عن رواية كم بدت السماء قريبة

وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها


كم بدت السماء قريبة: بتول الخضيري
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة شتى دارت فيها أحداث المئات من الروايات، عراقية وعربية وعالمية، التي قرأتها بدءاً بأول رواية أقرأها في حياتي، “الحمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، سنة 1966، وكنت حينها في الخامسة عشرة من عمري، بدأتُ سلسلة توقفات قصيرة جداً عند روايات مختارة منها، مستلةً من موضوعاتي المنشورة أو كتاباتي غير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات الخاصة عن تلك الروايات، حيث أتوقف كلّ بضعة أيام عند رواية. وستكون غالبية وقفاتي عند روايات عراقية، ثم عربية، وأحياناً عالمية. وقفتي اليوم عند رواية “كم بدت السماء قريبة” (1999)، لبتول الخضيري (بغداد/ 1965).


تدور أحداث الرواية في إحدى ضواحي بغداد شبه الريفية، بطلتها تعيش مع أب عراقي خبير في العطور وأم إنجليزية شقراء يقتلها الملل والرتابة وشرقية الأب وما ينسحب من ذلك من تربية ابنتها وتطبّعها جزئياً بالطبائع الشرقية. ومع الإحساس بالتفوق أو الفوقية لدى الأم الإنكليزية، فإن البنت تحاول أن تنفلت منها بتأثير النَّفَس الشرقي والحياة الشرقية و(القيم والعادات) الشرقية، وكأن هذا النفَس يمتلك التفوق في قوته على النفس والأسلوب الغربيين الذي تحاول الأم الإنكليزية، تعاليا على الشرق وقيمه وطبائع حياته، أن تفرضه على عائلتها، الأمر الذي كان يعذب هذه الأم الإنكليزية ويؤرقها”. من كتابي “نحن والآخر في الرواية العربية المعاصرة”.


"- ألا ترين يا امرأة أننا في الشرق، وتعلُّمها [ابنتهما] هذا الذي تسمّيه فناً [الرقص والاختلاط] قد يضرّ بمستقبلها؟
"- ذلك أهون من أن تقضي على معنوياتها في مدارس البنات عنكم. لديها بوادر موهبة، فلماذا تعرّضها للعزلة؟ ألا يكفي اختلاطها ببنت الغجر والمعتوهين الأميين الذين يجرون طوال النهار في المزرعة المقرفة؟
"- أنتِ تتكلمين عن مجتمع لا تعرفينه. لقد حذّرتك في السابق من اختلافات تربيتنا لها،أنا أدرك ما أقوله فلماذا لا تتعاونين معي؟! 
"- لكننا لم ندخلها رياض الأطفال في سن الرابعة مثل البقية بسبب  بُعد المسافة عن مركز بغداد. سئمتُ الزعفرانية هذه وبدائية أهلها. آن الأوان أنْ تتعلم في المدينة.
"- يا مدام، دعيها تختلط بعادات أهل الريف، لا ضير  في ذلك. دعيها تتعلق بالأرض والبشر والحيوان كما تربّيْنا نحن. بالله عليك دعيها ترى ما لا ترين". من رواية "كم بدت السماء قريبة"، لبتول الخضيري، ص11-13.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

عن رواية الضفة الثالثة

وقفات قصيرة جداًعند روايات قرأتها الضفة الثالثة: أسعد محمد عليبعد خمسة عقود من العيش وسط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *