نبوءة فرعون – ابراهيم خليل

لغة الرواية في نبوءة فرعون لميسلون هادي

بين التناصّ والذاكرة الشعبية

مجلة (عمّان)، عمان، ع148، تشرين الأول، 2007

د.ابراهيم خليل

تذكرنا رواية ميسلون هادي”نبوءة فرعون” بقصى موسى “عليه السلام” وأمه التي أخفته في صندوق، وألقت به في اليم، ثم انتهى به المطاف إلى نشأته في قصور الفرعون بمصر. لكن ميسون هادي لم تتقيد بالحكاية، ولا بالأسماء، ولا بالمراحل التي مرت فيها، ولا حتى بالنهاية التي انتهت إليها باختفاء (يحيى) الطفل الذي ولد يوم ضربة (بوش) الأب واختفى في غموض بعد ثلاثة عشر عاماً، يوم ضربة (بوش) الإبن.

يقف القاريء في بداية الحكاية، أمام حدثين متزامنين، الأول منهما : ولادة يحيى على سجادة تسميها الاسرة سجادة الفصول الأربعة، في أيام الحرب التي سميت في ذلك الحين حرب تحرير الكويت، والحدث الثاني، هو القصف الذي بدأ، وفي قتل والد يحيى منصور ماشي السالم دار. وتطلق بلقيس على وليدها الجديد هذا اسم يحيى، لأنها أنجبته في الأحد الأول من شعبان، الذي يسبق رمضان، وهو يوم (زكريا) الذي هو موسم يشهد بعض الطقوس الدينية الخاصة، ولعلها اختارت هذا الاسم، دون غيره، تشبيهاً للمولود، أو تيمنا بالنبي يحيى، ولعله، أيضاً، رمزً – من قبيل المفارقة – إذ يمثل يحيى (الفعل) نقيضاً على صعيد المدلول للفعل مات، أو يموت، الذي ينطبق على الأب، ومن هنا يأتي تعمد المؤلفة كتابة الاسم كما لو كان فعلاً (يحيا) مخالفة بذلك إحدى قواعد الإملاء الخاصة بهذه الكلمة.

ويبدي الطفل، مثلما نلاحظ، نبوغاً بعد ان حلت عقدة لسانه، ونطق وذهب إلى المدرسة وبلغت سنه الثالثة عشرة. ويجتذب أنظار إخوته، واهتمامهم، لافتاً من حوله بجماله الفاتن، وبهائه النادر وجوده. وأما ذاكرته، وقدرته على حفظ الأسماء، والسور، والآيات، والأرقام، فشيءً لا يصدق.

رمزية المرآة:

ذلك كله لا يلفت الانتباه كثيراً، إنما الذي يلفت النظر هو تعلقه بالمرآة المكسورة، التي كان يحب منذ صغره، وقبل أن يتكلم، النظر فيها، والتحديق بصورته ضاحكاً أو ساخراً ولعل هذه المرآة تقابل على الطرف الآخر تلك المرآة التي يحدق فيها الأب – ونظنها إشارة إلى بوش الأب – متسائلا من هو أقوى رجل على الأرض؟ ثم يحدق فيها الإبن متسائلاَ السؤال نفسه، في تشكيل رمزي يجعل المرآة كائنا حياً يتكلم، ويجيب عن السؤال. لكن يحيى يفقد المرآة، ثم يعثر عليها تحت السجادة، وبجانبها حيةٌ أشاعت الذعر بين أفراد الأسرة.                                     ومن اللافت للنظر تكرير ذكر الحية وملكة الحيات في هذه الرواية مما ينبه إلى المدلول الرمزي الذي ترتبط به لدى الذاكرة الشعبية والدينية. فمن المعروف أن الحية هي التي أغوت حواء وآدم ، وأغرتهما بالأكل من الشجرة ففقدا بسبب ذلك الفردوس، وأخرجا من الجنة ليعيشا بقية حياتهما في الدنيا الزائلة الفانية، هما وأولادهما، وذريتهما من بعد. والأفعى هي التي التهمت العشب الذي يمنح الكائن الحي القدرة على الخلود، والنجاة من الموت، والتمتع بالبقاء الأبدي، في ملحمة جلجامش، ولهذا فهي، وفق المعتقدات الشعبية، من أطول الكائنات الحية عمراً، وسوف نجد الكاتبة – ميسلون هادي – تكرر ذكر الحية في الرواية. مشيرة إلى علاقتها باختفاء يحيى في أثناء الحرب الأخيرة، التي بدأت قبل عيد الأم بيوم واحد، في بغداد، وكان اختفاؤه في الأيام الأربعة الأولى من نيسان (إبريل) 2003. وهذا الاختفاء يمثل العقدة الكبرى التي تحاول بلقيس الكشف عن أسرارها دون فائدة، فأين ذهب يحيى؟ هل قتل عندما سقطت القذيفة قبيل الفجر، وأدت إلى تطاير الأبواب؟ أم أنه اختطف؟ أم اعتدت عليه الحية التي شوهدت تتبعه في المرة الأخيرة التي رأته فيها (شاكرين) لدى سقوط القذيفة المذكورة أم أنه غرق في النهر مثلما يخبرها العراف؟ نكتشف في نهاية الرواية ما الذي تومئ إليها الكاتبة بنبوءة فرعون.                                                   فعندما سعد الابن بما حققه من انتصارات في العراق أدت إلى تفكيكه، ونشر الدمار والخراب في عاصمة الرشيد، وقف أمام الحوض الزجاجي (الأكوريوم) الذي تتراءى له فيه مخلوقات عجيبة، متسائلاً : من هو أقوى رجل على الأرض؟ متوقعا ان تجيبه هاتيك المرآة : أنت هو الأقوى. لكنه بدل ذلك. لكنه بدلا من ذلك، رأى يحيى ينظر إليه ساخراً من خلال الحوض الزجاجي.                                                                                           وبذلك تكتمل حلقات السلسلة، وتنتهي الرواية.

النسيج المحكي:

أما التفاصيل التي نسجت منها ميسلون هادي هذه الحكاية، ولا نقول القصة باعتبار أن ليس ثمة قصة في الواقع، وإنما حكاية بالمفهوم الذي يعني عند جيرار جانيت المادة المكتوبة، بما تنطوي عليه من محذوف ومضمر، ومن معلن أو مرجأ . . فهي حكاية مادتها من التناص الذي يغرف من الكتب المقدسة، والمتعقدات الدينية، واللغة القائمة على توظيف ما في الذاكرة الشعبية من رموز ودلالات.                                                                فأول ما يجبهنا في رواية ميسلون هادي هو استخدام لغة الحكاية الخرافية او الأسطورية، القائمة على إيجاد علاقات غير منطقية، ولا مألوفة ولا نسقية بين الأشياء التي تدل عليها، وتشير إليها، مع محاكاة لغة الحكايات القديمة، الدينية منها وغير الدينية. فهي على سبيل المثال – لا الحصر – تحدد تاريخ ولادة يحيى بأسلوب تحاكي في إسلوب الرواة والإخباريين، وكتاب الحوليات، والسير. تقول : “وفي نهاية القرن العشرين، وأواخر العصر التلفزيوني الوسيط، وهو الذي يقع بين أيام أورزدي باك وليالي الستلايت، أي العصر الي يفصل بين أعوام الموسكو فيتش وسنوات المنيفيست، ولدت بقليس بنورة ابنها يحيى منصور ماشي السالمدار.”                                                   وهذه البداية تضعنا على طريق غير مألوف، ودرب استثنائي غير مسبوق. إذ تجمع في لغتها بين عبارات تنحو منحاها القديم الكلاسيكي، وعبارات أخرى تتألف من مفردات يعارض بعضها بعضاً كالستلايت والموسكوفيتش. واختيار الاسم يحيى منصور ماشي السالمدار اختيارٌ غير عشوائي، ففي كل جزء منه إيحاء بالمفارقة، فالابن لم يعش، والأب غير منصور، ولا ماش، وغير سالم الدار، وهذه البداية، مثلما أشرنا، تمهد – في الحقيقة – لحكاية يحيى، الذي ولد في ظروف الحرب والنبوءة والموت.                                                                فعندما لم يعد الأب من حفر الباطن، وانفض عزاء منصور، أرضعت بلقيس ابنها يحيى من ثدييها لبناً مراً، وهي مغثوثة، فراح يتقلب في فراشه من الوجع، ولا يكف عن الصراخ ليلا نهاراً، إلا عندما تأخذه في حضنها، وتمشي به بين الحجرات، فيهدأ، ثم يعاود بكاءه العالي، وهو يتلوّى(2).                                                                   بذلك تتداخل لغة الرواية بالتراث الإخباري، المطبوع بإسلوب الرواة، والإخباريين، وكتاب السير، ولغة التقاليد الشعبية، والعادات المتوارثة جيلا بعد آخر، ومن لجوء إلى التداوي بالأعشاب. فتأتي هنيّة – ضرة بلقيس – وتنصحها بالقونداغ، وهو مزيج من الأعشاب : كالبابونج، والهيل، واليانسون، والكمون، والسعدة، يجمع كله في إناء ويترك على النار إلى أن يغلي مدة، ثم تسقي منه يحيى بالملعقة الصغيرة، فيرتجف فمه لدى ملامسة الشراب، ويمرر لسانه الصغير على شفتيه، قبل أن تهدأ نفسه، وتخف آلامه(3). ولا ريب في أن ذلك كله مما يلقي الضوء على علاقة الحكاية بالذاكرة الشعبية. إذ ينبغي على القاريء الضمني أن يستعيد، وفقاً لخبرته بهذا التراث، معاني الألفاظ، فالمغثوثة هي المرأة التي أصابها الحزن، والنكد، لوفاة أحد الأقارب، ويعتقد عامة الناس أن حليبها الذي يرضعه المولود يخالطه شيء غير قليل من ذلك الحزن، وذياك الكمد، فيتأثر به فيتألم، ويتوجع، بسبب ذلك، ويتمنع عن النوم، ويكثر صياحه، وبكاؤه. والغثّ في العربية غير السمين، والمغثوثة بهذا المعنى تحتاج لما يشفي وليدها، فتلجأ لمثل هذه الوصفة، التي تذكرنا بوصفة أم مازن في رواية بتول الخضيري : “غايب(4)”.

وتفرط ميسلون هادي في تتبع هذه الجوانب من لغة الحكاية. وهي جوانب تقودنا للغوص في المعتقدات. فعندما تأخر يحيى في النطق، تلجأ بلقيس لوسائل عديدة لعلاجه منها : أن تسقيه بناءً على نصيحة إحداهن (فوح التمن) الأرز فيما أعلم، وتدور به من عراف إلى عراف، ومن ولي صالح لولي صالح آخر. وتذهب به مراراً إلى شريعة النهر في المكان الموسوم (بخضر الياس) وفي ذلك المكان توجد عين ماء إسمها عين ماء علي – وماء تلك العين يشفي الأطفال من الخرس.                                                                                                             فالشيوخ والعرافون والأولياء الصالحون الذين تقدم بين أيديهم النذور ويقدمون لزبائنهم التمائم والأحجبة جزء لا ينسلخ عن أجزاء الحكاية الشعبية الدارجة. فالنهر له شريعة واسم المكان خضر إلياس بما له من قدسية لدى العامة. وماء العين بحكم أنها ماء علي، يشفي من الحبسة. وأي شيء من الأشياء التي يجري ذكرها في الحكاية يتحول إلى رمز، وإن لم يكن رمزاً فهو على الأقل إشارة تومئ لأشياء في عالم الغيب وليس عالم الشهادة فعندما هيأت بلقيس طبقاً من حلوى الحليب بالأرز، وأرادت وضعه في صينية فيها بعض الأوراق، والأعواد من شجرة الآس، تذكرت في تلك اللحظة منصوراً فانحدرت من عينيها بعض الدموع التي سقطت فوك أعواد الآس عندئ حدث ما لا يتوقعه القارئ وهو معجزة لم يصدقها حتى يحيى نفسه إبن السنوات الخمس لما فيها من الغرابة ومفارقة الواقع فقد رأى في تلك اللحظة طاع الأرض وسليل الماء، عود الآس وهو يرتوي من دموعها ويتحول من غصن صغير إلى أيكة عملاقة تلتلف حولها أغصان هائلة من الفستق الأخضر وعندما همّت بلقيس بالصعود شهق يحيى من الخوف وسمعها تقول له هيا . . تعال. بامكانك الصعود . . فنطق لأول مرة بيبي . .

فالطفل يحيى نطق نتيجة ما رآه من (رؤيا) أو حلم، ومثل هذا لا يحدث في السرد الحكائي العادي الذي يقوم على اختراع حكاية من مؤلف ضمني يوحي بها إليه مؤلف حقيقي، وإنما أمام حكاية مادتها مقتبسة من المتخيلات الشعبية ومن الرؤى والكوابيس والأحاجي الرمزية السائدة. كأنما تريد الكاتبة أن تلقي بنا في صميم البنية الذهنية والعقلية للشريحة الاجتماعية التي ينتمي اليها شخوص هذه الرواية. فعندما يتخلخل أحد أسنان يحيى اللبنية، ويظن أن السن قد كسرت، تأخذها الأم منه، فيما يشبه المشهد الدرامي، ضاحكة مستبشرة ثم تلقي بها بقوة تجاه عين الشمي وهي تردد :

  • يا عين الشمي خذي سن الحمار وأععطنا سن الغزال.

ويحيى يسمع ويصدق – المسكين – ما يسمع متابعاً بنظره السن، وهي تهوي مستديرة في مكان قريب لتسقط عند جذع شجرة الآس التي كان يجلس قربها قبل قليل فارتعد قلبه وارتجف وكاد يبكي لأن السن ضلت طريقها الى الشمس(6).

وبمثل هذه الطقوس تضفي الكاتبة ميسلون هادي على الحكاية طابعاً مستمداً من اللغة المستخدمة في الحكايات الشعبية. عين الشمس، سن الحمار، سن الغزال، ولوقع هذه الكلمات على مستخدميها أثر لا يقل عن أثر السحر. فالطفل يرتجف هلعاً ويرتعد باكياً اعتقاداً منه بأن الشمس – فعلا –  لن تعوضه عن سنه المفقودة بأخرى أفضل : سن الغزال. وقد كثرت العودة لمثل هذه الحكايات في الرواية إلى جانب الأساطير. والخرافات، وقصص الحيوان، مما جعل النبوءة في الرواية أشبه (بكولاج)(7) قصصي، وفسيفساء من نصوص عديدة انقتها الكاتبة بعناية فائقة، لتضفي على روايتها طابع الحكاية الشعبية المستوحاة من الذاكرة الجمعية فعندما يتساءل يحيى عن الموت، ولماذا لا يعيش الناس إلى الأبد، تروي له بلقيس حكاية عفان الذي كان يود أن يستمر حياً إلى اليوم الذي يبعث فيه النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في آخر الزمان.

وتقول تلك الحكاية أن أحداً لا يستطيع أن يعيش حتى ذلك الوقت، إلا إذا شرب من ماء الحياة، ولا يستطيع أن يشرب من ماء الحياة، إلا من يعبر بحر الظلمات، ولا يكون ذلك إلا بالحصول على خاتم سليمان، وذلك لا يتحقق إلا بمساعدة ملكة الحيات، التي تحرس جثمانه، فإذا ما احتيل على الحية ودهن بها قدميه، مشى على البحر، فلا يبتلان ولا يغرق فإذا عبر الأبحر السبعة وصل إلى مدفن سليمان وهناك تنقاد له الإنس والجن والطير والوحوش وجل المخلوقات.

أما عفان فقد اجتاز هاتيك المراهل طرّاً واقترب من السرير الذي عليه جثمان سيدنا سليمان وأراد أن يأخذ الخاتم من إصبعه فتصدت له حية عظيمة وأفزعته وزعقت في وجهه زعقة ارتعد منها المكان وتطاير الشرر وقالت الحية لعفان ويحك، إن لم ترجع أهلكتك.

فاشتغل عفان بالأقسام، والعزائم، ولم ينزعج من تلك الحية فإذا بها تنفخ نفخة عظيمة كادت تحرق ذلك المكان، ثم قالت له :

  • ويلك، إن لم ترجع أحرقتك.

فلما سمع صديقه (بلوقيا) ذلك الكلام من الحية خرّ مغشياً عليه، ثم غادر المغارة أما عفان فقد تقدم من الجثمان ومد يده ولمس الخاتم وأراد أن يسحبه فإذا بالحيّة تنفخ (عليه) وتحرقه وتحوله إلى كومة من رماد، أما (بلوقيا) فسقط ثانية مغشياً عليه ولما أفاق راح يبكي بكاءً شديداً وهو يتذكر قول الحية :

  • هيهات أن يقدر أحد على أخذ الخاتم(8).

تجتمع في هذه الحكاية الكثير من خواص السرد الشعبي، والديني، فهي تدور حول أحد الأنبياء هو سيدنا سليمان، الذي دانت له الإنس والجنّ والطير والحيوان. لكن الخاتم وما يتصل به من حواش وملاحق مما أضافته الحكاية الشعبية والصقه رواتها بها في عصور متأخرة نسجت فيها حكايات كثيرة تدور حول هذا النبي وفيها من القصص الشعبي والملاحم والأساطير البحث الدائم عن العشبة التي تمنح الانسان الخلود، وتجنبه الموت. كذلك البحث عما يسمى ماء الحياة. وقد وردت هذه الإشارة سواء إلى العشبة أو إلى ماء الحياة، في أكثر من موضع، في ملحمة جلجامش وفي قصة الخضر.

وفيها من قصص الحيوان ما فيها لأننا أمام حية تتكلم، وتقوم بواجبها في حراسة الخاتم، كأيّ مارد من المردة. وفيها من الحكاية الشعبية طابعها الغرائبي الذي لا يهتم بالمنطق الطبيعي (المادي) الذي تقوم عليه المحاكاة، فالرجل يسير فوق الماء، وقدماه لا يبتلان، ولا يغرق، ويعبر الأبحر السبعة التي لا تذكر لنا الحكاية في أي جهة من الكون تقع ولا إلى أي اتجاه يعبر. والأفعى تطلق في كل نفخة من فمها ناراً تحرق المكان، وتحول الرجل (عفّان) إلى كومة رماد. وهذا كله مما ينسب إلى الغريب، والعجيب، الذي تحفل به ألف ليلة وليلة.

ولا ريب في أن غاية الكاتبة من إقحام مثل هذه الحكايات يتجاوز إلهاب الخيال وشحذ التصور الذهني لدى القارئ إلى إضفاء ملامح الغرائبي على الواقع المأساوي الذي عاشه العراقيون بين حربين، أولاهما بدأت عند ميلاد يحيى، والأخرى انتهت باختفائه الغامض، كأنه هو الحمل (الجنين) الذي ضاق به رحم العراق في هذا الزمان.

اللغة والرموز الحكائية :

ومن الناحية الفنية اصطبغت الراوية بالصبغة الشعبية على صعيد اللغة، فضلاً عن الحكاية. فنحن أمام رموز تعبر عن توق الانسان لامتلاك القدرة على تغيير الأشياء، وتحدي المستحيل، فالخاتم رمز يحقق به الانسان ما يعجز عن تحقيقه في الواقع، والحية ترمز لتلك القوة الطاغية الكبرى التي لا سبيل إلى تجنب أثرها. والبحور السبعة فضلا عن بحر الظلمات، رموز تشير إلى المسافة الكبرى بين ما يتمناه المرء وما يحققه فعلاً، وهي في الوقت ذاته تعبير عن العقبات التي تعترض الطريق إلى الهدف الذي يسعى بطل الحكاية لتحقيقه.

الخرافة الشعبية :

وظاهرة الإستعانة ببعض الحكايات الخرافية والشعبية أو تلك المتقبسة من ألف ليلة وليلة تتجلى في هذه الرواية تجلياً لافتاً للنظر.

فعبارة “كان يا ما كان” من التعابير التي يألفها قارئ رواية نبوءة فرعون، وهي جملة تفتتح بها عادة الحكاية الشعبية المتداولة في أوساط عامة الناس، وفي السير الشعبية التي ألفت في عصور متأخرة من الماضي، وتكرارها ههنا في الرواية جاء على سبيل الاقتباس أولاً وعلى سبيل المحاكاة الساخرة من جهة ثانية. فقد روى الرجل العجوز، الذي مر ببلقيس، وهي تجلس على شاطئ النهر، حكاية المارد (أوف) قائلاً : كان يا ما كان، وعلى الله التكلان، كان في قديم الزمان، رجل تاجر من مدينة الموصل، خرج ذات يوم إلى الشام في تجارة، وسأل بناته الثلاثة عن طلباتهنّ، فذكرت كل واحدة منهن طلبها، الكبرى طلبت إزاراً مخرّماً، والوسطى قماش الكجرات، أما الإبنة الثالثة الصغرى، فقد طلبت فستاناً من اللؤلؤ في قمع جوزة.

ذهب التاجر إلى بلاد الشام ولم ينس ما طلبته بناته.

وفي طريق العودة إلى الموصل وقفت القافلة للراحة، فانتحى التاجر ظل شجرة، وتذكر طلب ابنته الصغرى، وأسف لأنه لم يستطع إيجاده، فانبعثت من فمه حسرة طويلة بألم (أوف) وإذا بمارد جبار يمثل أمامه، ويصبح  به قائلاً :

  • شبيك لبيك، عبدك أوف بين يديك.

فأجفل التاجر وسأله عن أمره، فقال له المارد :

  • أنت ناديتني

قال التاجر:

  • ولكني لم أنادك

قال المارد:

  • بل ناديتني عندما صحت أوف، وذاك هو اسمي، وأنا لبيت النداء.

ضحك التاجر وقال :

  • إنما تأوهت فقط، لأنني تذكرت طلب ابنتي الصغرى الذي لم أستطع تحقيقه.

قال المارد :

  • وما هو طلبها؟

أجاب التاجر :

  • فستان من اللؤلؤ في قمع جوزة، وهذا مستحيل تحقيقه فكيف يمكن جمع فستان من اللؤلؤ في قمع جوزة؟

استهان المارد بالطلب، ووعد بأن يحضره حالاً. وفي غمضة عين كان الفستان اللؤلؤي في قمع الجوزة بين يدي الرجل التاجر، الذي ابتهج بذلك كثيراً(9).

تقوم هذه الحكاية المكتملة ذات البداية والوسط والنهاية، على وظائف سردية متعددة، تذكرنا بأساسيات الحكاية الشعبية والخرافية. فالرجل ينتقل من الموصل الى الشام للتجارة، وهذه هي وظيفة التحول أو الانتقال. والابنة الصغرى تطلب شيئاً مستحيلاً تحقيقه، وهذه هي وظيفة الاستحالة، وهي تشبه وظيفة الحصول على التفاحات الثلاث، أو الدواء النادر الذي يعيد للشيخ العجوز ما فقده من شباب وحيوية. ويأسف الرجل لكونه لا يتسطيع تحقيق طلب ابنته العزيزة مع أنه حقق مطلب ابنتيه الأخريين، بيسر. ويتطوع المارد (أوف) لمساعدة التاجر على تحقيق الهدف. وهذه وظيفة المساعدة. لكن المارد أوف يشترط عليه شرطاً قاسياً، وهو شرط تعجيزي، مما يسمح بوجود وظائف سردية أخرى، تؤدي إلى استمرار الحكاية بولادة حكاية أخرى.

والحكاية الشعبية، مثلما هو معروف، تؤدي إلى ولادة حكاية اخرى واختفاء يحيى في نبوءة فرعون والبحث عنه لدى الأولياء والعرافين والشوافين حكاية تتوالد منها حكايات أخرى.

وحكاية التاجر مع المارد أوف، حكاية تلقي الضوء على طريقة غنائية شعبية متبعة في المواويل، والمقامات، عراقية كانت أم غير عراقية. والبدء بكلمة أوف شيء متصل بالتراث الشعبي الحكائي والغنائي. ولهذا تضفي هذه الحكاية على السرد الروائي في النبوءة طابعاً يقربها من فنون القص القديم، دون أن يبتعد عنها، في الوقت ذاته، عن فن الرواية الحديث.

وحرصا على الوفاء بأساسيات القص العربي التقليدي، ودمجه في السرد المكثف الذي تلجأ إليه الكاتبة في نبوءة فرعون، تشير الى حكاية العارف والنسر العملاق. وهي حكاية تعبر عن توق الانسان للتحصن من الأذى والموت بالبقاء في قصر منيف ناء عن الناس. لكن الموت لا يوجد ما يمنعه أو يقف في وجهه، وما هو مقدر يجب أن ينفذ. والحكاية تجمع الغريب والعجيب مما لا يمكن قبوله وتصديقه قياسا لأحكام الاحتمال والضرورة. فالعارف وهو من يمتلك من المعرفة اللدنية ما لا يتحصل لغيره من البشر العاديين، يصل القصر على متن نسر عملاق، وهذا شيء تختص به الحكاية الشعبية الغرائبية، أعني قطع المسافات وعبور الاجواء بواسطة أشياء خارقة للطبيعة، مثل : بساط الريح، أو النسر العملاق، أو العفاريت، والمردة. والتمثال الذي يصنعه هذا العارف للأسد من الطين ، تدب فيه الروح ، ويتحول في ومضة عين الى اسد هصور يفترس الامير الذي حصنه ابوه الملك في قصر بعيد على طرف من اطراف الصحراء.

تقول الحكاية ما مجمله “كان اي ما كان، في سالف العصر وقديم الزمان، ملك افترس الاسد اثنين من ابنائه الثلاثة، فيما كانوا في رحلة صيد. ولكي يحافظ الملك على ابنه الثالث، والأخير ويحميه من الموت، نفاه الى قصر منيف، ناء، يقع على طرف من اطراف الصحراء، وذات يوم حمل نسر ضخم رجلاً عارفاً الى ذلك القصر، ورمى به في جوار ذلك الامير . . وبعد التحية والسلام، طلب الشاب من العارف أن يصف له الأسد الذي افترس أخويه، فلم يسبق له أن رأى أسد قط. فأخذ العارف طينة من طين الأرض، وعجنها بين يديه، ثم صنع منها حيواناً صغيراً على هيئة الأسد، ووضعه أمام الأمير، ليرى في التمثال صورة الأسد الذي افترس أخويه.

وما هي إلا لحظات حتى دبت الروح في التمثال، وغدا أسداً حقيقياً، وزأر، وهاج، ثم هجم على الأمير، فافترسه في الحال، حينها ترك العارف القصر، وولى هارباً، وقد آمن بالقدر، وأدرك أن المكتوب على الجبين يجب أن تراه العين . . وأن المقدور نافذ حتماً، ولا يمكن أن يمحى.”

هذه الحكاية الغرائبية تنسب إلى الجماد، وهو الطين، القدرة على الحياة، وللطير (النسر) القدرة على حمل البشر، والانتقال بهم من مكان لآخر. وللعارف، وهو إنسان، القدرة على اختراع الأشياء، التي تحاكي الكائن الحي والقدرة على اجتراح الخوارق.

وفي حكاية أخرى تنسب أفعال البشر الى الكائنات الخفية، كالسعلاة ابنة إبليس، وفقاً لبعض المعتقدات السائدة، فقد عشقت حسين الصياد، وتنكرت بزي أحد رفاقه الصيادين، وقلدت صوته. ثم جاءت الصياد في الظلام، وقرعت باب منزله، فخرج لها ظناً منه أن الطارق هو الصديق الذي تقلد صوته، وترتدي ما يشبه ملابسه. وذهب معها بعد ان انطلت عليه الحيلة، واختطفته الى مغارة في هضبة مطلة على نهر دجلة. وهناك أسرعت إلى صخرة كبيرة، وسدت بها باب المغارة، ثم كشفت له عين وجهها فاشتد به الفزع، وأخرسه الخوف، عن الحركة والنطق معاً. ولكي لا يهرب قامت السعلاة بلحس قدميه، فتحولا الى ما يشبه الخرق، ولم يعد يستطيع السير عليهما خطوة واحدة، وهكذا ظل قعيد المغارة(11).

والحكايات التي تنسب الى الجن وقوعهم في حب الانسان كثيرة، وهي تدلك على ان مخترع الحكاية – وهو بلا ريب كائن مجهول له جذوره الضاربة عميقا في باطن الوعي الجمعي – يرى في الانسان، الاذي يهيم به أحد الجان، إنساناً يفوق غيره في الجمال، والحسن. وحكاية التاجر مع المارد أوف تتضمن بعض هذا، فقد طلب المارد من التاجر أن يزوج سيده من المردة بابنته العزيزة الصغيرة، التي طلبت الفستان اللؤلؤي. وهنا تقول الحكاية: إن السعلاة – وهي ابنة ابليس – أحبت الصياد، وأرادته بعلاً لها، ولكي تحقق ذلك سجنته في مغارة. وتلك حكاية رمزية يتداولها أشخاص في الرواية بغية تفسير اختفاء يحيى الذي بهر الآخرين بحسنه الفاتن، فعندما وصفته أمه للصياد، قال لها :

  • إذن، ر بما خطفته السعلاة، إبنة إبليس.

ثم روى لها حكاية حسين الصياد.

ومما لا شك فيه، ولا ريب، أن ميسلون هادي اشبعت روايتها “نبوءة فرعون” بهذا المناخ الحكائي الشعبي، الى حد تحولت فيه لغة الرواية من لغة سردية عادية إلى لغة تحاكي أسلوباً وألفاظاً ولهجةً لغة الحكاية الشعبية، والخرافية. فهي تروي على سبيل المثال وليس الحصر مشهد الحرب في آذار – مارس 2003 مستخدمة تلك اللغة بما فيها من ايقاع مسجوع، وكنايات رامزة:

“وفي اذار المهذار، شهر الهزاهز والامطار، أودت ريح رملية عاصفة بثمرات النارنج المتبقية على الاشجار، وأطاحت بها أرضاً، مع أكوام الورق اليابس، وطبقات التراب، وسقطت بيضات السنونو الخمس على الأرض، وتكسرت، إلا واحدة. فصاح السنونو وناح وظل يدور في السماء بلا انقطاع. وظهر الجنود الأمريكيون المرقطون يزحفون إلى مروحياتهم محنيّي القامات والريح تعسف رمالها بالوجوه البيض، وتعصف بملابسهم التي تمنع عنهم الموت، ذات اليمين، وذات الشمال، وطال الوقت، وأصبح عجين (هنيّة) كالبالون، ومن شدة الاختمار، وأقعدها المرض عن النهوض، فتركته يتثقب، ويتشقق ويتفطر ويتضوع بعطر قديم، هو رائحة قمح مختمر. وحلمت برائحة حطب مشتعل. والأرغفة السمراء تشلع تواً من الطين المستعر بالنار. فجاءت بلقيس، وأخبرتها ألا تقلق، وأن كل شيء سيكون على ما يرام، فالرجال الخاكيّون، لا يزالون ينتشرون بين البيوت، وهم يحملون الرشاشات على أكتافهم، فقالت هنيّة:

أخبزي لهم العجين الذي اختمر، وأخرجي لهم أرغفة الخبز الحار”.

في المشهد السردي السابق تقفنا الكاتبة على لغة حكائية تمتزج فيها التعبيرات الجديدة بأشكال من التراكيب المتداولة في التراث الحكائي. والأساليب المالوفة في كتابة الأخبار ورواية الحوادث والسير. آذار المهذار، شهر الهزاهز والأمطار . . وثمرات النارنج المتبقية على الأشجار. ومثل: وصاح السنونو وناح، وذات اليمين، وذات الشمال، ولكنها  الى جانب هذا الذي يذكرنا بالاسلوب السردي الموروث، نجد تعبيرات جديدة كلياً، أطاحت بها ارضاً، وظل يدور في السماء بلا انقطاع . . يزحفون على مروحياتهم . . وعجين هنية كالبالون . . والرجال الخاكيون . . ينتشرون ويملون الرشاشات . . وتوفيراً للإيقاع السردي الموروث وجدنا الكاتبة لا تضن على القارئ ببعض المحسنات من تجنيس وغيره، مثلما نجد في: صاح وناح، وفي تعسف وتعصف، والطباق في يمين وشمال، والترادف في يتثقب، ويتشقق، ويتفطر. في وسط ذلك كله نجد كلمة (تشلع) أي تخطف بسرعة من النار، وهي كلمة عامية فيما نظن، ونحسب. فأي نوع من التلوين اللغوي تعتمد في هذه الرواية؟

الإيقاع السردي:

تستخدم الكاتبة، زيادة على ما سبق، الايقاع السردي المألوف في المقامات، والحكايات الشعبية.

فها هي ذي شاكرين ابنة هنية (ضرة بلقيس) تروي لنا الخبر عن اختفاء يحيى، فتقول: “رأيت يحيى يخرج من البيت كمن يمشي في نومه، وهو يلتفت في كل لحظة، وكأنّ هناك من يتعقب خطواته على الممر، نهضت خلفه وخرجت الى الحديقة، وناديته: يحيى . . يحيى، وقلت له : الدنيا ليل، أين تذهب يا يحيى؟ وكأنه لم يسمعني، سار على الممر إلى الخارج، ولا أدري لماذا نظرت، في تلك اللحظة، إلى الارض، فرأيت حية تمشي خلفه. فصحت بأعلى صوتي لأوقظكم من النوم، لكن صيحتي جاءت في اللحظة التي حدث فيها الانفجار، فوقعت على الأرض، وراح يحيى (13)”

فهي تتابع مجريات الخبر بالترتيب، وفي نسق زمني يناسب دورة عقارب الساعة”. وقد نجح استخدام الواو العاطفة في إشاعة إيقاع متجانس بين الجمل، يدفع بها جميعاً في اتجاه واحد هو نهاية الخبر: ” وراح يحيى.” تتكئ الكاتبة في ذلك على النبرة الصوتية في رواية الخبر، ويتجلى بعض ذلك في انها جعلت شاكرين تكرر نداء يحيى، وناديته: يحيى . . يحيى . . فقد كان بالإمكان أن تكتفي بكلمة ناديته، لكنها تصر على إعادة النداء، واستعادة ما قيل في تلك اللحظة، في مسعى منها لتمثيل الخبر تمثيلا بالاصوات: الدنيا ليل، أين تذهب يا يحيى؟

ولاستثارة القارئ تستخدم الكاتبة، ميسلون هادي، النغمة الهابطة: سار على الممر الى الخارج، ولا ادري لماذا نظرت، وفي تلك اللحظة، إلى الأرض، فرأيت الحية تتبعه، وتمشي خلفه . . وهذا الجزء من الخبر كأنما هو مناجاة من شاكرين، تحدث نفسها فيها، وتتسائل، وتتبين، في ضوء السؤال، شيئاً جديداً يستحق أن تدخل بسببه تعديلاً في ايقاع الخبر: فصحت بإعلى صوتي . .

وهو في نهاية الأمر خير تختلط في صورة الواقع بالكابوس، لأن الحية كانت قد ظهرت تحت السجادة، ولكن الجميع تناسوها بسبب انشغالهم بالحرب، ولا سيما بالتفجير. ولذا سرعان ما هبوا عند سماعهم بذكر الحية، لتفقد السجادة التي لفوها، والحية بداخلها، فوجدوا السجادة، ولم يجدوا الحية . . ولهذا الاكتشاف أثره في تواصل الايقاع الروائي. فربما كان هذا الذي تبع يحيى، وتعقبه، هو ملاك الموت، وقد ساقه إلى المكان الذي حدث فيه الانفجار ليلقى أجله فيه، هكذا ظنت (هنية) أول الأمر، قبل أن تتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ومن تلك الوساوس (14)، لتطلب بعيد ذلك من الرحمن أن يحفظ الولد، والقول ربما كانت الملائكة هي التي حملته إلى مكان آمن. والحية في هذه الحال رمز متعدد الدلالة. فهي تارة رمز للقوة العاتية التي لا يستطيع الانسان منها فكاكاً، فهي تحرس خاتم سليمان، وتنفخ من فمها ناراً تلظى، تحرق بها المكان والانسان. وهي تارة كائن حي يتخفى فيه ملاك، لينقذ يحيى من الموت المحتم لدى وقوع الانفجار، وهي فوق هذا وذاك، رصد من الجان، عليها أن تحمي، وتحتفظ بالمرأة، التي يرى يحيى فيها نفسه، مثلما تحمي ملكة الحيات خاتم سليمان.

فالدائرة تكتمل بهذا التفسير، أو التأويل، اذا ساغ التعبير.

والرواية، في نهاية المطاف، ليست لغزاً، ولا أحجية، لكنها نص مفتوح لجل الاحتمالات، والتفسيرات المتعددة. ومهما يخصب بهذا النص، ويثريه، ويغنيه، تنوع الموروثات الشعبية، والدينية، والأسطورية فيه. وتنوع الإشارات لما يجري في الواقع، وشيوع روح السخرية، والتهكم، سواء من خلال اللغة الرامزة، أو الكنايات التي تبعث فيه روح الكوميديا السوداء، والحكايات المقتبسة، مما يذكرنا برواية الحرب في الأدب العراقي، واللبناني الحديث.

مجلة عمان العدد148 تشرين الاول 2007

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

ميسلون هادئ……غزارة الإنتاج وبراعة الأداء.

ميسلون هادئ……غزارة الإنتاج وبراعة الأداءمن الأحداث الفارقة والمائزة في حياتي،هو اللقاء بالروائية المبدعة ميسلون هادي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *