مأزق المغتربين

مأزق المغتربين
في “وتشرق الشمس ثانيةً”
بقلم: روبرت أي مارتين
ترجمة: د. نجم عبدالله كاظم
لماذا تسمى رواية “وتشرق الشمس ثانيةً”، التي تدور أحداثها في باريس وأسبانيا، “رواية أمريكية”، أكثر من الحقيقة الواضحة حول جنسية مؤلفها؟ كيف يمكن أن تُقرأ على أنها “أمريكية”، وماذا يعني هذا المصطلح؟. هل من الممكن أن تعني أي شيء في أعمال همنغوي؟ تُقدم أمريكا في هذه الرواية عبر غيابها الواضح. وإلا فكيف يمكن أن يكون لشيء آخر مفهوماً بشكل أفضل من الخطو خارجه كمكان- نوع من العزل الأدبي؟ توجد فكرة (الأمريكي) من خلال ثلاثة شخصيات تاركة، وبدرجات متفاوتة، أمريكا خلفها، ولكنها لا تتخلى (أو لا تستطيع) أن تتخلى كلياً عن قيمهم الأمريكية المتشربين بها (المستوعبة): روبرت كون، وبيل كورتن، وجايك بارنيس.
كيف هم يتفاعلون ويتصادمون مع بعضهم البعض، ومع أمريكان آخرين في أوربا، ويُظهرون، بوصفهم (مغتربين) و(أجانب) بين الفرنسيين والأسبان، حدود وإمكانيات التجربة والتجربة الأمريكية. وكما يعلق جيرالد نيلسون في تحليله لجايك بارنيس:
“المرء وجد، في كل أنحاء العالم بعد الحرب، الإنكليز والأمريكان والفرنسيين والألمان المحرومين والمتحررين من الوهم، وهم يطوفون بطرق مختلفة، وبين الحين والآخر يعبرون مسارات، ويشاركون حافزاً عاماً (مشتركاً)- العالم الذي كانوا يريدونه كان مختلفاً من ذلك الذي كان مفترضاً أن يعيشونه… هم كانوا يتخلصون (يفلتون) من شكل آخر من الاضطهاد. هم كانوا لا يحبون فقط المكان الذي كانوا فيه من قبل، لقد كان بإمكانهم أن يبقوا، لكنهم لم يكونوا يرغبون بذلك”(30).
كان هناك، بين هذه المهاجر الذاتية الاختيار، “أولئك الذين لم يرغبوا في الذهاب إلى أوربا بقدر رغبتهم في الخروج من الولايات المتحدة”- Nelson 30. روبرت كون في هذه الخانه، فهو يرتبط بشكل أوثق صلة بأمريكا من خلال قصة خلفيته هناك. هو يبدو وكأنه قد حقق الحلم الأمريكي: عائلة يهدودية ذات مقام، وخريج برينستون، ورئيس تحرير مجلة وناشر، وكاتب ناجح في النشر، ومسافر أوروبي. ومع هذا، فإن مكانته التي تبدو عالية هي في حالة تقلّص بتناقضات ساخرة ومؤلمة (باستخدام عبارة بيل كورتين): خلفيته اليهودية تمنحه المكانة الخارجية. فيشير جايك قائلاً: “لم أقابل أبداً أحداً من طبقته [في برينستون] يتذكره”- الرواية 3. كلا زوجته وحبيبته توظفه (5)، وكما يقول جايك ونجاحه في الثقافة الأمريكية يأتي من خلال رواية متواضغة جداً”(6)، تُكافأ مادياً بالمال والنساء، اللائي “يبذلن جهداً ليكنّ لطيفات معه”(8).
إن نجاح كون في أمريكا يعذبه بمشهد “آفاق”: “قرر أنه لم يعش ما يكفي. لقد عرفتُ أن ذلك سيحدث حين كان سيذهب إلى نيويورك، فرانسيس كلاين يعلق (47). مع هذا، فإن آفاقه تتجذر في أمريكا، التي تهيّئ الأمان والهوية له: “[إنه بالأحرى، مثل الكثير من الشعب الذين يعيشون في أوروبا، كان سيكون في أمريكا”، يشير جايك(5). هو يريد أن يواصل السفر، يقول لجايك، لأنه “ضجر من باريس”، و”ضجر من الحي”(12). يعتقد[ يؤمن] كون بأنه يدير بمغامة[بمجازفة] ما ينشده ليس باتجاه أمريكا بل تجاه صورة غريبة لأمريكا الجنوبية. في باريس ينتقل عند مقابلة بريت التي ينظر إليها وكأنه ينظر إلى الأرض الموعودة… كانن له تلك النظرة التواقة، تستحق التوقع”(22). إن بريت هي Daisy Buchanan ديزي يايكونان([1]) كون. قد صارت مستودع (كاتم أسرار) وهمه الرومانتيكي عن الحب الحقيقي، والإخلاص(الأمانة) والشرف الشهم التي أثارها/ حفزها نجاحه في الثقافة الأمريكية. إنها تقدم/تمدّ كون بسبب ليؤكد نفسه أخيراً، وليدافع عن شيء هو يؤمن أنه يمتلك قيمة ومعنى: ” أنا، حتى وقع في حب بريت، لم أسمعه أبداً يأتي بتعليق واحد كان سيحرره/ يفصله، بأي شكل من الأشكال، عن بقية الناس”، يعلق جايك(45).
يشير هيرفي ستون باستمتاع إلى كون بوصفه “حالة تطور مُوقَف” a case of arrested development (44). وكون، كما نرى فيما بعد، لا يكون قادراً على اللعب وفق قوانين اللعبة “ليتصرف هو ذاته/ ليكون نفسه” بين جايك وبريت ومايك. فملاحقته الميؤوس منها لبريت والقليل الخبرة الشبييه بكاتسبي Gatsby-like naivete لا تلائمه للبقاء في عالم الجيل الضائع الجديد هذا في أوروبا، خصوصاً بين مغتربي باريس. إنه ينتمي/ يعود لجيل أبكر يمثل قيم أمريكا القديمة، أمريكا ربما تطورها هي أيضاً “موقفة” arrested في احتياجها إلى نهاية سعيدة غير ممكنة. يسخر جايك: “كان متأكداً جداً من أن بريت تحبه. وكان سيبقى وأن الحب الحقيقي سيقهر الجميع”(199). يصف نيلسون مغتربين أمريكان مثل كون:
… لقد جلبوا معهم تصوراتهم/رؤاهم هم الخصوصية للحيوية الأمريكية البيوريتانية Puritan American vitality إلى عالم هي فقط لا تعمل فيه. وهم كانوا قد تركوا الوطن وقالوا، بإخلاص، إنهم لم لا يريدون العودة أبداً. ولكنهم أخطؤوا ذلك…. إن الأنا الأمريكية هي مختلفة تماماً/ جداً عن تلك التي لأية أمة أخرى. إنها نتاج واحد أمريكي غير قابل للتصدير. إن الأمريكي ليأمل إلى درجة الحجيم بأنه محق/ مصيب وحتى إن لم يكن فإنه سينتصر.(32)
إن غرور كون وخيلاءه وسذاجته وعدم نضجه تسير جنباً إلى جنب مع عجزه عن تقدير معنى الجمال في باريس وأسبانيا والولع/ العشق/ الشغف والصداقة الحميمة للفيستا في بامبلونا. فخلال الانطلاق خلال الريف الأسباني يكون هم نائماً(93)، وبينما هو يشرب مع الباسكيين، فإن كون يفقد وعيه ويُترك في الظلام(158)، هو لا يتكلم الأسبانية، ولذا فهو لا يقوم بأية محاولة للتواصل مع الناس الأسبان1، وخلال مصارعة الثيران يكون “خائفاً من أنه قد يصيبه الضجر”(162). كون لا منتم غريب أفقه محدود بحدود مكانة “الآخر”، وهنا يُسمى/يُصنف “أمريكي”. وكون مكبّل/ساقط جداً في شرك منظوره الذي غير واع به، وعليه فهو لا يحاول التغلب عليه. حين يسأل بيل في بامبلونا، “أين الأجانب؟” يجيبه “بإنه يجب أن يكون قد أُخبر بأننا نحن الأجانب”(154). إن إحساس كون الزائف بالـ”التفوق” الشخصي والثقافي يُعميه عن حقيقة وجوده الضعيف، ففي الوقت الذي يخاطر بيدرو روميرو في الحقيقة بحياته في حلبة مصارعة الثيران، يُفترض بكون أن يكون “مستعداً للقتال في سبيل حب سيدته”(178). إن قسم كون الأمريكية المهينة والممتلئة غروراً تبدو ضعيفة حين تُقارن بقيم الاعتماد على النفس والكبرياء والعاطفة التي يجسدها روميرو: “لأنه

إن كون يستطيع أن يرد على روميرو بدنياً فقط، فهو لا يستطيع روحياً أن يعادل أو يغلب قوته: "إن قتاله مع كون لم يمس روحه [روح روميرو]..." (210). وواعيةً لضحالته الروحيه، تقول بريت لكون إشارة إلى علاقتهما: "هو لا يستطيع أن يصدق أنها لا تعني أي شيء"(181)، وفيما بعد: "أنا أكره معاناته اللعينة"(182). إن كون يعاني من أجل شيء لم يكن أبداً أكثر من صورة في ذهنه هو، مدعومة بمعتقد/إيمان أمريكي in just desserts وتكريم الأبطال. "إن كون عقيم بجنون، ويحاول أن يجعل الأحلام حقيقة في مجتمع فيه الكابوس هو القاعدة المقبولة" (Nelson 42).  وهو، بمعاناته من أجل المُثل الزائفة التي يوجدها هو، ينغمس في الشفقة الأنانية/ المغرورة على الذات. وعلى خلال بريت وجايك، لا يستطيع كون إدراك ألم الحب بدون تحقيقه، وهو الألم الذي ترفض بريت وجايك الانغماس فيه (Spilka 82).
حين ينشد كون الغفران والفهم من جايك، فإن جايك يلاحظ أنه كان يرتدي نوعاً من القمصان كان قد ارتداه من قبل في برنسيتون (194)، وهو الرابط لهوية كون بالماضي الشاعري، بأمريكا، الذي يؤكد نفسه. إن سطحية كون وعاطفيته الميلودرامية ليست أساساً، بل مانعاً/ رادعاً للصداقة المتبادلة والحب المشترك بين جايك وبريت ومونتويا وبيل. 

إن الصداقة ما بين جايك وبيل كورتون كمعاكس/ معارض لكون، مبنية على اختلاف نوعي. إن بيل يعرف من يكون هو وله قيمه/ مثله. ذلك أنه كتوم بشأن علاقته بجايك والذي ينبع من تثقافه/ تبادلاته الثقافية من أمريكا. وأخيراً فإن بيل قادر على أن يعبر، في بلد آخر، عن استحسانه وصداقته لجايك: “إنك لرجل طيب إلى درجة كبيرة، وإني لمحب لك أكثر من من أي شخص آخر. أنا لم أكن قادراً على أن أقول لك هذا في نيويورك، لأن ذلك سيعني حينها أنني لوطي” (116). يدرك بيل أن أمريكيته، مهما كانت بائسة، جزء لا يمكن الهروب منه من هويته، وهو يحلق يقول لجايك: “اذهب غرباً بهذا الوجه grow up with the country”2. ينظر عندها في المرآة، وهو المجاز الكلاسيكي/ التقليدي للانعكاس الداخلي، ويقول: “يا إلهي! أليس هو وجه مخيف/مروع؟” (102). السخرية هنا هي، حتى والفلسفة الأمركيه تقول له بأن يهرب، أنه لا يستطيع الهروب بقناع “الأمريكي” القبيح.
ومع أن بيل يُنظر إليه أحياناً على أنه فكاهي المنزل في الرواية (Donaldson 27028, Hinkle 85-86, 88-89)، فإنه يقوم أيضاً بوظيفة الشخصية المتناقضة مع روبرت كون كاتباً وإنساناً. إن بيل لا يغري/ يغوي روميرو، أو بريت، أو كون، أو مايك. حين يصل باريس في الفصل الثامن، نعرف أنه كان يطوف أوروبا. يقول جايك إن بيل “كان مرحاً/ مبتهجاً جداً وقال إن الولايات المتحدة كانت رائعة. كانت نيويرك رائعة. … كان بيل سعيداً جداً” (Sun 69-70). وعلى عكس روبرت، الذي يقول إنه “سئمٌ من باريس” ومن الحي والذي هو في الحقيقة يبدو غير راض عن كل واحد، يعبر بيل عن ولعه بباريس بينما يعبر هو وجايك إلى الضفة اليسرى من كاي دي بيثون Quai de Bethune على جسر مشاة خشبي. يتوقفان وينظران “أسفل النهر إلى نوتردام”. ” It is pretty grand “، قال بيل، “يا إلهي، إن لأحب أن أرجع” (77). وكان بيل أيضاً “قد حصل على الكثير من المال من كتابه الأخير، وكان سيحصل على أكثر من ذلك بكثير” (70)، وفي ذلك تلميح إلى أن بيل، على خلاف روبرت كون، كاتب ناجح كتب أكثر من كتاب وجايك معجب به. وبيل، مشاهَداً من المنظور السابق، هو كل شيء ليس عليه كون. فمع أن كون قد حقق بعض درجات النجاح الأدبي في أمريكا، فإن جايك لا يتردد في أن يقول لنا بأن كون كتب “رواية بائسة جداً”، و”بأن أمه كانت قد وصّت له بدلاً له settled an allowance on him ، حوالي ثلاثمئة دولار في الشهر” (5-6). وعندما تلتقي بريت وبيل في باريس فإن بريت Brett takes an instant liking to Bill حين يتناولان مشروباً في مطعم كلوزيغي دي لا Closerie des Lilas فتقول لجاك بأن يجلب بيل معه عندما يلتقيان فيما بعد تلك الليلة: “احرص على أن تكون في Select بحدود العاشرة. اجعله [بيل] يأتي” (74-75).
في بيوني، يلتقي جايك وبيل بكون في المحطة في طريقهما إلى رحلة صيد السمك. وفي التاكسي بطريقهما إلى الفندق يقول كون لبيل: “أنا سعيد بشكل كبير باللقاء بك. … أنا سامع عنك الكثير من جايك وقارئ كتبك” (89). في الواقع، إن كون يقر بهوية بيل المهنية وإنجازاته، بما يُفترض أو يلمح على الأقل معرفة من يكون بيل من كتبه. وفي بامبلونا، يندمج بيل بسرعة بزحمة باريس، في حين يعادي كون كل واحد تقريباً. بيل هو زائر صيفي بأخلاق وسلوك مغترب، ولهذا السبب هو ملائم بينما كون ليس كذلك. وبيل يستحسن أيضاً طقوس مصارعة الثيران ويستمتع مشاهدة الثيران، بينما ليس الأمر ذلك مع كون.
خلال أيام التي تسبق بدء الفيستا مباشرة، يخبرنا جايك بأنه أحياناً يتمسى صباحاً و”بأن Sometimes bill went along” . وهو أحياناً يكتب في غرفته” (150). ولكنه في الجملة القادمة يقول بأن كون “قد قضى الصباح في دراسة الأسبانية أو في محاولة الحلاقة عند الحلاق”، وبالتالي إعادة فرض/ تطبيق مفهوم/ فكرة أن بيل كاتب جدي ومهني يعمل حين تكون نهناك فرصة بينما كون هاوٍ وغير منظّم تماماًفي حرفته. بعد ضرب كون لمايك وجايك وصرعه لروميو بشكل خطير/ سيئ، كان بيل هو الوحيد الذي يحمل شيئاً من التعاطف مع تصرفات كون السيئة في الفيستا:
-“أشعر بالشفقة على كون”، قال بيل. “لقد مر بوقت فظيع.”
-“أوه، ليذهب كون إلى الحجيم”، قال.
-“أين تعتقد أنه قد ذهب؟”
-“إلى باريس”
-“ماذا تعتقد أنه سيفعل؟”
-“أوه، ليذهب إلى الحجيم” [يرد جايك]. (222)
وعلى أية حال، في رسم همنغوي المزدوج يظهر كل الأمريكان يسافرون في مجموعات أو قطعان. فبينما درس/فكر جايك نفسه باحتمالية الهروب، فإن هؤلاء الأناس هم غير قادرين أو غير راغبين في التخلص من بعضهم البعض الآخر. وعلى خلاف جايك وأصدقائه ، لم يكن لديهم الرغبة لا بالعلاقة الحميمة التي يستمتع بها جايك مع بيل وهاريس في بيرغييت ولا بالعزلة التي استخدمها جايك في سان سيباستيان بوصفها فرصة لتجديد نفسه/ إعادة شبابه. يحتشد مدام ليكوموت “المطعم الهادئ في أرصفة باريس” بأمريكان يأملون بإيجاد مكان “لم يصله الأمريكان بعد” (76). يكون القطار الذي يأخذ جايك وبيل إلى رحلة الصيد ممتلئ بأمريكان في سفرهم/حجّهم إلى بيارتز ولورد [المدينتين السياحيتين جنوبي فرنسا]. وكما يقول بيل، “إذن، هذا هو ما هم عليه. حجاج. بروتستان ملعونين” (86). ولكن، على عكس أسلافهم، فإن أرضهم الموعودة لم تكن أمريكا. يقرر الأمريكان في مقصورة جاك وبيل أن ينتحلوا صفة الحجاج ليحصلوا على وجبة طعام، يرفض جايك أن يتظاهر بهذه الصفة حتى ولو مؤقتاً، بالرغم من حقيقة أنه كاثوليكي. إنه معاد لتفوقهم المفترض ولمواقفهم المبعدة/ المقصاة، التي تتحدى أي مثل أعلى ديني للأخوة. وكما يلاحظ/ يعلق أحد السياح:
“- إنها تريك بالتأكيد قوة الكنسية الكاثوليكية. إنه لمؤسف أيها الفتيان أنكم كاثوليك. إذن، باستطاعتكم أن تحصلوا على وجبة طعام، حسناً”
“قلت: “إنا كذلك. ذلك ما يجعلني متألماً جداً” (87).
في الفيستا، يصف همنغوي على نحو مشابه سياحاً وهم يتفرجون ويرقبون من بعد، بدلاً من الانخراط/ مشاركة الأسبان: “بعض النسوة حدّقن بالناس عبر النواظير” (179-180)، وكأن عرضاً/ مسرحية/ تمثلاً يقدم من أجلهن. فلم يكنَّ لا قادرات على أن يكنّ مشاركات عاطفياً/ وجدانياً بمصارعة الثيران، فمثل كون، لا يفهم هؤلاء السياح لا الواقع والخطر من الموت ولا فن الشجاعة والتحمّل. بدلاً من ذلك، هم يفرضون تفسيراتهم تأويلهم الجاهل للأحداث التي تتكشف لهم: “إن جموع [مدينة] بياريتز. لقد أعتقدوا أن روميرو كان خائفاً، ولهذا كان يأتي بالحركة الجانبية كل مرة ينقل فيها شحنة الثور من جسمه إلى الفانيلة”(217-218).
جايك شخصية نمطية تُعرف إلى حد كبير بالخسران/ بالفقدان. مع هذا، فإن خساراته- لـ”رجولته”، بمعنى من المعاني، ولبلده- قد سمحت له بمعرفة نفسه بدون أي أعباء ولاجتياز العالم شبه المنفصل، بدون الحاجة لارتباط ومعان دائمة. إنه “مغترب” والتي تعني أن حالته/وضعه في العالم محدد/ معرّف بعلاقته التعارضية/ المتضادة مع بلده الأصلي. ولهذا، مع كونه خارجياً بالنسبة لأمريكا، فإنه مرتبط به بشكل لا مهرب منه.3 جايك يحذر كون: “لا يمكن لك أن تهرب من نفسك بالتنقل من مكان إلى مكان”(11). إن “المكان” يتباين وينفصل عن “النفس/الذات”، ومع هذا من الصعوبة قراءة هذا التعليق من ناحية الفردانية المتطرفة/الراديكالية لتعني بأن المكان، والمجموعة البشرية، والمجتمع لم يكن له من دور في تشكيل الهوية. إن حالة اغتراب جايك لا ترمز/ تدل كثيراً جداً على بحث/تحقيق مادي كبحث باتجاه الداخل عن معرفة الذات أو، أكثر احتمالاً، القدوم ببساطة إلى حيث عبء ذات المرء. يناقش جيرالد كينيدي في “تخيّل باريس” التناقض” الأساس في جايك:
“وبالتالي إذا كانت علاقته بباريس قد حملت المفتاح للكتاب الأول، فإن مشكلته تذهب أبعد من الموازنة الميكانيكية للمواقف العامة والخاصة. إن علاقته المضطربة مع سائقي المدينة

وأخيراً/ في النهاية، تكشف تعلّق/علاقة جايك المعقدة بباريس وبالـ(حي) تناقضاً داخل الراوي نفسه: his perception of locale disclose an agonizing personal conflict(99)
إن حقيقة أن جايك قد ترك أمريكا ويعيش في باريس بشكل دائم يعني/ يدل على محاولاته ترك وجوده الأمريكي وهويته الاجتمعاية خلفه، لأن ذلك يتداخل بطريقة ما مع بحثه. لماذا يُرغب هذا الهجر لأمريكا؟ ليست بسبب مجرد انجذاب لمناقضها، أوربا، بقدر ما أنه أحد الأمريكان “الذين لم يرغبوا في الذهاب إلى أوربا بقدر رغبتهم بالخروج من الولايات المتحدة الأمريكية”(Nelson).4 لم تكن أمريكا في العشرينيات[عشرينيات القرن الماضي] للفنانين والمفكرين البيئة المريحة التي كانت عليه باريس. يوضح جايك أن الرغبة لدى السياح في “رؤية” أوروبا هو أرث الرغبة الأمريكية في “الذهاب غرباً” لاستكشاف تخوم جديدة لسنّ/لإحداث أحلام جديدة. ربما ليس هناك من مكان/ هناك لا مكان قد بقي في أمريكا “متناسب مع قدرة/طاقة [الإنسان] على الدهشة”، كما كتب فيتزجيرالد في “كاتسبي العظيم”(189)، وعليه فإن أوربا، أو صورة ما يجب أن تكون عليه أوروبا، صارت الهدف. إن هؤلاء السياح الأمريكان لا يهربون من أنفسهم (كما يحذّر جايك)، بل هم يجلبون قلة خبرتهم وثراءهم الأمريكيتين. هذه الأعباء تؤدي دور الشاشة التي يعرضون من خلالها ما يعتقدون أنها أرض “عذراء” غريبة/ شاذة، ولكنهم مذنبون بخداع الذات. إن مشهد لقاء معارف جاك الأمريكان بالمموس جيوريجيتا، التي يقدمها لهم (زيفاً) بوصفها خطيبته، يوضّح توجه/نزعة/ميل المغترب ليرى ما تقدمه رؤياهم المثالية عن الحقائق الحقائق. إن جيوريجيتا بالنسبة لهم شيء جديد/ غير مألوف، هي قد صارت للأمريكان (الآخر) الذي به (يثبتون) بتكبر/ بغرور مقدراتهم للكلام بلغة (أجنبية) والإعجاب/تقدير القيمة:
“أوه، آنسة هوبين”، نادت فرانسيس كلاين وهي تتكلم الفرنسية بشكل سريع ودون أن تظهر أنها فخورة جداً ومندهشة كما هو حال السيدة براديكس بخروجها منها فرنسية حقيقةً. “هل أنت في باريس من مدة طويلة؟ هل تحبين الوضع هنا؟ أنت تحبين باريس، أليس كذلك؟”
“من هي؟”جيوريجيتا التفتت إلي. “هل عليّ أن أتلكم معها؟… لا، أنا لا أحب باريس. إنها غالية ووسخة.” (وتشرق الشمس، ص18-19)5.
إن الفرق ما بين جايك و(مواطنيه) “يكمن في عدم امتلاك (لغة السياح) tourist phonics الشعور الصحيح بالقيمة: عدم الوجود في الأعرف أو عدم تمييز أهمية ما يلاحظون” (Peterson 30).
بمعزل عن سخرية جايك الكلبية وبتجاهل (الأمريكان) disregard for Americans، فإن (امريكي- يته) الخاصة غير قابلة على الانتزاع. هي قابلة فقط على الاستبدال، من ناحية أنها لا تنفع كحاجز لمتعته وفهمه للتجارب التي تشكل وجوده. لكن الحرية، التي كان عليه أن ينقّلها من مكان إلى مكان، تُمسك به/ تحجزه/تحتفظ به أيضاً عند مسافة معينة من السكان الذين (ينتمون) إلى المكان كونه، مثل كون، يتحدد/ يُعرف وفقاً لعلاقته بهم بوصفه (أجنبياً)- هو لا يستطيع حقيقة أن (ينتمي) لا لفرنسا ولا لأسبانيا. إن الفائدة من إزاحة/ تهجير البطل المغترب الأمريكي هي حريته الوجودية الزائدة/المزادة. “يمكن للمرأة أن يكون مجرد مراقب أو متفرج إذا لم يحب ما يحدث من حوله. فـ(في بلد آخر)، لا يكون البطل معنياً حقيقةً إذا لم يختار هو أن يكون كذلك”. (194Peterson, p)
إن لخسارة/ لضياع/لفقد أو ضبابية هوية جايك الجنسية يعبّر عنها/ يُدل عليها في الوقت نفسه بخسارة/ ضياع/فقد الهوية القومية: “أنت أجنبي، وإنكليزي، (كل أجنبي كان إنكليزياً) have given more than your life “(Sun 31). مثلما على جايك أن يصلح/يروّض فقدانه الجنس في رغبته في بريت، بالقدر الذي عليه أن يصلح/يروض خسارته لبلده في رغبته في الصحبة. ليست للرحلة التي يكون جايك فيها هدف أقل سطحية بكثير من البحث عن زملاء أمريكان، مع أنه يشارك في الحافز: الحاجة للذهاب إلى ما بعد المعروف the well traveled, to push frontiers . إن بحث جايك، في العالم الصغير، يوازي التاريخ الأمريكي. وكما يعلق فيليب يونغ، “ما أنْ تم اكتشافنا وترسخنا وتوحدنا كلياً، حتى بدأنا في اكتشاف العالم، وهذه المغامرة نتجت في تحديدنا/تعريفنا لأنفسنا في إضاءة الناس الذين لم يبدُ، بالنسبة لنا ولهم، مثلنا تماماً” (185).
إن شخصية كونت ميبّيبوباولوس الشبيهة بالمعلمة، الذي تقبله بريت بوصفه “واحداً منا”، تصرّح بفلسفة المغترب: “لاحظْ، سيد بيرنس، أنني، لكوني قد عشت كثيراً لحد الآن، أستطيع أن استمتع بأي شيء بشكل جيد جداً. … وذلك هو السر. إن عليك أن أن عرف القيم” (وتشرق الشمس، 60). إن المفتاح هو (القيم) المجموعة- عديد ، وليست واحدة. ولهذا فإن جايك، بوعيه لوضع/حالة اغترابه، أو لا انتمائيته، قادر على الفعل بوصفه (جسراً) بين الأماكن والأزمنة المتغيرة دوماً/أبداً. هو يجرب/يختبر آفاقاً وقيماً عديدة دون أن يكون له أبداً أي التزام دائم بأيّ منها: “ربما بمضيك/ بتقدمك كنت تتعلم شيئاً. أنا لم أبال بما كان عنه كل شيء. كل ما كنت أريد أن أعرف هو كيف أعيش فيه. لو أنك اكتشفت كيف تعيش فيه ربما كنت قد تعلمت مما كان كل شيء عنه”(148). إن هذه الحرية يُحسد عليها/مرغوب فيها، لأنه “لا يمكن أن يُلام كثيراًعلى رفض القيم الأجنبية التي لا يكرهها، ومن جانب آخر هو يسمو حين يفرض/يستغل قيماً أجنبية على نفسه، لأنه يؤمن بها”(Peterson 194).
إن الطريقة التي استنبط/اصوغ فيها جايك ما خبره/ جربه والكيفية التي تعلّم/فهم/اكتشف بها “القيم”، حتى حين يكون يُظهر أن قيم أمريكا قد صارت غير ضرورية، تُظهر أن أمريكا- تقدم أساساً لـ(جسره). وحتى في باريس- “مدينة النور” ومركز حركة المغتربين- وطريقة لشرح/توضيح فلسفته الحالية/الأخيرة للعيش، هو سستخدم مجازات دفع المال والتصريف/ تغيير العملة التي تتلمظ that smach بالرأسمالية الأمريكية حيث تحمل “القيمة” معنى مزدوجاً ذا معيار أخلاقي ومعيار مادي: “ليست من فكرة للانتقام أو العقاب. تبادل للقيم فحسب. أنت تتخلى عن شيء وتحصل على شيء آخر… . أنت تعطي المجال لكل شيء فيه أية فائدة. … كان الاستمتاع في الحياة يعني التعلم أن تحصل على قيمة نقودك ومعرفة أن تحصل عليه. … كان العالم مكاناً جيداً لتشتري فيه”(وتشرق 148). إن جايك لا يزال، إلى حد ما، يتبع “الأساطير” الأمريكية للهروب/ الفرار و fulfilment . يجادل كورنيلاير: “إن مغتربي همنغوي في (وتشرق الشمس ثانيةً) ينشد/ يتطلع/ يسعى/ يبحث كل منهم عن سبل هروب، ولإيجاد شكل fulfillment تركته الحرب والمجتمع فارغاً فيهم. … إنهم يجدون أنفسهم ضحايا مرة أخرى ليس فقط من الحرب بل من الأرض الخراب المادية التي برزت/ ظهرت لتحل محله” (15). وهو يصلي في الكاتردائية، يدعو جايك ليس لأصدقائه ولمصارعي الثيران فقط، بل من أجل المال. وهو يصير بعد ذلك “خجلاً، ومتأسفاً من أني كنت هكذا كاثوليكياً فاسداً، ولكن مع إدراكي بأنْ لم يكن هناك من شيء أستطيع فعله بخصوص ذلك… وإني قد كانت في رغبة فقط في أن أشعر بأني متدين”(وتشرق، 97). إن الكاثوليكية التي تعلمها في أمريكا قد فسدت بالمادية، وهي لا يمكنها أن تزوده بذلك الزاد الروحي الذي يخبره من خلال صيد السمك، ومصارعة الثيران، والصداقة/ الرفقة.
في ركوبهما الباص مع الباسكيين، كاد جايك وبيل أن يصيرا واحداً منهم، وهم يشاركونهم االنبيذ، ويتكلمان بلغتهم. أحد الباسكيين يميزهما بوصفهما أمريكان يتكلمان الإنكليزية، ولهذا يستفرد بهما. وحين يتكلم الباسكي عن رحلته إلى أمريكا، يسأل جايك وبيل: “لماذا غادرت؟” و”لماذا عدت إلى هنا؟” (107)، مُظهرين اعتقادهما الضمني بأن أمريكا هو المكان الذي يُذهب إليه، وليس الذي يُبتعد عن- مصير. وكما يلاحظ نيلسون، “فإن أمريكا كانت دوماً المكان الذي يذهب إليه الناس لا يغادرونه، وخصوصاً لا تخيب الأمل. كل الفكرة التي كانت خلف (الحلم الأمريكي) هي أن هناك مجال لفعل أي شيء تريد وفي أي مكان تريد” (30) 6. إن أسئلة الأمريكان الآن هي الأنسب الموجه إليهم.
إن مادية أمريكا تظهر في ملاحظات الباسكي حول النبيذ،

وحين يسأل إذا ما كانوا قادرين على الحصول على النبيذ في أمريكا، فإن الأمريكان يردوا: “هناك وفرة إذا ما كنت تستطيع الدفع”(107). إن همنغوي يلمّح إلى أن الصداقة أو الزمالة الأمريكية، ليست مشتركة بل مشتراة. إن الحلم الأمريكي قد بيع، كما يُبدي بيل بشكل ساخر لجايك: “إن عليك أن تحلم. إن كل رجال أعمالنا الأكبر كانوا حالمين”(124).
يقترح/يلمح همنغوي إلى أن الأحسن من الأحلام هو امتلاك جايك لـ(الهواية)، التي ” كانت مسلّماً بأن الأمريكي غير قادر على امتلاكها”. فمثل حب كون الشديد لبريت، “هو ربما يحكايها أو يخلط بينها وبين الاهتياج/ الإثارة، ولكنه لم يكن يستطيع فعلاً الحصول عليها”(132). إن الوجود المزدوج لجايك، بوصفه أمريكياً وهاوياً، يمنحه القوة/السلطة، لأنه يمتلك المعرفة التي تهدد قيم الهواية و(الإيمان). تنشد مونتويا نصيحته بشأن دعوة السفير الأمريكي لبيدرو روميرو، لأن جايك أمريكي. يؤكد جايك رأيه بأن الأمريكان، الأجانب، هم التأثير المفسد. ترد مونتويا: “إن الناس يستحوذ عليهم صبي مثل هذا. هم لا يعرفون ما قيمته. ولا يعرفون ماذا يعني. فكل أجنبي يستطيع أن يطري عليه” (172). عند خط الإنذار forebodding يحذر جايك: “هناك امرأة أمريكية هنا الآن تجمع مصارعي ثيران” (172). فبينما كون ومايك جلفان/ خشنان وحسودان وناقدا الذات باتجاه روميرو، فإن جايك قادر على على التواصل معه على عدة مستويات، في اللغة الأسبانية، والإنكليزية، ومصارعة الثيران. إن رأيه يُحترم بروميرو الذي هو بالنسبة لجايك نموذج شرف، وقوة، وشجاعة.
إن هذا التعامل، لا ينجح في النهاية و وتراجيدياً، مع ملء فراغ ضياع الحلم الأمريكي، لأن (الاجنبية/ الغربة) ، “إن هذه الهوية الأمريكية التي لا مهرب منها- متشخصنة في أسوء شكل لها في كون- قد جلبت العنف لروميو من خلال بريت. إن جاك يفشي “السر الخاص جداً” الذي يتشارك فيه مع مونتويا بعرضه لـ(الغرباء) الذين لا “يفهمون”ــــه (131) والذين كانوا تحت مسؤولية حمايتهالم. إن آلام روميرو الجسدية توازي، عند جايك، الشعور بالتشوش الجسدي الذي ألحقته به الذاكرة بعد أن يضربه كون:
وأنا أعبر الساحة/ الميدان إلى الفندق كل يوم بدا جديداً ومتغيراً… لقد شعرت كما شعرت مرة وأنا قادم إلى البيت من مباراة كرة قدم خارج المدينة… مشيت في الشارع من المحطة في المدينة التي كنت قد عشت فيها كل حياتي وكانت كلها جديدة… بدت أقدامي وهي تأتي من بعيد، وكل شيء بدا يأتي من بعيد، وكنت أستطيع سماع أقدامي تسير على مسافة بعيدة مني. كمت قد تلقيت ضربة على رأسي في وقت مبكر من المباراة. كان ذلك يشبه ذلك العبور للساحة. (192-193).
في إثم خيانة وفقدان مثاله، يُرسل جايك رجوعاً، في ذاكرته، إلى أصل هويته البريئة في أمريكا. إن الألم الذي ينشد الشفاء منه قد جعل منه أجنبياً. لقد ووجهَ مرة ثانية بنموذج الشاب من “العنف، تجربة الرائد الجوهرية، وأيضاً في زمننا- الذي هو زمن الحرب- زمن الأمريكي في أوروبا. وليس هناك من غالب/منتصر بخصوص الضرب الذي تتلقاه البراءة، أو بخصوص ما يحدث لها بعد أن تُضرب” (186). كمتسكّع، مغترب، هو فهم بالفعل أن أمريكا بالنسبه له لا يمكن لها أن تقدم تجذّراً وانتماءً. ولكن جايك عنده دائماً باريس، وهو سيعود إلى هناك- وذلك هو ربما أكثر تماماً من كاف لأي أمريكي مغترب.7
باستخدام كون وجايك وبيل ممثلين للأمريكان في باريس خلال فترة المغترب. لقد صور همنغوي أفضل وأسوء صفات الأمريكان في الخارج. وتترك صورة السياح الأمريكان اللاذعة التي يقدمها شكاً حول مشاعره تجاه العدد الضخم لزائري الصيف الذين اندفعوا حشوداً في باريس من عام 1920 وصعوداً. وبوصفه راوياً، يخبرنا جايك “كيف كانت”، ونشعر بالشفقة عليه وعلى وضعه الصعب. لكن “والشمس تشرق ثانيةً” هي ليست مجرد حكاية حزينة عن حيوات محبطة ونهايات حزينة. إن جيك للهو ناجٍ ويبحث عن بعض القيم ليمنح وجوده الحالي معنى. أما كون فيجسد قيم وموقف زمن من ماضي بعيد. هو لا يستطيع أن يندمج برشاقة في عالم المعتربين، لأن عنده كل الادعاءات الخاطئة عن الحياة، وعن الحب، وعن نفسه. إن عالمه عالم ولّى من زمن طويل وهو لن يكون “واحداً منا”، كما تقول بريت عن الكونت(60). ومن جانب آخر، فإن بيل هو الأمريكي الذي يندمج في ثقافة مختلفة بسهولة، لأنه لا يتمسك بقوة بالماضي الرومانسي. هو يستمتع الحياة ويقدر قوتها وتنوعها. إن “وتشرق الشمس ثانيةً” تبقى عرض/ رؤية تاريخية للمغتربين مع قيمة مستقرة/دائمة لأولئك الذين منا في العالم المعاصر. إن باريس وبامبلونا وحياة المغتربين كما يقدمها ويقدمهم همنغوي لم يعودوا ممكنين بنفس الطريقة التي كانت وكانوا عليها في زمنه. لكن “وتشرق الشمس ثانيةً” تواصل العيش بوصفها مذكّرة بالأزمنة الجيدة في المكان الجيد. “أليس جميلاً أن نعتقد هذا؟” جايك يعلق لبريت في نهاية الكتاب. وإننا، لهذه الملاحظة الغامضة/الملبسة بعض الشيء قد نرد: (نعم) ونفكر بحيواتنا وحبّنا.
هوامش:


[1] ) “girl whose disembodied face floated along the dark cornices and blinding signs”.

LEAD Technologies Inc. V1.01

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

دراسة عن دروب وحشية

تشكلات البناء السردي في رواية دروب وحشية للناقد نجم عبد الله كاظم أنفال_كاظم جريدة اوروك …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *