي، حين تيحدث جاك وروبرت عن بريت، يظهر واضحاً أن كون منجذب هو الآخر لبريت، الحالة التي يحاول جاك أن يُخرجه منها بأن يخبره بأنها مخطوبة إلى مايك كامبيل. ويسيء كون أيضاً تفسير شخصية بريت، معتقداً بأنها مولودة to title، امرأة ذات تربية جيدة، حسنة تماماً.
تنتهي الأحداث الخاصة بباريس في الكتاب 1 بعودة بريت والكونت إلى شقة جاك. وحين يسأل جاك الكونت لماذا لا يتزوجان، فإن جاك يعلق تعليقاً ساخراً حول كيف أنهما يريدان أن يقودا حياتيهما الخاصتين، بينما تقول بريت إنها تريد ان تجد لها وظيفة/ عملاً. هذا المشهد (53-62) يعيد ذكر عدة نقاط رئيسة: وهي أنهما يحبان بعضهما بعمق ولكنهما يجدان الحالة غير ممكنة، وأن تعلقهما ببعض واضح لمن حولهما، وأن حالة أو وضع جاك غير معروف بشكل واسع، وأن ليس هناك من سبب إلا بشكل محدود جداً يدعو إلى التفاؤل بأنهما سيجدان حلاً لمشكلتهما في مسار الأحداث. وحين تنتقل المجموعة إلى زيليز Zelli’s من أجل الليلة الراقصة يكون هناك ما يذكر بشكل خفي بممارسة بريت غير الشرعية للجنس، حين يلوح لها الطبال الأسود في الفرقة الموسيقية. في الجانب السيري للشخصية، تنساق هذه الإيماءة من إشاعة منتشرة على نطاق واسع حول داف تويسدين Duff Twysden في عام 1925، بأنها غادرت إنكترا بسبب علاقة لها مع موسيقي أسود. وفي السياق، فإن تعليق بريت بأنه صديق كبير لها تعليق ساخر، كما هو حال أغنية الطبال عن امرأة two-timing . إن جاك هنا يقدم لبقية الأغنية لنا، وبشكل ذي مغزى، النقص أو الحذف عوضاً عن الكلمات، ومع هذا التذكير بمعضلتهما يغادر جاك الحفلة. قبل انتهاء الكتاب 1، يكون جاك قد عزز مكانته في عملية السرد بوصفه رجلاً ذي حساسية وألم عميق، يحق بريت ولكنه يجد موجعاً أن يتذكر الخسران الذي يعاني منه. هو يقدم لنا بريت بوصفها امرأة جميلة ذات جاذبية جنسية مثيرة للإعجاب، وهي تحبه ولكنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً حيال ذلك، كاشفاً عن فطنتها السريعة وذكائها، معاييرها لسلوكها الخاص، وحاجاتها بوصفها امرأة من الطراز الجديد New Woman. أما الكتابان التاليان، فكل واحد منهم يكشف عن بعد مختلف من شخصيتها.
إن تفاعل الشخصيات المركزية للرواية مع بعضها في الكتاب 2 يزيد من هذه الركائز. ففي هذا القسم، تزداد دراماتيكياً السخرية السردية لاستعراض الأحداث المستعادة، ويجب عدم نسيان أن جاك إنما يحكي هذه الأحداث بعد أن تكون كلها قد وقعت، وعليه فهو يعرف، وقت رواية الأحداث، كيف ستكون. وهذه غالباً ما أُغفلت، وعليه فإن حالة المشهد الأول قد نُسيت كلياً تقريباً. ما يحدث هنا هو أن بريت تخبر جاك بأنها في سبيلها لأخذ إجازة في سان سيباستيان، تماماً كما يخبره روبرت بأنه سيقضي بعض الوقت في الريف. آنذاك لا يعرف جاك أنهما قد خططا للذهاب معاً، كما لم يكن من سبب يدعوه للشك بقدر ما، لأن لقاءهما الوحيد كان في اللقاء القصير في الرقص. تُرسل بريت بطاقة لجاك من سان سيباستيان تقول فيها إن كل شيء صحي وهادئ، ولجاك الحرية في تخيّل الأمور الأخرى. وعلى أية حال، فإن، فإن المشهد يبدو، وقت الحكي، أكثر غنى. فجاك يعرف الآن أنهما قد ذهبا معاً. إن روبرت لا بد أن يكون قد عمل الترتيبات مع بريت خلال الرقص، أو بعد ذلك مباشرةً، لأنه يكن قد انقضى إلا القليل ما بين ذلك الوقت ورحلتهما. ومن الواضح أن روبرت قد حرّف طبيعة رحلته، compromising صداقته مع جاك، أما بريت lies through omission . وهكذا ينفتح الكتاب 2 على موضوعة الخيانة، وهي الفكرة التي تتعمق مع كل مشهد تصاعدي/ قادم.
لا يكتشف جاك الحقيقة حول رحلة سان سيباستيان لبضعة أسابيع. وحتى حين يتناول الشراب مع بريت في كلوسيري دي ليلاس Closerie des Lilas بعد عودتها، فإن بريت تكتم طبيعة رحلتها الحقيقية، مهملةً التجربة بوصفها (مشوقة) إن لم تكن ممتعة جداً. وتعليقها بأنها لم ترَ أحداً هناك لأنها لم تخرج أبداً، والتي هي ظاهرياً إشارة غير ضارة، تكون ساخرة بشكل مؤلم في افتراضاتها أو تلميحاتها الجنسية حين يتبين لجاك أخيراً أنها كانت مع روبرت (74-76). فيما بعد، وفي مقهى سيليكت Café Select ، تنضم بريت ومايكل كامبيل الواصلان حديثاً إلى باريس، إلى المحاورة التي تحولت سريعاً إلى سلطة بريت الجنسية. جاك يراقب ساقي بريت، ملاحظاً أنها لا ترتدي جواريت. أما مايك فهو أكثر مباشرة، معلقاً بإعادة بإن بريت هي “قطعة” جميلة، مقترحاً أن يذهبا للنوم مبكراً.
إن التشديد على جنسية بريت وممارستها غير الشرعية له يصير أكثر حدّةً في المشهد الذي يجري في مشرب دينغو في اليوم Dingo Bar التالي، حين تعترف بريت لجاك بأنها قد ذهبت إلى سان سيباستيانمع روبرت (81-82). يكشف غضبه وتوبتها أو تأسفها العميق عن الصعوبة التي يلاقيانها في working out a strategy of personal interaction . يتعجب جاك من فكرة إن روبرت مدعو للانضمام إلى المجموعة في بامبلونا، التي تجمع بذلك بين آخر عاشق لبريت مع خطيبها في أجواء الفيستا الوثنية المشحونة عالياً highly charged . لكن لا يمكن لجاك أن يتنبأ بعلاقة حب بريت المدمرة مع بيدرو روميرو.
تحتل أحداث بامبلونا قلب الكتاب 2، وهي تضع بريت في عالم لا تفهمه. وإن حقيقة أنها لا لم تر مصارعة ثيران أبداً تفترض أنها لم تقض الكثير من الوقت في أسبانيا وعليه فهي لا تعرف الكثير عن العادات الأسبانية. ولو كانت بريت بوصفها امرأة جديدة very much at home in progressive atmosphere of Paris ، فإنها ما كانت ستكون أكثر غربة أو اغترباً في العالم المحافظ لأسبانيا التقليدية، حيث النساء الشابات يكنّ دائماً بصحبة حتى الزواج.([18]) فبريت هنا، ببلوزة مشدودة وشعر قصير، ومع سلوك عِشري وحريات اجتمعاية، تُذهل النساء في بامبلونا وهن يبحلقن بها دوماً خلال الفيستا (137). إن قسماً من العنصر الوثني للفيستا، أنها تؤدي دور السيرك، الساحرة التي تحول الرجال إلى خنازير في أوسيسي لهوميرو Homer’s Osyssey ، فالرجال يرقصون حولها، حرفياً ومجازياً، مع سلاسل الثوم حول أعناقهم.([19])
إن سلسلة الأحداث التي تسبق بدء مصارعة الثيران ملأى بانفعالات قوية: شهوات روبرت ومايك، وغضب جاك الصريح على روبرت كون، ومن أجل علاقة الحب وتطفله البليد في بامبلونا، والمزيد من ألم جاك المخفي/ المتستّر عليه واشمئزازه من الوضع. وفي مركز ذلك كله بريت. إن المشاهد السليمة حقيقةً في قسم أسبانيا من الرواية هي تلك التي لا تكون بريت فيها، وتحديداً رحلة جاك وبيل إلى بورغويتي Burguette للصيد. وطالما جاك معها، فإن بريت rekindles his emotional Pathology. وحتى سماع صوتها خارج غرفته هو مؤلم له (147) ويشدد من عزلته ويأسه. وإذ يكون وحده ليلاً، وغير قادر على النوم وهو يفكر فيها، يقول “اذهبي إلى الجحيم” للمرأة التي يحبها (148). وحين يأخذ جاك بريت إلى معه إلى الكنيسة، فإنه يصلي بورع وإخلاص، ثم she then has her fortune told متعاطيةً بذلك خرافات تعود إلى أصول ما قبل المسيحية (150-151). وفيما بعد، حين يذهب جاك إلى المصلى في سان فيرمين San Fermin، فإن بريت تقف عند الباب لأنها لم تكن ترتدي قبعة. إن جاك وبريت يعيشان أكثر وأكثر عالمين مختلفين.
حين يُطبق السهم الناري عالياً معلناً بدء الفيستا، فإن بريت تصير حتى أكثر الشخص المركزي. من الواضح إنها لم تر مطلقاً من قبل مصارعة الثيران، وجاك يشرحها لها كلها بتفاصيل كبيرة. هو يراقبها عن قرب ليرى كيف تستوعب ذلك وخصوصاً طعن الخيول. وبعيداً عن أن تكون خائبة، فإنها تُفتن وترغب في الجلوس في الصف الأمامي قريباً من العرض/ الأداء/ المعركة، وتأسرها طقوس العنف في الحلبة، التي هي counterpoint لكل العنف الجنسي من حولها، ولكنها تنجذب حتى أكثر إلى بيدرو روميرو، مصارع الثيران ذي التسع عشرة سنة من روندا (165). وستكون العاطفة الفعالة، كما تبدو، هي الشهوة وليست الجنس، لأنها قبل أن تكلمه إطلاقاً، تقرر أن تغويه. في المصارعة الثانية، لا تستطيع بريت أن تحول عينيها عن المصارع الشاب الوسيم بالبنطلون المشدود. ويبدو جاك شاعراً بأن اهتمامها/ انشغالها هو بفن الرياضة ، ويخبرها بأن الثور التالي سيكون الأخير، فتقول: “ليس حقاً” ملمّحةً إلى أن (ثورها) التالي سيكون المصارع نفسه، وهو التنبؤ الذي ستثبت صحته، ذلك أن اهتمامها ببيدرو هو جنسي، وليس قضية إعجاب بفنه يُصبح واضحاً فيما بعد، حين يقدم لها أُذناً للثور الذي قتله تواً فتنساها في الفندق (199).
إن توريطها لجاك في ملاحقتها لبيدرو يُثبت على نحو مضاعف أن ذلك مُهلك، وذلك لأن أحد الأشياء التي أعطت لحياة جاك قيمة واتجاهاً كان إخلاصه دساتير سلوكية، ليس أي منها محدد بشكل أوضح، أو مشعور به بشكل أعمق أكثر من تلك التي لحلبة الثيران. إن المحادثة بين مونتويا وجاك جلية في إعجابهما ببدرو، في الشعور بأنه شيء خاص، مقدس تقريباً، شخص ملتزمان بحمايته. ولذلك فإن جاك ينصح مونتويا بأن لا يعطي دعوة السفير الأمريكي لروميرو: الخوف هو من أن السفير وفريقه أناس ذوي سلطة قوية ولا يفهمون قيم المصارع العظيم حقيقةً، وأن تأثيرهم قد يجرحه بطريقة ما. ولم يكن جاك يبالي لو أنهم تلكموا مع المصارع مارسيل لالاندا، الذي لم تكن مهارته فريدة، ولكن هناك تفاهم واضح بين مونتويا وجاك بأنه يجب أن لا يلحق أذى ببيدرو (171-172). وإنه لذو دلالة أن يناقش مونتويو المسألة مع جاك: إن بامبلونا ملأى بالأسبان الذين يتابعون مصارعة الثيران، لكن مونتويا لا يتشاور معهم، وواضح أن فهم جاك لأشكال الرياضة رابط خاص بينهما.
تلك هي القرينة على تصوير جاك لهذه الرابطة حين يقدم بريت لبيدرو. وهو، في فعل ذلك يثبت أن إخلاصه/ولاءه لها لهو أقوى من التزامه بدساتير الهواة code of the aficionado. لقد عُرضت هذه القضية مرتين. في المشهد الأول، جاك ببساطة دعا بيدرو لتناول لتناول مشروب معهم في المقهى، مقدماً بريت لبيدرو في مسار أمر طبيعي. مونتويا يراقب هذه الحركة بعدم تأييد قوي، ناظراً إلى بريت، وكتفيها العاريين، والكونياك الذي يشربه بيدرو (177). وحين يغادر بيدرو، تتركز تعليقات بريت على الجاذبية الجنسية مفكرة بكيفية دخوله في هكذا ملابس ضيقة، ملفتةً النظر إلى حسن منظره. وحين يغادر جاك وبريت المجموعة ليتجولا في المدينة، تشكو بريت من روبرت، وكيف أن توتر أو شدّ حضوره يزعجها. يعلّق جاك بأنه لا بد يكون وجود روبرت في الجوار قاسياً على مايك، لكنه لا يتلفظ بالوائح وهو أن ذلك قاسٍ عليه هو أيضاً.
هذه هي اللحظة التي عندما، استجابةً لملاحظة/ تعليق جاك القلبي/ الصادر من القلب بأنه لا يزال يحبها، تعترف بريت بأنها “goner،” عاشقة بشدة لبيدرو (183). ولأن بريت لم تتكلم مع بيدرو إلا مرة واحدة، فإن مفهومها عن الحب يبدو صبيانياً بشكل محزن لامرأة في الثالثة والثلاثين ومتزوجة مرتين، الأمر الذي تعترف به هي حين تقول إنها قد فقدت احترامها لنفسها وتدعو نفسها بـ”المومس” (183-184). حينئذ يوافق جاك تسهيل اقتحامها/ كسبها لروميرو، ويعود بها إلى المقهى، فكان عمل جاك هذا أعمق تضحياته بقيمه الشخصية، وتشكل روايته لتفاصيل المشهد اعترافاً، وتطهّراً عن طريق rendition. وبمجرد أن يرى جاك أن بريت وروميرو مشغلين عميقاً في الحديث، وأن مصارع الثيران يفهم لا مغازلتها الزائدة فحسب بل معنى مغادرة جاك، وهو أنها تشير إلى تأييده لعلاقة الحب، ولن يشكل إهانةً له أن يصير روميرو متورطاً معها، يغادر المقهى. ويعود بعد ذلك بوقت قليل، ليلقي نظرة إلى الغرفة من الخارد وتأكد من أنهما كانا قد غادرا. تريّث تفرسه عند المشهد/ الموقع إلى أن نظف النادل المنضدة، مؤشراً على أن جاك ليس حساساً مما فعله.
ينتج عن إخضاع/ افتحام بريت لروميرو كماً كبيراً من العنف. فروبرت، الذي بدا قادراً على التعامل مع فكرة أن يكون مايك خطيبها، يغضب بعنف حول علاقتها مع روميرو، فيضرب جاك في مقهى سويزو Cafe Suizo ثم ينفجر باكياً، وقد ضرب مايك أيضا وإنْ ليس بجدية/ بخطورة. ويعرف جاك فيما بعد أن روبرت كان، حين غادر المقهى، قد ذهب الفندق وضرب روميرو بشدة. وهكذا فجاك ومايك وروبرت وبيدرو قد جُرحوا جميعاً بسبب اشتهاء بريت لشاب في نصف عمرها، غير فاهمة/ مدركة لعالمه أو مكانته فيه. روبرت وكاك، الصديقان القديمان في باريس، لن يبقيا صديقين مرة أخرى أبداً. مونتويا does not acknowledge when they pass the stairs، وهو الأمر الذي يُذكر ثلاث مرات. أما بيدرو فقد فقد براءته، كما هزم بشك سيء في العراك، بينما خسر مايك المرأة التي نوى الزواج بها، ومع أنه لا تدرك بعد ذلك، فإن بريت قد خسرت قسماً آخر من احترام النفس المتناقص. وعند هذه النقطة، في موضوع الثمن البليغ لجنسيتها، ينتهي الكتاب 2.
ومع ذلك، يقدم الكتاب الثالث،الذي هو الخاتمة الموجزة للرواية، جانباً آخر من بريت، المرأة الضعيفة/غير المحصّنة، القادرة على الاستقلال والتوبة/الندم، وهي ترتفع فوق ما تنفذه الشهوة الحسية، وتحتاج لدعم من جاك. هذا القسم كله ما بعد الأحداث.. بريت وبيدرو في مدريد، بينما يتجه بيل ومايك وجاك معاً نحو الساحل قبل أن يفترقوا. يأخذ جاك فترة استراحة في بيونّي Bayonne ثم يذهب بعد ذلك إلى سان سيباستيان، حيث يتلقى هناك برقية من بريت تقول له أنها في مشكلة ما وهي بحاجة إليه. إن رغبة جاك في الذهاب إلى مدريد لمساعدتها تؤشر أنه لا يزال يحبها، وأن طيشها لم يقتل ذلك الجزء فيه، وأن حضور تركه للألم الذي يتواصل ارتبطاً بها مرجّح. وكان لبريت إعترفاها المؤلم، مدركة أن بيدرو كان خختزٍ منها، وأنه يريد أن يغيرها، متوقعاً منها أن تُطيل شعرها لتصير امرأة اسبانية لائقة. وقد جعلتها فكرة ما كانت عليه تبكي، في مقابل بكاء جاك في المراحل الأولى من الرواية. وهي تنال ارتياحاً بقرارها أن لا تكون مومس، ولكن لم يكن هنااك إلا القليل ليهب أيّاً منهما عزاءً. وإشارة بريت الختامية، بأنهما لم يكونا ليستطيعا أن ينالا حياةً جيدة معاً، لا تنتزع من جاك إلا رداً ساخراً/ كلبياً، “أليس جميلاً الاعتقاد بهذا”، والذي يُنهي الرواية.
في أقسام الرواية الثلاثة لـ”تشرق الشمس ثانيةً”، يرينا، إلى حد ما، جاك أبعاداً مختلفة للمرأة التي يحب- المرأة الوحيدة تماماً التي سيحبها، لأنه لم يكن لديه فرصة الحصول على علاقة أخرى. هو يستطيع أن تذكر العلاقة الموجزة التي كان لهما في المستشفى، قبل أن يعرف بعجزه الجنسي، وسيعرف فيما بعد كم هي مدمرة علاقتهما لكليهما الآن، وليس إلا مع سخرية يتوقع/ يتأمل الحياة الرائعة التي ربما كان من محتملاً أن ينالاها معاً. لقد ظهر جاك لبريت في باريس ساحراً/ عذباً ولطيفاً وشهوانياً/ حسّياً بشكل غير عادي، بينما تحت السطح كان يوحي بالألم في حياتيهما، الجروح التي يحملوها من الحرب. في قسم أسبانيا أعاد العنف الجسدي والعاطفي الذي نبع/ انحدر من جاذبيتها ونشاطها الجنسي الاستحواذي/ استحواذيتها الجنسية، وانتهى بكشفه عن حبه الدائم/ الذي لا نتهي/ المتواصل وقابليتها للعطب. لقد نضج، كما يظهر في استعادته للأحداث، لكنه قد ارتكب بعض الأخطاء أيضاً، وقد خان الكثير من القيم التي كانت مهمة له. وقد صار واضحاً أن بريت هي الشخص المركزي في حالته النفسية، الذكرى التي لا يستطيع أن يهرب منها، جوهر حياته حتى مع أنهما لا يستطيعان الزواج.
مع هذا هناك قريبة/ سياق أخرى يجب أن نفهم فيها بريت، لأن كامل تعقد شخصيتها يتطلب أن ننظر إليها على عكس النساء الأخريات في الرواية. فهي، بوصفها (امرأة جديدة)، لافتة للنظر/ مهمة، ليس فقط حين تُقيّم في مقابل الرجال، بل بالمقارنة مع النساء من حولها. من هذا المنظور تصير شخصيات الرواية الثانوية ممتعة تحديداً. وهذه النساء الأخريات يعملن/ يؤدين وظائفهن بطرق منوعة، من تعزيز قيم الجيل الضائع إلى تذكير جاك بما هو فاقد له، to setting Bret Ashley in relief, juxtaposed against ضد النماذج المتعاقبة للسلوكيات الأنثوية.
متذكرين أن كل شيء يتضمنه السرد يجب أن يعني شيئاً لجاك وقت القصّ، أو ما كان له ليتكلف تضمينه، فإن الشخصيات التي تمت الإشارة إليها بإيجاز، ولو حتى في سطر واحد، لا بد أن تكون لها بعض الأهمية. فعلى سبيل المثال، القليل من القراء سيتذكرون اسم كاثرين كيربي، التي يُشار إليها/ تُذكر، ولكنها لا تظهر في الرواية فعلياً أبداً، ومع هذا فالإشارة السريعة إليها تلعب دوراً دراماتيكياً. فحين يواجه جاك بريت لأول مرة في الرقص، ويأخذان سيارة أجرة معاً لأول مرة، وواضح هنا أنهما يحبان بعضهما بعمق، فإنهما يكتشفان أن استحالة علاقتهما تعذيباً، ويعتقدان أن من الأفضل أن يبقيا بعيدين الواحد عن الآخر. ويستطيع جاك، في وحدته، أن يُنشئ لنفسه دستور قيم في العمل، والرياضة، والحياة اليومية التي تمنحه شيئاً من الاستقرار بالرغمن من خسارته. وقد كان جاك، في المخطوطة الكاملة الأولى، واضحاً جداً في هذه النقطة:
“الشيء الذي أتمنى أن أجعل القارئ يصدقه، وهو على أية حال لا يُصدق، هو أن مثل هذه العاطفة والشوق يمكن أن يوجد فيّ لبريت آشلي، بحيث أنني أشعر أحيانانً أنه سيمزقني مزقاً، ومع هذا فإني في فترات فاصلة وحين لا أكون أشاهد بريت، وإنهما الجزء الأعظم لذلك الوقت، فإنني كنت أعيش حياةً سعيدة.”([20])
لقد تجسدت هذه الفكرة درامياً في الرواية المنشورة. أما الحدث المكثّف يأتي بعد مواجهة جاك الأولى لبريت مباشرةً، حين يعود إلى شقته ويفتح إعلان الزواج من السيد والسيدة ألويوسيوس كيربي regarding مشيرين إلى زواج ابنتهما كاثرين. فهذه الوثيقة هي التي حفزت ذهن جاك للعمل: “كانت هناك شارة في الإعلان. مثل زيزي الدوق اليوناني. وذلك الكونت. كان الكونت مضحكاًز بريت أيضاً كان لديها لقب. الليدي آشلي. فلتذهب بريت إلى الجحيم. اذهبي إلى الجحيم يا ليدي آشلي”(30). هذا هو مشهد تيار الوعي الذي يفكر فيه جاك بجرحه، وبأوسبيديل(مستشفى) ماجيور Ospedale Maggiore حيث قابل فيها بريت بعد إصابته/ جرحه، وبرؤيتها مرة أخرى في إنكلترا خلال فترة نقاهته: “أستلقي يقظاً مفكراً وذهني يتقافز هنا وهناك. لم أستطيع البقاء بعيداً عن الموضوع/ الأمر، فبدأت التفكير ببريت… ثم بلحظة مفاجئة بدأت أبكي”(31). إن الإشارة إلى/ ذكر زواج كاثرين كيربي، الاسم الذي لم يميزه حتى، يخدم في تذكيره بعلاقته غير الممكنة مع بريت. إن هذا، بأشكال عديدة، لهو أكثر الأحداث انفعاليةً/ عاطفيةً في الكتاب 1، وهو يرينا خبرة همنغوي في استخدام التلميح/ الإيحاء غير المباشر خلال ما يبدو مرجعية عارضة.
وبنمط مماثل يعزّز نموذج من المرجعيات/ الإشارات/الإحالات إحساس جاك بالخسارة. فعلى سبيل المثال، بعد عودة بريت إلى باريس من مغامرتها/ طيشها في سان سباسيتان مباشرة، وقبل أن تكشف عن أنها قد ذهبت إلى هناك مع روبرت، ينطلق بيل وجاك للتجوال في شوارع باريس، متمهلين/ متباطئين على جسر للتمتع بنوتر ديم Notre Dame خلال الليل. يتذكر جاك بأن “رجلاً وفتاة قد مرا بنا. كانا يسيران وذراعا كل منهم تطوق الآخر” (77). لا بد أن همنغوي كان قد أعتقد بأن هذا المذكِّر بالمغازلة مهم، لأن هذا المقطع غير موجود في المخطوطة الأصلية،([21]) وأنه قد قام بهذا العناء بعد ذلك. وعلى نفس المستوى تأتي الإشارة إلى الزوج والزوجة الابن الصغير الذين يشاركون جاك وبيل في مقصورة القطار في رحلتهما إلى أسبانيا (85-88). هم من الطبقة المتوسطة، تقليديون، وليسوا ممتعين، هما بالضبط من نوع الناس الذين سينتقدهم جاك وبيل فيما بعد، ومع هذا فهم يجسدان العائلة التي لن يكون جاك قادراً على الحصول عليها. وعلى هذه الشاكلة، وبعد الدمار الذي حدث في بامبلونا، يمعن جاك النظر/ يسهب، حين يسبح جاك ، في العاشقين الشابين (235) وفي الممرضة الأسبانية (بريت كانت في سبق ممرضة) مع الأطفال الأسبان الجميلين بجانب الجندي ذي الذراع الواحدة (237).
إن ملاحظات جاك المستعادة عن المرأة، والتي ترتبط بروبرت كون هي تحديداً مرة/ مريرة، مقدمين given the أحداث الصيف. وجاك الذي ليس لديه لا علاقة حب ولا عائلة، يقدم التفصيلات عن زوجة روبرت وأطفالهما الثلاثة، مشوهاً سمعة روبرت أكثر من خلال التلميح إلى أنه كان قد بدد، بانغماس ذاتي، ما أصبح جاك يثمّنه بشكل كبير. وأن جرة زوجة روبرت الثرية له من أجل “رسام منمنمات”، وهو تعبير غامض بشكل مثير، يلمّح أكثر إلى إنه فاشل في الحب- الموضوع الذي لا تترتب عليه إلا القليل من النتائج في زمن الفصل الأول، ولكنه يكون درطةامياً ذا صلة وثيقة بعد هروب بريت معه، ومن ثم نبذها له. إذن فإن أم روبرت، التي يُشار إليها ولكن لا تُقدَّم فعلياً في الرواية، تعطيه منحة/ بدلاً بقيمة 300 دولار بالشهر تجعل من ابنها، صعب المراس، في موقع طفل، على عكس الاكتفاء الذاتي لجاك وتكريس نفسه لمهنته.
في هذا الصدد، إنه لمهم وذو دلالة أن همنغوي قد ألغى من المخطو كل الإشارات إلى أم جاك نفسه، التي كانت موضوع مقطع طويل في المسوَّدة الأولى:
كنت صغيراً جداً وكان والدايّ يمران بفترة حماسة دينية بحيث كان هناك (العديد من) عدة أشياء كانت أمي تقول إنها لتود أن تراني في قبري على أن تراني أفعلها. إنها لم تكن، في الواقع، أموراً مهمة، مثل تدخين السكائر، والمقامرة، وشرب الخمرة، والأخيران لم يكونا محل تفكير وبعيدين من أن يكونا خطايا. [المخطوطة، ص47]
ومع أن هذا المقطع يتواصل باستفاضة، فإنه يقدم جاك في دور ابن ويعمل بشكل ما على تحسين وضع عزلته في العالم. لو كان لجاك أم وعائلة في الولايات المتحدة، وصارت وحدته وكآبته غير محتملتين، لكان باستطاعته دائماً الذهاب إلى الوطن، وما كان لوضعه أن يصير مدمَّراً كون أنّ هذا الوضع هو في ، مع عدم وجود بديل عن ذلك في حياته بباريس. وفوق ذلك، يبدو جاك أكبر عمراً بعض الشيء من أن يُسهب في الكلام عن ممنوعات/ تحريمات الأم، a concern out of keeping with the jaded and world-weary crowd of Left Bank . وعلى أية حال، فإن بقايا صبا جاك، بما في ذلك المشهد الذي يحضر فيه هو وأمه جنازة العم جاكوب، الذي سُميّ جاك على اسمه، قد حُذفت من النسخة الأولى المطبوعة على الآلة الطابعة. إحدى التعليقات المستأصلة، المتعلقة بالجنازة، كانت وثيقة الصلة خصوصاً بقيم جاك. “إنه ليبدو غريباً أن كل شيء أستطيع أن أفعله سيجعلها ترغب في رؤيتي في تلك الحالة [i.e., ميت، مثل العم جاكوب] و(يشوهني) يجعني مقابل كل رؤاها وقيمها الأخلاقية” [المخطوطة، ص50]. ما يرفضه جاك الصغير على وجه التحديد هو تزمت أمه الصارم/ القاسي، الذي تقدّره حتى فوق ابنها. إن جاك يأخذ عهداً على نفسه، حتى وهو طفل، أن لا يكون له ما يربطه بذلك، وإن هذه الذكرى هي التي بالأصل تُعلمنا بالحوار الساخر بين جاك وبيل على شواطئ نهر إيراتي. والمشهد ليس فقط محاكاة ساخرة للأصولية في أبسط صورها لويليم جينينغس بريان William Jennings Bryan ودوره في محاكمة سكوبس Scopes trial في عام 1925، بل هو يمثّل أيضاً رفض همنغوي الشخصي نصائح أمه وتحذيراتها/ وعظها الصارمة. لكن همنغوي كان ذكياً بإلغائه جميع الإشارات إلى أم جاك: فقد كانت النغمة التراجيدية للرواية ستضعف لو أن أن سخرية جاك المتمردة صُورت على أنها ثورة/ تمرد ضد أم متغطرسة أكثر نتائج/ الإفرازات السايكولوجية المتعذر تغييرها التي صارت في كل مكان للحرب ولإصابته.
إن المشاهد التي أشركت فرانسيس كلاين هي تحديداً ترجيعات، إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار وقت رواية جاك للأحداث. فعلى أحد السمتويات، يقف تعامل روبرت مع فرانسيس على النقيض المباشر لعلاقة جاك مع بريت. لقد كان جاك قد عانى تواً من خلال مهانات بامبلونا المتعددة الجوانب، اعترافها باندفاعها المخزي مع روبرت، وإغوائهها الممر لبيدرو روميرو، ومع ذلك فإنه، حين تحتاج إليه، يذهب إلى مدريد لإنقاذها. وعلى العكس، فإن روبرت، الذي له علاقة من ثلاث سنوات مع فرانسيس، يرفضها حين يصبح مقتوناً ببريت، ويرسلها إلى إنكترا (69). واضح أن جاك هو البطل في هذا التباين بين الشخصيتين، وأن روايته لذلك يمنحه الثأر من روبرت الذي لم يستمتع في أحداث الرواية أبداً.
لكنّ فرانسيس، على العكس من بريت، أكثر تشويقاً. فبينما بريت تحب بدون قيود، فإن فرانسيس مستبدة، وغيورة، وتملُّكية ومصممة على الزواج من روبرت (5). لتوضيح/لإثبات هذه السمات، فإن همنغوي يجعل جاك جاك يستعيد مشهداً في عام 1924 تناولوا فيه، هو وروبرت وفرانسيس العشاء في باريس. حين يذكر جاك خططه لأخذ روبرت إلى ستراسبورغ، حيث تستطيع فتاة يعرفها أن تُريهم المدينة، فإنه يشعر بركلة تحت المنضدة فيغير الرحلة المقترحة إلى مكان آخر. وروبرت غير قادر على مواجهة فرانسيس مباشرة، فيكون عليه أن يبرر لنفسه أن يشرح غيرتها لجاك. عندذاك يقدم جاك ملاحظة: “أنا بالأحرى أحببته، ومن الواضح أنها قد led him quite a life” (7).
المشهد الرئيس الثاني مع فرانسيس يجري بعد سنة من ذلك، وبعد أن يصير بريت مفتوناً ببريت. ففي يأسها، تُفضي فرانسيس لجاك: ” we have dreadful scenes، وهو يبكي ويتوسل بي أن أكون متعقلة/ عاقلة، لكنه يقول إنه فقط لا يستطيع أن ينفذ/ يفعل ذلك” (47). وعندما يلتقي ثلاثتهم لتناول المشروب في السيلكت Select، فإن فرانسيس تقدم لروبرت الإغراءات علناً، متكلمةً عنه مع جاك بضمير الشخص الثالث/الغائب، معربةً بصراحة عن أكثر صفاته بعثاً للأسى: “استدارت نحوي بتلك الابتسامة المتألقة جداً. لقد كان مرضياً لها جداً أن يكون لها في هذا أتباع audience(49). إن قسوة سخرياتها هي إلى حد كبير لجاك، فيهرب بالذهاب إلى المشرب”. “رفع كون نظره حين دخلت. كان وجهه أبيض/بريئاً. لماذا جلس هناك؟ لماذا يواصل taking it like that?” (51)، هنا، في مرحلة مبكرة من القصة/ السرد الذي يرويه جاك، تُشوه سمعة روبرت/ تُضعف الثقة بروبرت في علاقات الحب، ويُصوَّر على أنه مخادع/ منافق/ غير مخلص في علاقته وعلى أنه عقيم/ غير ذي جدى في تعامله مع النساء. أما فرانسيس فتٌقدَّم من ناحية تباينها بشكل مباشر مع علاقة بريت مع جاك- تقبُّلها المؤلم/ الموجع للمأساة، her independence of spirit، وحبها المكتسح وغير القائم على الطلبات.
المومس جيورجتّي هوبين تلعب، في الرواية، دورها بأسلوب مشابه. ويكشف الجزء الذي يرويه جاك عنها عن حسه الساخر، ويُلمّح، للمرة الأولى إلى أن (مريض) نتيجة للحرب. إن لقاء/مواجهة جاك مع جيوريتتي يتيح لهمنغوي تقديم الخلل في الظيفة الجنسية لجاك قبل لقائه ببريت، حيث نتائج ذلك يُحس بها بشكل عمقاً. وهو يرينا أيضاً أن حاجة جاك للرفقة لتلطّف/ لتزيل وحدته وأخلاقية التعويض، حين يترك لها مالاً في المرقص. The galley proof of the novel، وبشكل مثير للانتباه، على مومس أخرى، “two-hundred-pound meteoric glad girl تُدعى فلوسي، والتي كنات تمتلك ما معروف بـ(قلب من ذهب)، ببشرة وشعر جميلين وشهية، and an invulnerability to hang-overs “.([22]) لقد حُذفت هذه الإحالة/ الإشارة حين قُطع الفصلان الأولان، لتُترك جيوريكتتي وحدها في المهنة. لكن أمسيته مع جيورجيتتي لم تكن تجربة فريدة لجاك، وذلك لأنه يُدرك أنه كان قد تعشى مع مومسات من قبل، مع أن ذلك لم يكن من مدة طويلة، وكان قد نسي كيف كان من ممكناً أن يكون كئيباً(16).
وجيوريجتي، بوصفها مومساً بأمراض تناسلية، تجسد خزي/ انحطاط الجنس مقابل المال، وهي النقطة التي تؤكدها أسنانها الرديئة وابتسامتها الصادمة. وهي يمكن أن تكون موضوع سخرية/ فكاهة فقط بوصفها شخصية مسطّحة، وبدون خلفية حقيقية، وبدون شرح/ توضيح عن كيفية مجيئها إلى باريس، ولا اهتمام عما صار لها. لو كانت قد قُدِّمت عُرضت مع عمق، ولو أن الحالة وُصفت من وجهة نظرها، ضياع الحياة بدون بشير نجاح/ خير، لكان وصفها تراجيدياً، ليس عديم شبه بذاك الذي لجاك نفسه. وعليه فإنه لمهم ستراتيجياً أن لا يهتم invoved جاك بها. في المخطوطة، يقبلها جاك بعاطفية وانفعال خلال ركوبهما التاكسي، جاذباً إياه بشكل أوثق إلى عالمها. لقد حُذف هذا المقطع قبل النشر، مع أن هذا المشهد معها وازى كثيراً ركوبه التاكسي مع بريت بعد ذلك بصفحات.([23]) لو أن جاك قبل امرأة أخرى لكان ذلك قد أضعف تأثير تقبيله لبريت وجعل جاك يبدو مغامراً أكثر منه مخلصاً ولكن أقل أملاً به عاشقاً. جيورجيتي، التي لا تحب باريس وتقايض الجنس بالمال، وُضعت بقصد/بإصرار بتباين لبريت التي تحب باريس وترفض قدراً كبيراً من المال مقابل لتخرج مع الكونت موبيبوبولوس. يبقى أن لموح أنه حين تأتي بريت إلى شقة جاك أواخر الليل فيكون لها مشاكلها مع البواب، فإن جاك يسيء لأول مرة تفسير الحالة: “عندها سمعتُ صوت بريت. كنت قبل ذلك، وأنا نصف نائم، متأكداً من أنها كانت جورجيتي.. لا أدري لماذا؟ فهي ما كان لها لأن تعرف عنواني (32). ومع أن ذلك ليكون أكثر من التشوش الناتج عن شبه الوعي الذي كنت عليه، فإنه ليبدو غير محتمل أن تكون لهجة مومس بلجيكية شبيهة جداً لتلك التي لممرضة بريطانية. يبدو أن بعض المقارنة أو التباين (المقابلة) قد حضرت.
إن شخصية جورجيتي قد تنجز عدة أشياء أخرى. For one ، إنها تبرهن على أن جاك ، مستشعراً/ مدركاً أن جورجيتي تعرف كيف تُسلّي عملائها. فعندما تعترض على المطعم الذي يختاره جاك، داعيةً إياه “ليس بالشيء العظيم”، فإنه يستجيب “لربما تفضلين الذهاب إلى فويوتس Foyot’s. لِمَ لا تُبقين على عربة الأجرة وتذهبين/ وتواصلين” (16). فيما بعد، وحين ينضمون إلى الصاخبين / المعربدين، تصير أضحوكة/ هدفاً لكم كبير من النكات. يقدمها جاك (“أرغب في تقديم خطيبتي، الآنسة جيورجيتي ليبلانس”) بتعبير كبير السخرية، ليس بسبب عدم صلاحية/ إمكانية أن يكون خاطباً فحسب، بل بسبب أن المطربة الأشهر في باريس في ذلك الوقت كانت جيورجيتي الحقيقية، عشيقة ميتيرلنك Maeterlinck السابقة، وكانت ايضاً سحاقية جميلة ارتبطت بعلاقة، في ذلك الوقت، مع مارغريت أندرسون.([24]) وكان للقارئ الفطن في ذلك الوقت أن يميز المفارقات المتعددة لرجل مهم وهو يتظاهر بأنه خطيب لمطربة سحاقية مشهورة. إن السياق يؤكد كم أن السيدة بريدوك كانت بليدة، ليس لأنها لا تلتقط النكتة فحسب، بل لأن شرحها لها سيعني يُشعرها بأن من الضروري أن تُشرح للبقية (18). ويأتي عوز برادوك للفطنة/الفهم على النقيض من قدرة بريت السريعة على تقييم الحالة. وهناك بعد آخر لمشهد جيورجيتي، وهو أن المومس تعارض بشكل فوري سلوك/ أسلوب فرانسيس المقوس arch (؟) والتسلطي- السلوك/ الأسلوب الذي من الواضح أن روبرت كان غافلاً عن ذلك كله to all along . من هنا، يقدم هذا المشهد الموجز مع جيورجيتي الكثير للرواية، معرفاً بالمشكلة المركزية لجاك، التنكيت الجنسي الذي يسود سلسلة الأحداث، تآكل العلاقات بمرض pathology الجيل الضائع. ولعله لهذا السبب، فإنه حين سيقرأ إيف سكوت فيتزجيرالد المخطوطة لأول مرة، فإنه يقترح على همنغوي بأن تبدأ الرواية من التقاط جاك لجيورجيتي.([25])
الشخصية الأخرى التي كادت تُهمل كلياً في نقد همنغوي هي إدنا، المرأة الشابة الجذابة بشكل غير اعتيادي التي قابلها بيل في بياريتز. يتكلم مايك معها من ناحية/حيث in terms that parallel those of the earlier scene with Brett . يقول مايك: “أقول/أرى أنها فتاة فاتنة/ حلوة. أين كنتُ؟ أين كنت أنظر طيلة هذه المدة؟ إنك لشيء رائع” (180). تنصرف إدنا مع مايك وبيل، تاركةً بريت مع جاك لتعترف له بأنها مهووسة ببيدرو. وحين تغادر بريت لتكون مع روميرو، فإن إدنا تمارس دور البديل لها في المجموعة: فتكون إدنا هناك حين يُضرب جاك على يد روبرت. وبعد ذلك يأخذها لترى holding pens قبل عدو الثيران، كما كان قد فعل مع بريت من قبل، وتكون هناك في الحلبة عندما تأتي الثيران، تصرخ مع دخول الثيران، وتريد من مايك وبيل أن يدخلا إلى الحلقة معها [مع الثيران]، وتستمتع بإثارة الفيستا بدون تعقيدات. وتظهر وبيل الشخصين الوحيدين المتعافيين/اللذين بصحة تامة فعلاً في الرواية، مع أنها تفتقد دعابات/ظرافة/فكاهات بيل الممتعة، وهي تختفي في الحشد حين تعود بريت إلى المجموعة من أجل الظهور الأخير لبيدرو. وكبديلة مؤقتة، ليس لها مكان في المجموعة حين تعود بريت. مع ذلك، فإن بريت تظهر متفردة حتى حين تُقاس أو تُقوم مقابل إدنا، التي تشبهها في العديد من النواحي، كون إدنا ليست لها معنى معين لجاك، وهو لا يتوقف عند شخصيتها.
معروضةً/مقدمةً في سياق الوقت المزدوج للرواية، ومع اهتمام خاص بما ستكون عليه من أهمية لجاك وقت روايته للأحداث، ليس مفاجئاً أن سرده يجب أن يركز على بريت وعلى طيف spectrum النساء من حولها. وبعد كل شيء/ هذا، فإن إصابة جاك هي التي تغير/ تحول علاقاته بالنساء. توجهه نحو العمل؛ واهتمامه بالملاكمة وصيد السليمون وسباق الدراجات وكرة المضرب؛ ومصارعة الثيران؛ وحيوية محادثاته وصداقاته الرجولية الحميمة لا تضعف بعجزة الجنسي، لكن هذا العجز يفضح compromise علاقاته مع النساء، خصوصاً علاقة حبه مع بريت. إن عمق معاناته/ كربه واضح، بعد عقد تقريباً من إصابته، في مرضه العاطفي/ الانفعالي، وفي قنوطه/ يأسه الذي يكشف عنه في شقته بباريس. وأنه لذو معنى أنه، بمراجعته لأحداث الصيف، كان يجب أن يتوقف عند معنى خسارته، الحياة التي كان من المحتمل أن تكون له ولبريت، وما بقي له.
إن الخسارة لدى (الجيل الضائع) قويت أساساً به وصارت لقصص ذات قوة and it makes for powerful fiction . إن الرواية تشتغل، جوهرياً/ في النهاية، لأن جاك في ظروف غير طبيعية/ شاذة، ومع هذا هو يقدم وعياً معيارياً في القصة التي يرويها. إنه يظهر رجلاً ذا ذكاء وظرافة وحس سليم، فقد أكثر مما يستحق في الحرب العالمية الأولى، ولكنه تعلم كيف يصنع لنفسه حياةً. في صيف 1925 دمر/أتلف أكثر ما كان قد أبقاه had sustained him . بالانتقال/ بالوصول إلى فترات دماره العاطفي، هو يحكي روايته، تكرار شاف لا يركز كثيراً على عالم العنف والمغامرة الرجولي بقدر ما هو على بريت والنساء من حولها.
