الفهرست الكامل للرواية العربية في العراق
في مئة عام 1919-2018
ميسلون هادي
عايشت هذا الجهد الببلوغرافي لزوجي الدكتور نجم عبدالله كاظم على مدى أربعين عاماً تتبع خلالها النتاج الروائي العراقي خلال تلك الأعوام، منجزاً بمفرده ما كان يتطلب إنجازه فريق عمل من المفهرسين، إذ لم يكتف الناقد الدكتور نجم عبدالله كاظم بمسح أكثر من ألفي رواية عراقية صدرت ما بين العامين 1919و2018، وإنما قام بتوصيف الكثير من الروايات، واستقراء هذا النتاج الروائي، والخروج ببعض النتائج والإحصاءات التي جعلها على شكل ملاحق بما خرج به من تحليلاته واستقراءاته للفهرست الرئيس. كما لم يقتصر الكتاب، في طبعته التجريبية التي صدرت عام *2015، على الفهرس العام للرواية، وإنما اشتمل على فهارس فرعية مهمة هي: فهرست الرواية النسوية في العراق، فهرست رواية اليهود ذوي الأصول العراقية، فهرست رواية الفتيان العراقية في القرن العشرين، فهرست رواية العرب المقيمين في العراق… وقد عد الناقد الدكتور نجم عبدالله كاظم ذلك الفهرست التجريبي (1919-2014) طبعة أولى، أو نسخة غير كاملة لمشروع “الفهرست الكامل للرواية العراقية في مئة عام (1919-2018)”، والذي هو قيد الطبع الآن، وكان الدكتور نجم ينوي نشره عام 2019 أو 2020، ولهذا ناشد الباحثين والدارسين والنقاد والروائيين وعموم القراء بأن يبادروا بإعلامه بالروايات التي فاته إدراجها في الطبعة الأولى للفهرست، مما صدر خلال السنين التي غطاها، أو ما لم يستطع حسم أمره من أعمال أخرى، إضافة إلى ما سيصدر من روايات خلال الأعوام 2015-2018، وفعلا بذل الدكتور نجم عبد الله كاظم جهدا غير مسبوق لإنجاز هذا الفهرست، الذي لم يضف له ثلاث سنوات من الإصدارات فقط، وإنما قام بتصحيح ما ورد في النسخة التجريبية من أخطاء، إذ أن بعض ما أورده على انه روايات يتضح له لاحقاً، بعد البحث والتقليب، أنه قصة أو مسرحية أو سيرة بيوغرافية لشخصية تاريخية، أو قد يكون العمل رواية بالفعل، غير أنها منشورة بلغة أخرى غير اللغة العربية، فيقوم بحذفها، وفقاً لمنهجه المتبع في تبويب الفهرست، وقد عانى المؤلف ما عانى مما اسماه بفوضى المعلومات التي يستقيها من بعض المصادر، أو يزودها بها الروائيون انفسهم أحياناً، ألا أنه قد بذل ما بذل من أجل تنقيحها وتمحيصها، ليترك ملف الفهرست بنسخته المعتمدة كاملا وجاهزاً للنشر.
بدأ الدكتور نجم عمله في الفهرست بوصفه عملاً مساعداً في عمله البحثي ضمن دراسته للدكتوراه بجامعة إكستر بالمملكة المتحدة عام 1980، وتحديداً في إعداد أطروحته “الرواية في العراق 1965-1980، وتأثير الرواية الأمريكية فيها”. فحتم عليه هذا العمل أن يبذل جهداً كبيراً جداً، وهو يواجه قلة الدراسات المعنية بالرواية العراقية، مما دفعه البدء بجمع الأعمال الروائية والقصصية الطويلة العراقية، ليست الصادرة خلال فترة الستينيات والسبعينيات التي عُنيت بها دراسته فحسب، بل حتى تلك التي كانت قد صدرت في العقود الأربعة السابقة، والتي تشكل تمهيداً لدراسته الرئيسة. ومع الاستمرار بهذا الجهد من الجمع والتبويب، تكونت في بيتنا مكتبة كبيرة للأعمال القصصية والروائية في العراق، ثم تشكلت ونمت بدايات عمل ببلوغرافي ضخم تواصل على مر السنين.
هذا الفهرست الكامل يكمل ويثري الفهرست التجريبي الذي صدر عن دار الشؤون الثقافية في بغداد قبل ستة أعوام، ليكون بذلك أشمل فهرست معنيّ بالسرد في مئة عام من الكتابة الروائية في العراق. وقد سبقته جهود ببلوغرافية مماثلة ظهرت في حقب زمنية مختلفة للدكتور عبدالإله أحمد وصباح مرزوك وعبدالقادر حسن أمين وعمر الطالب وكوركيس عواد وعبدالجبار عبدالرحمن، إلا ان ما يميز فهرست الدكتور نجم عبدالله كاظم أنه غطى مئة عام، وهذا القرن هو العمر الفعلي للرواية العراقية، وفيه يقدّم كل ما صدر خلال هذه المدة الطويلة، من روايات، ومن قصص طويلة منشورة في بعض المراحل المبكرة من تاريخ السرد العراقي حين وجدها تقترب بدرجة أو بأخرى من الرواية وفقاً للقواعد التي وضعها. أكبر مزايا هذا الفهرست تتجلى في إنصاف الرواية العراقية وإضاءة إنجازاتها كماً ونوعاً في ظل شيوع أحكام مسبقة وغير دقيقة كثيراً ما يرسمها البعض عن الرواية العراقية، سواء في وسائل الإعلام، أو الدوريات الثقافية وأحياناً حتى في الدراسات النقدية والاكاديمية، وبعضها يكون بعيداً عن الواقع إلى درجة كبيرة تنم عن جهل بالرواية العراقية الجديدة، أو تجاهل غير مقصود، ولهذا نجد هذا الفهرست يقدم شهادة حية تتزامن مع الحضور العربي الواضح للرواية العراقية، محرضاً على اكتشاف هذه القارة المدهشة التي غيبتها ظروف النشر والسياسة، بينما هي تشكل معلماً في السرد العربي له خصوصية شديدة. وليس بقليل من الدكتور كاظم هذا الجهد المبذول من أجل إنصافها، ولا بكثير على الرواية العراقية هذا الفهرست المهم في عالم البحث والكتابة الرصينة، كونه سيكون مصدراً يُعول عليه للدارسين والباحثين المعنيين بالرواية، والسرد، والأدب العراقي عموماً، خصوصاً أن المؤلف لم يكتفِ بالفهرسة فقط، وبما يعني إدراج عناوين الروايات ومؤلفيها ومعلومات نشرها، بل كان كثيراً ما يصف العمل وصفاً مختصراً مهمّاً جداً للباحثين الذين يبحثون عن أعمال بمواصفات بعينها، أو تنتمي إلى اتجاهات أو أنواع معينة، الأمر الذي سيختصر الكثير من الوقت والجهد على هؤلاء الباحثين.
لقد أفصح هذا الجهد الكبير عن مقدرة غير اعتيادية امتلكها الدكتور نجم في جمع وتبويب ما انتجته المكتبة الروائية العراقية من أعمال سردية، منذ أن بدأ كتابته لرسالة الدكتوراه في جامعة أكستر البريطانية عام *1980 ، ثم مشى بعد ذلك في الحياة وهو يكتب خطواته كلمات وأرقام مضيئة تغار على الرواية العراقية و تحتفي بها، ولا يصح القول بأنه قد أفنى سنوات من عمره في إعداد هذا الفهرست، فكلمة الفناء تعني النهاية أو الموت، بينما كتب الدكتور نجم بقلمه الحياة المستمرة لإنجازه الذي رعاه وأكمله باستمتاع شديد، بل وعبر من خلاله عن عشقه للرواية العراقية التي أعلى من شأنها في كل المحافل العربية والدولية، وكان أول شيء فعلته بعد رحيله، وحتى قبل ان استوعب صدمة الفقدان المروعة، هو أن أفتح لابتوبه وأشرع بالبحث عن فهرسه هذا، وفهرست القصة القصيرة، الذي سيصدر لاحقاً، فهالني ما اطلعت عليه من ملفات واحصائيات ومصادر تنم عن جهد جبار وتعب شديد.. وكان هذا الإحساس يتركني في حالة شديدة من الحزن والإعياء، غير أن انتمائي له ولمسؤوليتي تجاه إنجازه، كانا يحتمان علي أن أحول مجرى الدمع إلى جهد ملموس يمرر هذه النسخة للقراء. وكان عنوانها كما جاء على الملف الأصلي (النسخة المعتمدة من فهرست الرواية العراقية في مئة عام)، مما يعني الإبقاء عليها كما تركها، دون إضافة أو تغيير، وهل يحتاج الصائغ منا أن نعدّل بعده، وبين يديه يتشكل الذهب مع الموهبة من أجل الاقتراب من الإجابة الأخيرة.
بغداد- 2021
فهرست الرواية العراقية 1919-2014، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 2015.
الرواية في العراق 1965-1980 وتأثير الرواية الأمريكية فيها مع اهتمام خاص برواية وليم فوكنر، الطبعة الأولى دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1987. الطبعة الثانية دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد 2017