وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
مطر أسود مطر أحمر: إبتسام عبدالله
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “الحمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “مطر أسود مطر أحمر” (1994)، للروائية إبتسام عبدالله (كركوك/ 1945).
إبتسام عبدالله في الأصل وجه تلفزيوني ومعروفة في الإعلام الثقافية من سبعينيات القرن الماضي، ولكنها قاصة وروائية أيضاً. من رواياتها: “فجر يوم وحشي”، و”ممر إلى الليل”، و”مطر أسود مطر أحمر”.
“تستوحي الرواية واقعة الحرب التي شنّها التحالف الأمريكي الغربي على العراق في العام 1991 بدءاً بالعنوان ومروراً بالخط الحدثي وانتهاءً بما أرادت الرواية التعبير عنه وإيصاله إلينا. فالحرب كانت، في بعض صورها، ذلك (المطر الأسود) الذي سقط على بغداد وعلى أراضٍ عراقية أخرى ملوّثاً بدخان القذائف والآليات والطائرات، وذلك (المطر الأحمر) المتمثّل في دم العراقيين الذين تلذّذ الوحش البشري في إرهابهم وإلحاق الأذى بهم. ويبقى الأهم من ذلك كله، والمنعكس في كل جزئية صغيرة من الرواية، لأنه الأقسى والأبقى، نعني جرح الروح والأعماق وحيرة النفس من ذلك الذي يصنعه الإنسان بالإنسان، حين يتحول بإرادته وسبق إصرار بل بتفاخر غير إنساني، إلى طاغية عدواني لا يقف عند أي حد وهو يدمر ويقتل ويشوه، دون أن تستطيع إيقافه قيمةٌ أو عرفٌ أو مشاعرُ.” من موضوعي “مطر أسود مطر أحمر، نبضات ألم وإيقاع شجن”.
“قد يكون الغد أسعد، وربما تستعيد الحياة إشراقتها، وربما يكون المطر، أتوقف عن الكلام، إذ يرتفع فجأة صوت نهاد [الأخت الصغرى] الجميل في أغنية بغدادية أصيلة ورقيقة يكون وقعه على مسامعي مثل نثيث المطر في غابة موحشة.” من رواية “مطر أسود مطر أحمر” لإبتسام عبدالله، ص135.