غانم الدباغ، ضحة في الزقاق

غانم الدباغ: ضحة في الزقاق
نص دراستي للرواية في كتاب “الرواية في العراق وتأثير الرواية الأمريكية فيها
بعد مسيرة طويلة في كتابة القصة القصيرة ابتدأها عملياً نهاية الأربعينيات، كتب الدباغ هذه الرواية، وهي الوحيدة له لحد الآن، وينهج فيها نهج الكتاب الواقعيين العرب، والعراقيين بشكل خاص، فلا تخرج من دائرة أعمال غائب طعمة فرمان والكتاب الآخرين، حيث الموضوعة السياسية الاجتماعية. ومع أن الظروف كما رسمها الكاتب من داخل بطله ومما حوله ومن علاقته بالطبقة البرجوازية التي ينحدر منها، كانت مؤاتية لأن تخلق من (خليل)– وهو شخصية مثقفة– شخصاً ثورياً. إلا أن الكاتب بدلاً من ذلك يغرقه في فوضى التشتت وتلبية الرغبات الجنسية والنزعات غير المستقرة، ربما ليعبر بذلك عن عدم إيمان الكاتب بإمكان تثوير مثل هذه الشخصية، البرجوازية انحداراً. ففي نهاية الرواية، وهو في انتظار محاكمته، بعد إلقاء القبض عليه في مظاهرة لم يشترك فعلاً فيها “… لا يفعل شيئاً إلا اللجوء إلى الويسكي الذي يتذوقه لأول مرة ليعيش جواً خاصاً، وهو يشاهد الإنكليز يحتضنون النساء.. هنا بالضبط تكون نهاية المطاف، حيث يندفع إلى الواقع لاحتضانه بكل سلبياته من خلال الويسكي، لا من خلال الجنس، من هنا يجب أن يعود هذا الابن المطيع لطبقته، ويعمل على خدمتها ليحقق أهدافه. وهكذا يُطلَق سراحه، ليخرج كي يمارس برجوازيته بشكل مخلص وظاهري، مطبقاً نصيحة عمه (أبو رمزية) ونصيحة (محمد علي أفندي) أبو صبيحة: “أنت من عائلة طيبة يا ابني، وحرام ألا تكون أفكارك طيبة”().
يؤكد غانم الدباغ، في “ضجة في الزقاق”، مقدرة لا يقلل، من الإمكانية التي نعتقد أنه يمتلكها لتطويرها، عدم الاكتمال الفني في بعض جوانبها، خصوصاً وأنه استخدم أسلوباً واقعياً تقليدياً لا ندري لماذا لم يخرج من إساره ليمنح روايته شخصيةً وخصوصيةً واضحتين. فيكفي أن ذلك كله لم يمنع الرواية من أن تكون ضمن أعمال العقد السبعيني التي لا يمكن للناقد أن يتجاوزها.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

دراسة عن دروب وحشية

تشكلات البناء السردي في رواية دروب وحشية للناقد نجم عبد الله كاظم أنفال_كاظم جريدة اوروك …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *