عن رواية وأقبل الخريف مبكراً هذا العام

وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها


وأقبل الخريف مبكّراً هذا العام: قصي الشيخ عسكر
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بـأول رواية، في آذار 1967، وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ نشر سلسلة وقفات قصيرة، على حسابي في الفيس بوك، مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو من ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات، وهي وفقات بسيطة ولا يمكن أن أدّعي أنها نقدية، خصوصاً أن بعضها قد يعود إلى منتصف السبعينيات حين كنت لما أزل في بداية العشرينيات من عمري. وستكون غالبية وقفاتي وليست جميعها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “وأقبل الخريف مبكراً هذا العام” (1911)، للدكتور قصي الشيخ عسكر (البصرة/ 2011).


الدكتور قصي الشيخ عسكر شاعر وروائي معروف، لاسيما على مستوى أدباء الخارج العراقيين، وهو أحد أغزرهم إنتاجاً، فله، إضافة إلى الدواوين الشعرية والقصص القصيرة، أكثر من 13 رواية.


“مع أن الرواية بضمير الشخص الثاني، أو المخاطب (أنت) غير مستحب في الكتابة الروائية، وقليلاً ما استُخدم مقارنةً بضميرَيْ الشخص الأول أو المتلكم (أنا) والضمير الثالث أو الغائب (هو)، يستخدم قصي الشيخ عسكر في روايته القصيرة هذا الضمير، إن لم يكن بإقناع، فإنه لم يُثقل على الرواية والقارئ، كما عادةً ما يفعله هذا الضمير في السرد، خصوصاً وهو قد جاء ضمن الرواية بضمير المتكلم، وبما يشبه المناجاة وليس السرد، وهي المناجاة المتلائمة مع موضوع الرواية (الغربة والاغتراب) والبطل المغترب، ونحن نعرف كم يمر المغترب به من أوقات يناجي بها البعيدين عنه. من الملف الخاص عن الرواية، ضمن ملفاتي عن الروايات المقروءة.


“ليس من باب المصادفة أن تقع مقبرة بين سفارات أقوى دول العالم القديم والحديث. كان ماردا البحر العملاقان قبل مئات السنين، الإنكليز والإسبان، يتناطحان في البحر وعلى البر، يجثمان الآن متقابلَيْن كتمساحين عجوزين متعبين، وفي بداية المربع عند شارع الأستر بورت مقابل شقة يوهان بامتداد مستقيم، يتواجه على الرصيف العريض عملاقا الفضاء، الروس والأمريكان، وليس ثمة عجب أن يقع بصرك على طيور الشواهين وغربان منهكة بالبحث عن دود الأرض… ضغطة واحدة على الزر من قبل السيد بريجينيف أو كارتر فيتحول العالم كله إلى قاع صفصف لا تلعب به الغربان والبوم ولا تغرّد فيه الطيور.” من رواية “وأقبل الخريف مبكراً هذا العام”، لقصي الشيخ عسكر، ص24.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

عن رواية الضفة الثالثة

وقفات قصيرة جداًعند روايات قرأتها الضفة الثالثة: أسعد محمد عليبعد خمسة عقود من العيش وسط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *