في ثقافة الصورة
الصورة والكلمة والأدب
نقد مقولات الموت([1])
أ د. نجم عبدالله كاظم
( 1 )
تأتي هذه الورقة، في ظل الموجة الهادرة من الكلام عما صار يُعرف بثقافة الصورة وغزوها، وبشكل أكثر تحديداً ما يُقال عن تأثيراتها المتحققة والمفترضة، في الكلمة عامة والأدب خاصة، لتناقش هذه الموضوعة، نعني تأثير الصورة وثقافة الصورة في الأدب والكلمة عموماً، وبشكل خاص فنونه السردية، الرواية والقصة، والكلمة. وستكون لنا عناية واهتمام خاصّان بمناقشة ما نسميها مقولات الموت الرائجة في هذا الإطار.
وإذا كان الجنس الأدبي هو ببساطة ودقة في الوقت نفسه “أحد القوالب التي تُصب فيها الآثار الأدبية”([2])، بخصائصها ومقوماتها ليختلف بذلك عن الأجناس الأخرى، وقد لا يتداخل معها، فإنه قد بدأ من مدة ليست بالقصيرة، كما هو معروف، يغادر الالتزام الصارم بمثل هذه الثوابت- الخصائص والمقومات- فلم يعد يُنظر إلى الأجناس، كما عبر بعضهم عنها في النصف الأول من القرن الماضي، على أنها “قد تُعتبر أوامر دستورية تُلزم الكاتب، وهي بدورها تلتزم به في وقت واحد”([3])، بل صارت، كما يقول بارت، عبارة عن “مجموعة من مقومات وقوانين أو شفرات يُتعارف عليها، تتبدل من عصر إلى عصر”([4](. وهذا يعني أن الجنس الأدبي ما عاد مُسلَّماً به كياناً ثابتاً، بل صار متغيراً ومتداخلاً مع غيره من الأجناس الأدبية. ولكن إزاء الاتجاه العلمي، وربما النقدي للتبويب والتقعيد ولتحديد المعالم والسياقات والخصائص المشتركة ما بين كل مجموعة من الكتابات أو الإبداعات، والرغبة في تحديد الهوية ومعرفتها من جهة، والنزعة نحو التجديد، فقد صار طبيعياً أن “يتألف استمتاع الناس بالعمل الأدبي من إحساسهم بالجدة وإحساسهم بالتعرف”([5])، على حد تعبير أوستن وارين. وبظننا أن هذه المعادلة تحديداً هي التي تزن الفعل والقول في حركة الإبداع، ولهذا علاقة بقضية أكبر من أن تكون خاصة بميدان الأجناس الأدبية. إنه متعلق بنزعة التجديد والمغايرة والتغيير التي تصاحب الإنسان عادة، بإزاء التقليد والتمسك به، وبالجمود ومقاومة التجديد أحياناً. ولكن هذه النزعة المشروعة والإيجابية في جوهرها، لأنها الوسيلة الطبيعية للتطور، كثيراً ما تحولت ذاتها إلى هدف، لتكون عند البعض سعياً مجرداً للمغايرة ومغادرة السائد أو الموجود. وهو قد يتحول حتى عن هذا إلى فعل شيء أو قوله لتحقيق سبق في فعله أو قوله، وفي أقصى تطرفه قد يصير نوعاً من الهوس، وهو ما ليس ببعيد عمّا نراه من هوس الميتات والإعلانات عنها في الأدب. هذا يعود في الواقع إلى منطق خاطئ عند أولئك الذين يتعاملون، في هذا السياق، مع الأدب والظاهرة والمنهج والأساليب بهذا الشكل، إذ هم يتعاملون معها كما يتعاملون مع الأشياء المادية مثل الأجهزة والأدوات ووسائل الحياة المختلفة، فيقعون هنا في خطأ مساواة الأدب والفن بتلك الماديات، وبالتالي في خطأ البناء على ذلك. هم ينسون أو يتناسون أن الجديد في الماديات، خصوصاً حين يتعلق ذلك بالوسائل والأجهزة والأدوات التي تستخدم لتسيير الحياة، إنما هو يحل طبيعياً محل القديم والسائد والسابق في مجاله أو على الأقل يقلّل أو يحدّ من استخدامه، لأن هذا المادي الجديد يقدم أكثر أو بشكل أفضل أو مغاير أو أبعد أو أكثر إتقاناً مما كان يقدمه القديم. فليس من فائدة في الأداة أو الجهاز ذاته بل في وظيفته، وعليه من الطبيعي أن يموت ويُلغَى حين يظهر ما يقدم وظيفته تلك بشكل أفضل. أما في الأدب والفن فإن القيمة تتمثل لا في ما يقدمه النص أو العمل من فائدة أو رسالة أو متعة، بل في النص ذاته.
( 2 )
بداية من المفيد أن ننتبه إلى طبيعة المقولة المركزية الأولى، نعني الإعلان عن موت الكلمة والأدب، ضمن المقولات التي سترد في ورقتنا، لنجد أنها تأتي بصيغة التبشير أو الإعلان غير المبني على وقائع موثّقة وعلمية، بل ضمن موجة إعلانات الموت في الوسط الأدبي، وهي موجةٌ شملت في (قضائها وقدرها) المؤلف، والشعر، والرواية، والكلمة، والكتاب، وأخيراً النقد الأدبي والقارئ والنخبة، ولا نظن أن السلسلة ستتوقف قريباً. فإذا كنا قد سمعنا بها من عقود ثم صرنا نسمعها باطراد غير عادي من أكثر من عقدين، فإنها صارت في السنوات الأخيرة نوعاً من الهوس انجر إليه العشرات من الأدباء والنقاد والدارسين، بل أن بعض هؤلاء الأدباء والنقاد والدارسين من كبارهم، ومن أشهرهم الناقد الدكتور عبدالله الغذامي. فقد عرفنا الغذامي في السنوات الأخيرة مندفعاً بشغف غريب وغير مبرر وغير موضوعي بإعلانات الموت في الأدب، مع أن أصل هذا الشغف- حين لم يكن كذلك- قد بدأ لديه من مدة ليست بالقصيرة لا بالإعلان، بل بتبنّي أشهر مقولات الموت أو الإعلانات عنها في الأوساط الأدبية، على المستوى العالمي والعربي، نعني مقولة (موت المؤلف)، عبر مقال رولان بارت الشهير (موت المؤلف) سنة 1968، التي تراجع معلنها عن حدّتها قبل غيره من نقادنا، مع أنها بقيت تمتلك شيئاً من الصحة التي تتمثل في ما نسميه تغييب المؤلف أو تحييده في قراءة الأدب وتحليله ونقده واستنطاقه. واليوم تأتي مقولات موت الكلمة، والأدب، وثقافة الكلمة والأدب بفعل الصورة وثقافة الصورة. هذه المقولات أو فوضى المقولات تحتاج إلى مراجعات، ستكشف، برأينا، عن زيف غالبيتها، كما سنحاول هنا إثباته من خلال التوقف عند أشهرها. فهل هذه الميتات، أو بالأحرى الإعلانات عنها، سواء أكانت من الغذامي أم من غيره، حقيقية وصحيحة؟ نعتقد أنها ليست كذلك إلا في النادر جداً، وهي في هذا النادر جداً قد لا تكون موتاً متحققاً أو قريباً بقدر كونها ضعفاً يمكن علاجه، إن لم يعالَج فعلاً، كما سسنأتي إليها فيما سيأتي من سطور وفقرات.
إن الأقوال بالموت والنهاية ليست جديدة في عالم الأدباء والنقاد، ولن أقول عالم الأدب والنقد، بل هي هيمنت في الغرب على بعض المراحل والفترات خلال الخمسين السنة الأخيرة، قبل أن يجمع الغذامي الكثير مما قيل وأخذ يقدمه بأقساط، ولكنها ليست أقساطاً مريحة على طريقة الباعة، بل هي راحت تنهال علينا صباح مساء، وآخرها القول بموت قال به ألفين كيرنان في كتابه “موت الأدب” المنشور عام 1990 ، مما يبدو لنا أنه ينطوي على الكثير من المغالطات أو الادعاءات أو في أقلها تخيّلات وأوهام تقترب مما سيقوله الغذامي بعد ذلك بخمس عشرة سنة. وهكذا إذا كان الغذامي قد أخذ ما يقول به في هذا المجال من مقولات غربية قديمة وحديثة، فإن ما اختلف فيه عنه هؤلاء الغربيين أنه، إذ قال كل واحد منهم بموت شيء أو ظاهرة أو جنس أو ما إلى ذلك، ومعظمها جاءت خلال ثلاثة عقود أو أكثر قليلاً، فإنه أخذ يقول بالموت بالجملة وخلال سنوات قليلة، حتى أخذ بعضنا يتندر بالقول كلما ظهر علينا بتصريح أو مقابلة أو حوار: سيُعلن موتَ أحدٍ أو شيءٍ في الأدب. والواقع، وكما قلنا عن تجربة النص، في موضوع سابق، نقول عن مقولة أو مقولات الموت، إننا يجب أن نعترف بأن ما يقول به عبدالله الغذامي وآخرون قد تحقق أمثال له من قبل، وبما يعني أنه ليس أمراً غريباً، فلماذا إذن نتوقف عنده وقفتنا الرافضة هذه؟ في الحقيقة نحن نفعل هذا لأن الناقد والآخرين إذ يقولون بما يزيد على خمس ميتات خلال عقدين أو ثلاثة عقود، فإن هذه الميتات لم تزد على هذا العدد كثيراً ولكن خلال أكثر من ألفي سنة. ومن الطريف أن يعترف كيرنان نفسه بأن آخرين قد سبقوه بمدة ليست بالقصيرة في القول بالموت. ومع هذا فإن كيرنان يعود ليكرر القول فيه. يقول في كتابه السابق: “بدأ الكلام في الستينيات عن موت الأدب بمقارنة مقصودة مع إعلان نيتشه عن موت الإله، قبل أن يعلن ليزلي فيدلير عدم تأسفه على زوال أدب النخبة الثقافية، ويعنون بفرح كتاباً له “ماذا كان يعني الأدب” [بصيغة الفعل الماضي]… خارج هذا، هاجم ساسة متطرفون كبار وصغار، من هيربرت ماركوس إلى تيري إيغليتون، الأدب بوصفه نخبوياً ورجعياً. أما التلفزيون وأشكال الاتصال الإليكترونية الأخرى فقد صارت تحل وبشكل متزايد محل الكتاب المطبوع، خصوصاً في شكله المثالي، الأدب، بوصفه أكثر أشكال الثقافة تسلّطاً وأكثرها جذباً. إن الأدبية التي تعتمد عليها النصوص الأدبية قد تضاءلت وانحسرت إلى درجة أننا صرنا نتكلم بشكل عادي عن (أزمة أدبية)”([6]). ويضيف كيرنان بما لا نراه مقنعاً، على الأقل بأن يكون مسلّماً به: “لقد كانت الأصوات الأكثر صخباً في إعلانها موت الأدب القديم في السنوات الأخيرة، هي الظاهراتية والبنيوية والتفكيكية والفرويدية والماركسية والنسوية”([7])، كلٌّ بما أتت به ودعت إليه.
وإذا كان هذا عن الأدب أو الأدب القديم- على حد تعبير كيرنان وآخرين، فإن القول به وبغيره ربما سبق ذلك. ولكننا إذ لا نريد أن نفصل كثيراً في ما قد يكون موضوع دراسة خاصة، نكتفي بأشهر أمثلة ذلك على المستوى العالمي، وأولها ما قيل في الغرب ورُدّد عندنا، قبل أربعة عقود تقريباً، عن قرب نهاية الرواية أو موتها، في ظل ما شهدته من بعضِ ضعفٍ. بل هناك من مهد للقول بموت الرواية بالادعاء صحةً أو خطأً بأن الرواية في أزمة، فطرح جون ألدريج قبل ذلك بسنتين (حلاً) غير عادي لما رآها أزمة تمر بها الرواية عبّر عنه عنوان كتابه “وقت للقتل والخلق، الرواية المعاصرة في أزمة”، قائلاً في مقدمته: “إذا كان للرواية أن تبقى، فيجب أن تغتال اعتمادها على صيغ الماضي الأدبية الميتة، وتبتدع صيغاً جديداً للتعبير عن فهمها للحاضر الحيوي. فلأن الرواية تحيا من خلال علاقتها مع حياة زمنها، وأنها يجب أن تجدد علاقتها هذه باستمرار، أو أن تخاطر بأن تصبح شكلاً عتيقاً أو قديماً، ووثيقة تاريخية، بدلاً من أن تكون مشكلة أو مجسدة للتاريخ”([8]).
والطريف أن الرواية (المحتضرة) سرعان ما عادت لا إلى سابق عهدها بل عادت قوية صاخبة، وليصير ما افتُرض أنه عصر نهاية الرواية عصر الرواية. وقيل بعد ذلك، في الغرب تحديداً، عن قرب موت الشعر، وهو ما امتلك وقتها نسبةً من الصحة إلى حد ما، تمثلت في نكوص القارئ الغربي عن قراءته وانزواء الشعر عن الجمهور، بل حتى عن قرّاء الأدب واكتفائه لا بالنخبة، بل بما يمكن أن نسميه نخبة النخبة. ونعرف اليوم أن الشعر قد عادت إليه الحياة في ذلك الغرب، وإن لم يكن كما كان قبل عقود أو قرون. والواقع أن القول بالموت والضعف والانحسار وفقدان القراءة أكثر ما ارتبط بالرواية فعلاً، حتى بعد أزمتها المزعومة، وإلى حد ما الشعر، فوجدنا، ضمن أهم هذه الأقوال القديمة، كتاباً يصدر في الولايات المتحدة الأمريكية للويس روبين سنة 1969 تحت عنوان “الموت المثير للرواية”([9])، ويتوسع آخر، وهو فلويد واتكينس، فيقرر موتاً يتخطّى الرواية ليشمل دائرة أوسع حين يصدر سنة 1970 كتابه عن الرواية الأمريكية الجنوبية “موت الفن”([10]). وحتى هذا سيجد بعد حين من يقترب، وإنْ ليس صراحةً، من التحدي في تسجيل الأرقام القياسية في هذا الاتجاه فيبدأ في الثمانينيات بالتلميح أو على الأقل التمهيد بموت النقد حتى وإنْ كان بما هو مقنع وصحيح حين يقول: “النقد لم يعد يُعنى بتفسير الأعمال الأدبية”، بينما يصدر الألماني بيتر بيرغر سنة 1992 كتابه “انحدار الحداثة”([11]).
ومن أواخر مقولات الموت في الغرب، مقولة (موت علم السرد)، والطريف “أن علم السرد أُعلنت وفاته مراراً، خلال العقدين المنصرمين[العقد الأخير من القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحالي]، يُظهر الآن نمواً حقيقياً كرد فعل في عدد من الدراسات الحديثة عن موضوعات علم السرد”([12]).
ووسط الشغف غير الموضوعي بمثل هذه المقولات سينسى عدد غير قليل من الكتاب والنقاد أن شيئاً مهماً وجوهرياً وراسخاً من الموت لم يتحقق تحققاً مادياً أو ملموساً، فيواصل بعض هؤلاء القول بالموت، كما هو حال ألفين كيرنان سنة 1990 في كتابه "موت الأدب"، بل يعود البعض الآخر غافلاً بعد زمن انحسرت خلاله الموجة، ليقول بها ويعبر عنها بما يوحي وكأنه غفل هذا تماماً متصوراً أنها كانت متحققة بما كانت تقول به لاسيما بما يتعلق بالرواية وبـ(موت الرواية)، فيُعَنوِن كيث ميللر مقالاً له ينشره في ملحق التايمس الأدبي بـ"الرواية تموت ثانيةً"([13])، وهذا لعمري قمة الوهم وانجراف تيار الأوهام.
والواقع أن هذه الظاهرة سرعان ما تخطت الحدود المعروفة والمعقولة- إن كانت معقولة- لتكون ما يمكن أن نسميها (مودة) إذا جاز لنا التعبير، فتعدت موت المؤلف إلى ما ربما لم يسمع الكثيرون به. من ذلك (موت المؤلفة) الذي جاء عنوانَ فصلٍ في كتاب عن النقد الأنثوي للناقدة الشهيرة ميري أيغليتون([14])، و(موت المسرحي) عند آخر. وعلى أية حال هذا لم يحل دون ظهور خط مغاير بدأ يقول ضمناً برفض فكرة (موت المؤلف)، أو على الأقل بالقول بـ(عودة المؤلف)، كما فعل مثلاً شون بيرك في كتابه "موت المؤلف وعودته"([15]). ومع أنه مفهوم في ظل صعود مناهج القراءة والتلقي قبل ذلك التاريخ وخلاله وبعده، فإنه لمن الطريف أن يكون عنوان أحد فصول هذا الكتاب "ولادة القارئ". أما غراهام ألان فيعنون فصلاً من كتابه "التناص" Intertexuality بـ"عودة المؤلفة"([16])، بينما يصدر ميشيل واندر كتاباً تحت عنوان "المؤلف ليس ميتاً، ببساطة في مكان آخر"([17])، وكل هذا في وقت كان بعض نقادنا يعودون إلى مقولة أو مقولات الموت التي عفى عليها الزمن.
( 3 )
بالانتقال إلى الأدب والنقد العربيين، يبدو أن القول بالموت يقترب عند أصحابه أدباءً ونقاداً من الشغف إن لم يكن هوساً غريباً تلبسهم.. وهو في أقلها رغبة غير عادية في رمي الحصى في ما يبدو لأصحابها بركة راكدة تتمثل في الواقع الأدبي أو الثقافي، من الحقائق كما يرونها هم أو على الأقل مؤشرات ما ستكون من وجهة نظرهم حقائق. نعتقد أن في منطقهم العام، ولكن بعيداً عن الواقع المتحقق، يمتلك شيئاً من المنطق والتبريرية التي يقال إنها وراء إطلاق طه حسين لكتابه “الشعر الجاهلي” وتشكيكه بالشعر العربي القديم ولاسيما الجاهلي، وقول صفاء خلوصي بعروبة شكسبير.. وغيرها من أمثلة محدودة. وانطلاقاً من هذا الهدف ومن حسن الظن نحن لا نلوم الناقد عبدالله الغذامي على القول بالموت نفسه، بل على محاكاة الآخرين فيه، ثم اجتيازه إياهم في القول فيه بكثرة. فالأقوال بالموت سابقة للغذامي بحوالي نصف قرن، كما رأينا، ومكررة بكثرة. لكن الطريف وما قد يفاجئ القارئ هو أولاً أنها في الغرب قد جاءت في كثرتها لا دفعة واحدة بل على مرات ودفعات وعلى امتداد عقود ليست قليلة، وثانياً أنّ ما من أحد قد قال وادّعى وتبنى، إلا في النادر جداً، القول بأكثر من موت أو بأكثر من ادعاء بموت أحد أو شيء، وثالثاً القليل من هؤلاء قد سعى إلى تسويق مقولته وادعائه والمبالغة في الحماسة لها، ورابعاً أن بعضهم، وكما رأينا، قد تراجع عن بعض المقولات وربما قال بما يعاكسها. بقي خامساً وأخيراً وأهم ما في ذلك كله مما قد يُفاجئ البعض بما في ذلك بعض نقادنا، الغذامي أو غيره، هو أن ما من موت قد وقع فعلاً، وإنْ وقع، وسيكون هذا نادراً، فإنه إما قد هُوٍّل فيه أو أنه قد اقترب بدرجة ما من الموت ليكون ضعفاً أكثر منه موتاً، أو أنه (مات) برأي البعض أو ضعف ثم عاد لينتعش ويحيى بل يزدهر. وهذا كله مما غفل عنه بعضنا فتحمس لما لا مجال للحماسة له، وقال بما بدا ظاهرياً حقيقةً وهو ما كان كذلك، أو، وهنا الطامة الكبرى، قد جمع كل ما قيل ليدّعي به وهو ما تمثّل، وبشكل ما تمثل عند أحد من قبل، عند ناقدنا الكبير عبدالله الغذامي، وأغرب ما فيه أن صاحبه لما يزل مستمراً في شغفه غير المبرر وغير العلمي وغير المقنع وغير المفهوم في موجة مقولاته في الموت في الأدب. فقد سمعنا مؤخراً منه، وقبل دخوله لغط غزو الصورة وثقافة الصورة وما تؤدي إليه، إعلانه موت النقد الأدبي وتبشيره بأسطورة غزوةٍ جديدة هي غزوة (النقد الثقافي)، ولم نفهم، مع كل محاولات التبرير والتنظير لماذا يعني حضور (النقد الثقافي) موتاً للـ(النقد الأدبي)؟ إن للـ(النقد الثقافي) لمن قد يكون غريباً عليه مصطلحاً أو ميداناً أو ممارسةً، مفاهيم ودلالات وهويات تختلف بشكل طبيعي كما هو حال الكثير من مفاهيم ومصطلحات ومعارف الأدب والنقد والثقافة عموماً، باختلاف متناوليه أو مزاوليه. وهو وفقاً لوجهات النظر المختلفة قد يكون ممارسةً أو حقلاً معرفياً أو نقدياً أو دراسياً مستقلاً، وهو ما لم نره متجسداً كثيراً في الغرب وجامعاته. وهو قد يرتبط بـ(الأدب المقارن) وسط دخول هذا الحقل في مرحلة التداخل المعرفي والحقلي ومرحلة عنايته بعلاقة الأدب بغيره من الحقول بشكل خاص وعلاقة الحقول عموماً بعضها ببعض، كما بشر به أو دعى إلى ترسيخه والاهتمام به تشارلس بيرنهايمر بداية التسعينيات سواء في كتابه “الأدب المقارن” أو في البيان الذي كان مسؤولاً عنه وأصدره قبل ذلك بقليل باسم “الجمعية الأمريكية للأدب المقارن”([18]). و(النقد الثقافي) قد يتبع أو على الأقل يرتبط، وإنْ بحدود، بالفولكور والثقافة الشعبية، وما قد يؤخذ على هذا الرأي أنه يحدد إمكانيات هذه الممارسة (الثقافية) ويحدّ من شموليتها. أما الرأي الآخر الذي نميل إليه شخصياً، فهو الذي يتعامل مع (النقد الثقافي) على أنه فرع أو تابع لما يُسمى Cultural Studies (الدراسات الثقافية) التي نعرف أنها صارت منذ ستينيات القرن الماضي حقلاً مهماً وربما مهيمناً في الدراسة الأكاديمية وغير الأكاديمية([19]). ومن الآراء الأخرى فهو الذي يجعله ممارسة نقدية، بل قد يتعامل أصحاب هذا الرأي معه على أنه أحد المناهج النقدية الأدبية، وإذا ما كنا نتردد في الحماسة لهذا الرأي، فإننا يجب أن نعترف بأنه يمتلك تبريراً ومشروعية الادعاء به. وعلى أية حال كل رأي من هذه الآراء يمتلك شيئاً من المشروعية، ولكننا إذا ما سمحنا لأنفسنا باستخدام معيار الصحة والخطأ، فإننا نقول كل من تلك الآراء صحيح بدرجة معينة. وإذا ما جاز لنا أن نقول إن هذا عموماً هو حقيقة، وعليه فمبرّر لأي منا، اتفقنا معه أم لم نتفق، أن يتبنى أيّاً من الآراء السابقة، فإن الحقيقة الثانية هي أن (النقد الثقافي) لم يكن ولن يكون أبداً بديلاً للنقد الأدبي، كما توهم أو حاول البعض، مثل عبدالله الغذامي، أن يقنع النقاد والقراء العرب بذلك، ببساطة لأنه إذا كانت هناك من تداخلات أو علاقات أو تكامل ما بين الاثنين، فليس هناك من تعارضات ما بينهما، وعليه يكون هذا الرأي هو الوحيد، بين كل الآراء السابقة، الذي لا يمتلك أي عنصر إقناع.
هذا على المستوى النظري، أما على المستوى العملي، فالواقع أن عبدالله الغذامي لم يقنع الكثيرين بأن ظهور (النقد الثقافي) ووجوده يعني نهاية (النقد الأدبي)، وعليه سرعان ما خفت بريق هذا الإعلان عند من رددوه وراءه، وهم على أية حال قليلون، ولم يبق شيء من المقولة و(أصدائها). وهنا وتحت تأثير وعودتنا هنا ستكون إلى تصريحه بموت النقد الأدبي، وتعريجه على ما يُقال عن التحول من ثقافة الأدب إلى ثقافة الأدب، وهو ما ورد في واحد من أواخر الحوارات التي أجريت معه- بحدود علمنا. تسأله المحاورة أميرة القحطاني، منطلقةً مما يشبه المسلّمات، وما هي كذلك:
“ناديتَ في بداياتك لموت المؤلف حتى إذا تحقق لك ذلك [متى وكيف تحقق له ذلك؟ لا ندري] قفزتَ إلى موت النقد الأدبي، هل وجدت أن الأدب يضيق بمعرفتك، لذلك اخترت النقد الثقافي؟”
فيجيب الغذامي:
“أعتقد أن النقد الأدبي قد أدى وظيفته وأدى وظيفة عظمى وكبيرة جداً لكنه وصل إلى مرحلة التشبع وبدأ يكرر ذاته في ما يقول الآن وفي ما قد قاله على نصوص أو في مواقع أو في قضايا سابقة ووصل إلى حد الاختناق والتشبّع. أيضا حصل تغير ضخم على مستوى الثقافة البشرية، فالناس تحولوا فعلاً وعملياً من ثقافة الأدب إلى الثقافة العامة، ثقافة الصورة، مثلاً، ثقافة الدراما، ثقافة السينما.. إلى آخره، ثقافة متنوعة… وهذا يحتاج إلى أداة نقدية مختلفة، والنقد الثقافي هو مؤهل الآن لهذا الفعل. لذلك قلت مقولة موت النقد الأدبي بما أنه أدى وظيفته وانحسر الآن ليكون مجاله مجالاً أكاديمياً فحسب لكن ليس مجالاً جماهيرياً. في السابق كان الشاعر هو صوت الناس وهو المطلب الذي يطلبه الناس… الآن هذا انتهى مع عصر الصورة إلى مرحلة ثقافية وزمنية مختلفة تماماً”.([20])
فبتشريح كلام الغذامي هذا، وتحليله، نخرج بالملاحظات الآتية توصيفاً نقدياً له:
أولاً: إنه ينمّ عن تسليم بأن الميتات التي قيل فيها أو أُعلن عنها سابقاً قد تحققت وانتهت، وهو أمر مردود، لأن مراجعة لكل تلك التي قيل ما قيل في موتها تكشف عن أنها جميعاً لم تتحقق ولم يمت شيء، فهي في أكثرها مصداقية قد انتابها جزئياً ضعف، وغالباً فترات محدودة.
ثانياً: الإعلانات عن الميتات لا تنطلق من تحقُّقِها فعلاً، بل هي توقعات. وحتى عندما تكون موضوعية أو علمية، فإنها لا تُبنى على أشياء محسومة. وحين تنطلق مما يراه الغذامي قد تحقق فإنها تنبني في الحقيقة لا على إحصاءات ودراسات ميدانية، بل على رؤية شخصية قد لا تكون صحيحة. ولهذا سنجد في موقع آخر من هذه الورقة، كيف أنها، مرة أخرى، وكما هو أمر غيرها، لم تتحقق في الغالب الأعم.
ثالثاً: يُلاحَظ الاستسهال غير العلمي وغير الموضوعي في القول بموت من أو ما يُعتقد موته، أو انحساره وقرب انتهائه. فلنلاحظ كيف أن الغذامي في جواب واحد من فقرة واحدة، وكأنه أمام مجزرة، قد أعلن أو كرر الإعلان عن موت المؤلف، والنقد الأدبي، والأدب، والشعر، والشاعر، والنخبة!!. وهو في ذلك يتكلم أيضاً، عما قد لا يكون مسلمات، على أنه كذلك. فعدا مكانته ودوره في أزمان قديمة، ما كان الأدب أكثر تأثيراً، وما كان يشكل ثقافة الناس، ليتحولوا الآن منه إلى ثقافة الصورة.
رابعاً: وتعلقاً بالملاحظات السابقة، هيمن التكلف وافتعال التعليل العلمي غير الموجود، كما يتمثل ذلك بشكل خاص في ما يقوله عن “مرحلة الاختناق والتشبع” التي يدّعي أن النقد الأدبي قد وصل إليها، فلا ندري كيف يصل النقد إليها وهو قائم أساساً على علاقةٍ بالإبداع غير المنتهي؟ ولا ندري كيف بنى الناقد هكذا رأي بهكذا استسهال؟
خامساً: ينطوي الكلام على تجاوز غير موضوعي لطبيعة الميادين والمعارف، التي يتم تناولها، ومريديها وجمهورها، نعني ميادين الكلام وفنونه، ولا سيما الأدب وأجناسه. وبدلاً من ذلك، يخضع المتكلم، في التعامل مع الأدب، لثقافة ذات طبيعة ولغة مختلفتين عن طبيعته ولغته، تلك هي ثقافة الإعلام، مما يترتب على ذلك نتائج غير موضوعية وغير علمية.
وإذا لم ينصّ آخرون على وجود هذا الخفوت في بريق الكلمة، ومع الاتفاق على أن العصر هو عصر الرواية، فإنهم استشعروا خوفاً أيضاً على فنون الكلام، وخصوصاً السرد، أو الرواية تحديداً، فقال الروائي المغربي بهاء الدين الطود:
“لقد بات متداولاً راهنياً أن الزمن المعاصر هو زمن الرواية، بحيث أصبحت الكتابة الروائية هي الشكل الإبداعي المهيمن في الثقافة الأدبية، وهو ما جعلها تسمو وترقى إلى أعلى مستويات التجريب، لكن لكل شيء، إذا ما تم، نقصان، فقد كان لا بد أن يكون هذا الرقي مؤشراً على النهاية والانقراض بعد أن برزت أشكال إبداعية أخرى تعتمد الصورة في عصر أصبحت فيه ثقافة الصورة مستحوذة على العقول والألباب والأذواق، شيء لا يصدقه العقل، عقل من لم يعش بعد في الألفية الثالثة من هذا القرن”([21]).
إذن بإزاء مثل هذه الآراء والمقولات المستندة على المفترض والمتوقع، من وجهات نظر معينة، لنناقش فيما سيأتي، وبمعزل عن المقول والمتحقق والمفترض، كيف يمكن للصورة وثقافة الصورة أن تؤثّرا في الأدب وثقافة الأدب عامةً، والأجناس السردية منها خاصة، ولكن انطلاقاً من المقارنة بينهما، ومن اللقاء والافتراق بين طبيعة كل منهما وخصائصه.
وحتى حين نرى بعض تراجع للكلمة، أو بعض كساد، أو حتى موتاً، فإني لأزعم، كما حاولت أن أدلل على ذلك في هذه الورقة، أنها مرحلة مؤقتة أو ظاهرة طارئة، لا بد أن يتبعها استئناف. وإني لأجد هذا النَفَس المتفائل، العلمي وليس العاطفي، الذي تبناه حتى في بعض أولئك الذي يقرون بدرجة أو بأخرى بالظاهرة، كما هو حال الشاعرة فاطمة ناعوت مثلاً، إذ تقول بلغة شعرية لا تموت:
“أتفق معك أن الكلمة فقدت الكثير من (طاقتها) بتعبير العقاد. لكنها تظل المصباح الوحيد في يد ديوجين المعاصر، أي الكاتب. تغلّبت ثقافة الصورة على ثقافة الكلمة؟ نعم. مات القارئ ولا عزاء للكتّاب؟ نعم. طغت الرقميات وسياسة الاستهلاك السريع على الكتاب التقليدي ورائحة الحبر وجمال الورق الأصفر والتخطيط في هامش الكتب؟ نعم. لكنني أثق أن التاريخ ينتصر للأجمل أو للأقوى في أسوء تقدير. فلو أثبتت الكلمة أنها الأقوى والأجمل ستنتصر ويعود التاريخ إلى سيرته الأولى. وإن انهزمتْ سيفرز التاريخُ شيئا بالتأكيد أجمل أو على الأقل أكثر قوة، وسوف يفرز، من ثم، بشراً بوسعهم تعاطي تلك القيمة الجديدة التي لا أعلم كنهها الآن. دعنا لا نصادر على المستقبل. ربما حمل لنا شيئا سارًا عكس كل المقدمات الراهنة التي تراهن على مستقبل تعيس بالفعل”([22]).
وبعد، فالحياة للأدب شبه مضمونة لأنه مرتبط بوجدان الإنسان الأزلي في كل مكان وزمان. وكما تقول الناقدة المقارنة الكبيرة سوزان باسنيت: “لا يمكن للقراءة والكتابة أن تُجمَّدا أو تُحجّما. إنهما سائلان بلا حدود وفي حركة دائمة([23]). وإلا أي صورة أو صور يمكن أن تكون بديلاً لقارئ قصص مثل “كآبة” تشيخوف، أو “تحريات كلب” كافكا، أو “حادثة شرف” يوسف إدريس، أو “العيون الخضر” فؤاد التكرلي؟ ولقارئ روايات مثل “الجريمة والعقاب” دستويفسكي، و”الصخب والعنف” وليم فوكنر، و”شرق المتوسط” عبد الرحمن منيف، و”موسم الهجرة إلى الشمال” الطيب صالح؟ أو لقارئ أشعار شعراء من أمثال المتنبي، والسياب ودرويش، ورسول حمزاتوف حين يقول:
حبيبتي
إن كان هناك مئة مخلوق في العالم
يحبونك
فاعلمي أن حمزاتوف أحدهم
وإذا كان الذين يحبونك عشرة فقط
فتأكدي يقيناً
“أن رسول حمزاتوف
هو أحدهم أيضاً،
أما إذا كان لا يحبك في هذه الدنيا
سوى مخلوق واحد
فاعلمي أنه سيكون حتماً
رسول حمزاتوف،
أما إذا كنت حزينة ووحيدة
ولا أحد يحبك في هذا العالم
فاعلمي أن رسول حمزاتوف
قد مات”([24])
ومات رسول حمزاتوف فعلاً، ولكن شعره لن يموت.
واختم ورقتي، بعد قصيدة حمزاتوف الرائعة هذه، بعودة إلى الظاهرة الأهم التي يدّعي بوجودها أولئك الذين يقولون بالموت أو يعلنون عنه، نعني (انحسار القراءة) التي يبدو كأن الجميع يعاني منه، وتحديداً من خلال المحاورة الآتية بين أستاذ وأستاذة جامعيين:
يقول الأستاذ: “العلم، ولله الحمد، فات زمانه، انتهى أجله. نعم، وقد بدأت البشرية تشعر بالحاجة إلى أن تستبدل به شيئاً آخر”
فتوافقه الأستاذة: “نعم، صغرت نفوسهم [وتعني الطلبة الشباب] خبرّني، هل كان لديك في السنوات الخمس أو العشر الأخيرة طالب واحد بارز…
“- لا أدري كيف الحال عند الأساتذة الآخرين، ولكني لا أذكر أحداً عندي”([25])
من المؤكد أن الكثير من الأساتذة الجامعيين وغير الأساتذة سيتفقون مع هذين الأستاذين في إشارتهما إلى الوضع البائس للطلبة من ناحية القراءة والبروز، في العقد أو العقدين الأخيرين، مقارنةً بطلبة ما قبل ذلك. المفاجأة أن هذه المحاورة قد جرت قبل قرن وربع القرن من الزمان، وتحديداً بين شخصيتين من قصة لتشيخوف. والمفارقة الطريفة هنا أن عنوان القصة هو “حكاية مملّة”.
[1] ) هذه الورقة أُلقيت في مؤتمر (ثقافة الصورة) الذي عُقد في جامعة فيلادلفيا في 24-26/4/2007.
[2] ) مجدي وهبة: معجم مصطلحات الأدب، 1974، ص189.
[3] ) أوستن وارين ورينيه ويليك: نظرية الأدب، ترجمة محيي الدين صبحي، المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، 1972، ص295.
[4]( M. H. Abrams: Glossary of Literary Terms, p71.
[5] ) أوستن وارين ورينيه ويليك، نظرية الأدب، ص308.
[6]) Alvin Kernan: The Death of the Literature, Yale University Press, 1990, p1-3.
[7]) Ibid, p7.
[8]) John W. Aldridge: Time to Murder and Create, The Contemporary Novel in Crises, David Mackay Company, INC, 1966, pxii-xiii.
[9]) Louis D. Rubin, JR: The Curious Death of the Novel, Louisana State University Press, 1969.
[10]) Floyd C. Watkins: The Death of Art, Black and White in the Recent Southern Novel, University of Georgia Press, 1970.
[11]) Peter Burger: The Decline of Modernism, Pennsylvania State University Press, 1992.
[12]) مونيكا فلودرنك: مدخل إلى علم السرد، ترجمة د. باسم صالح، ص34.
[13]) Keith Miller, The Novel Dies Again, On Reality Hunger, TLS, April, 2010, p3-4.
[14]) Mary Eagleton: Working with Feminist Criticism, USA, 1980.
[15]) Sean Burke: The Death and Return of the Author, Criticism and Subjetvity in Barthes, Faucault and Derrida, Edinburge University Press, 1992.
[16]) Graham Allen: Intertetuality, London, 2000, p154.
[17]) Michelene Wandor: The Author is Not Dead, Merely Somewhere Else, 2008.
[18]) Charles Bernheimer: Comparative Literature in the Age of Multiculturalism, 1995.
(هامش يُضاف: من الطريف أننا لا نكاد نجد في الغرب لهذا (النقد الثقافي) من وجود حقيقي، إزاء فرع (الدراسات الثقافية)، ولهذا ليس غريباً أن لانجد له أثراً في كتاب مصطلحات ومفاهيم مثل كتاب بينما تحتل (الدراسات الثقالفية) مكاناً متميزاً فيه. انظر:
Willfred L. Guerin, : A Handbook of Critical Approachثs to Literature, Earle Lbor, Lee Morgan, Jeanmi C. Reesman and John R. Willingham, Oxford University Press, 1992.
[19]) من الطريف أننا لا نكاد نجد في الغرب لهذا (النقد الثقافي) من وجود حقيقي، إزاء فرع (الدراسات الثقافية)، ولهذا ليس غريباً أن لانجد له أثراً في كتاب مصطلحات ومفاهيم مثل كتاب بينما تحتل (الدراسات الثقالفية) مكاناً متميزاً فيه. انظر:
Wilfred L. Guerin, : A Handbook of Critical Approaches to Literature, Earle Lbor, Lee Morgan, Jeannie C. Reesdman and John R. Willingham, Oxford University Press, 1992.
[20] ) عبدالله الغذامي: تغيرنا من ثقافة الأدب إلى ثقافة الصورة، حوار أجرته معه أميرة القحطاني، موقع إيلاف الإليكتروني، 5 أبريل 2006.
[21] ) الروائي المغربي بهاء الدين الطود: حوار أجراه معه حسن اليملاحي وعبد الاله المويسي، جريدة (الزمان)، لندن.
[22] ) فاطمة ناعوت، حوار، مصدر سابق.
[23]) Susan Bassnett: Traveling through Translation, Comparative Critical Studies 6, 1, 2009, p17.
[24] ) نقلاً عن غزاي درع الطائي: رسول حمزاتوف شاعر داغستان الذي أبدع قصائد حب للانسان، جريدة (الزمان)، بغداد، 4 آذار 2007.
[25] ) إنطون تشيخوف: مؤلفات مختارة، ترجمة د. أبو بكر يوسف، موسكو، 1987، مج2، ص160- 161.