ميسلون هادي.. لون قصصي خاص في القصة العراقية – مجلة التآخي

الاثنين, كانون الاول 27, 2010

 ميسلون هادي.. لون قصصي خاص في القصة العراقية
عبد الكناني
برزت الكاتبة المتميزة ميسلون هادي في أواخر العقد السبعيني، من خلال مجموعة كتاباتها التي تنوعت بين المقالة الأدبية والقصة القصيرة والموضوع الصحفي، واصبحت في فترة وجيزة من بين الاسماء التي ترد في المحاضرات والندوات والفعاليات الثقافية، فضلا عنالكتابات النقدية والمتابعات الادبية في الصحافة والدوريات الادبية والثقافية. وكان لها حضور لافت في المحافل الادبية الأخرى، وحسبت على الموجة الجديدة في الكتابة القصصية، وأحدى الواعدات في هذا المجال…. وكانت حقاً ليست من الواعدات فحسب، بل من المبدعات، عبر الاعمال التي بدأت تظهر لها تباعاً، سواء في ميدان القصة القصيرة ام حقل الرواية علاوة على صناعتها لأسم صحفي عبر مسؤوليات عديدة في الصحافة والمنابر الثقافية، وقد تعرف عليها القارئ والمتابع اكثر حينما اصبحت سكرتيرة تحرير الموسوعة الصغيرة التي كانت تصدر عن دائرة الشؤون الثقافية. وتوسعت المعرفة بها وعنها، من خلال الترجمات التي كانت تقام لموضوعات مختلفة، وترفد بها الصحف والصفحات الثقافية فيها وغدت كتاباتها تستقطب القراء والمهتمين لعالمها الخاص والجميل، لاسيما مجاميعها القصصية، لتتحول بمرور الايام والسنين الى شبكة من المعجبين من كلا الجنسين، وبالذات بين الجنس اللطيف، لأن كتاباتها حملت هموم المرأة الشابة ومعاناتها ومتاعبها وهواجسها واحلامها وتطلعاتها… وتناولتها بأسلوب شاعري جميل، ونفحات واقعية، وقدرة على استنباط ما يثري دنياها ويشير الى مكامن الوهج والاشراق في حياتها.. وكذلك نصوصها النثرية التي تلجأ اليها حينما لا تجد في القصة معيناً على طرحها على وفق رؤيتها للحالة والحدث والواقعة، واصطدام المشاعر، وكنت أراها متفائلة وهي تؤدي عملها في مجلة الف باء)، وسعيدة مع كل عمل جديد يظهر، سواء كان قصة قصيرة، ام مقالة، ام مادة صحفية ادبية، وغيرها… او حتى ترجمة لنص عالمي او قضية ثقافية.. او حتى مقابلة او حوار صحفي او ادبي معها.. وكنت ألمس ذلك كلما يتاح لي المرور عليها لايصال مادة الى المجلة، أن كان للقسم الثقافي الذي تتولى مسؤوليته في المجلة، او لصفحة “للناس حكايات” التي تحررها الزميلة منى سعيد، او للاقسام الاخرى.. فأجدها على تلك الحالة، وكأنها تتحدى الظروف والانعكاسات الصعبة للحصار فأجد نفسي تتأثر بتلك الوقفة الصلبة الشجاعة لها، فيداخلني احساس بالقوة لمواجهة ما يحيط بي، وما يترشح جراء ذلك الوضع العصيب وتداعياته على حياتي وخطواتي وتطلعاتي.. فأحييها على تلك الروحية وذلك الاصرار للتعويض عن المباهج الغائبة،.. وسألتها ذات يوم، عن سر تلك المعنويات وذلك التفاؤل مع قتامة الوضع، وكآبة الواقع، والمصير المجهول الذي ينتظر البلاد واهلها في ظل توجهات خطرة ومخيفة للنظام السابق، فأخبرني انه شيء من ذلك التحدي الذي جبلت عليه منذ وعيها المبكر، ودخولها عالم الكتابة وحين اصدرت روايتها التي أثارت اهتماماً وجدلاً في الاوساط الادبية والثقافية (العالم ناقصاً واحد)، اشتغلت على متابعة صحفية واسعة عن الرواية، تضمنت اراء وانطباعات نالت استحسانها وتقويمها الايجابي.. لقد اكتسبت هذه المرأة الشجاعة والكاتبة المبدعة، تقارير واعتزاز واعجاب المهتمين والادباء والنقاد، فقيل عن كتاباتها الكثير، وطرحت آراء جادة وأيجابية عن اعمالها الادبية وشخصيتها القصصية والروائية ومعالجاتها المميزة. ومن جميل ما تناول تجربتها رأي الناقد الكبير عبد القادر القط الذي كتب  في مجلة ابداع الادبية القاهرية الذي نقتطف منه: من خلال الحلم والرمز والشعر بقوى احساس القارئ بمأساة الواقع بما تصوره الكاتبة من لمسات رقيقة لهواجس الشخصية وحيرتها بين الواقع والحلم). وكلمة الاديب الدكتور افنان القاسم (ميسلون هادي نجحت في كتابة – دواخل – القصة عن طريق بنية (الايهام) الهامة لديها وستعطي في المستقبل – خوارج- لقصتها تعتمد الحركية والشعرية والتقاط الصورة الهاربة في لغة مثل هذا النوع من الكتابة الجمالية المختصرة).. وقال مشيداً بأمكانياتها القصصية وفهمها للقصة القصيرة قائلاً: (ميسلون هادي هي من القلائل بين ابناء جيلها الذين يعرفون طبيعة القصة القصيرة ويفهمونها جيداً ويكتبونها بالشكل الذي يجب ان تكون عليه). ووصف الناقد الدكتور عبد الآله احمد (مجموعتها رجل خلف الباب): (أن قصص هذه المجموعة تعكس لوناً خاصاُ في القصة العراقية القصيرة ان ميسلون هادي كاتبة أمسكت خيوط شمس الابداع فتلألأت بيدها وأثمرت اعمالاً جميلة كانت موضع الاعجاب والانبهار والتثمين من القراء والمختصين والادباء والنقاد، وحتى الأوساط الاجتماعية لملامستها الحميمة مشكلاتهم وهمومهم ولصدقها في تناول الظواهر العامة والافرازات التي تمخضت عن الظروف التي مرت بها البلاد، سلبا وايجابا..
وفي قصصها القصيرة نكهة مميزة وتكمن نكهتها في كونها تنطلق من كونها شاهدة على الوقائع والأحداث والمتغيرات والتداعيات في واقعها العام ولذلك أعطت قلمها الحرية الكاملة في البوح وتوظيف تلك الاجواء في بناءات ومشيدات قصصية وروائية مثل روايتها القصيرة “العالم ناقصا واحد” ولم تبال بالنقود والكتابات التي تعرضت لتجربتها بالنقد وحتى التجريح لاسيما ما يتعلق بمضامين قصصها ورواياتها.. لأنها ترى وتعتقد ان الكاتب يجب ان يكون متجرداً من ذاته في تناوله او مواجهته لحالة تظهر في الواقع او تنعكس عليه، ان كانت ذات فائدة او وبالا عليه حتى لو كانت طارئة او عابرة.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

ميسلون هادئ……غزارة الإنتاج وبراعة الأداء.

ميسلون هادئ……غزارة الإنتاج وبراعة الأداءمن الأحداث الفارقة والمائزة في حياتي،هو اللقاء بالروائية المبدعة ميسلون هادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *