عن رواية مشرحة بغداد

وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها


مشرحة بغداد: برهان شاوي
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بـأول رواية، في آذار 1967، وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ نشر سلسلة وقفات قصيرة، على حسابي في الفيس بوك، مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو من ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات، وهي وفقات بسيطة ولا يمكن أن أدّعي أنها نقدية، خصوصاً أن بعضها قد يعود إلى منتصف السبعينيات حين كنت لما أزل في بداية العشرينيات من عمري. وستكون غالبية وقفاتي وليست جميعها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “مشرحة بغداد” (2012)، لبرهان شاوي (الكوت/ 1955).


برهان شاوي أحد روائيي الألفية الثانية، فقد انطلق روائياً في سنتي 2007 و 2008، وبعد اقتحامه الفن الروائي بهدوء برواية “الجحيم المقدس” كونها رواية سينمائية كما يوصّفها هو ومنشورة في الإنترنيت، سرعان ما صار افتحامه، عبر ما نراها بدايته الحقيقية، قوياً من ثلاثة نواحٍ، الأولى البداية الحقيقة المتمثلة في رواية “مشرحة بغداد”، وغزارة الانتاج إذ قدم لنا خلال سنوات قليلة ما يقارب العشر روايات، ثم أخيراً خصوصية ما قد يشكل ظاهرة في الرواية العراقية وتتمثل في سلسلة روايات المتاهات. لكننا نرى أن برهان شاوي قد أخرج مشروع (المتاهات) من أن يكون ذا دلالات، حين واصل تقديمها عبر روايات كثيرة، فإذا كنا نتفق، وقد نختلف بالطبع، على دلالات هذه المتاهات حين جاءت في ثنائية أو ثلاثية أو رباعية روائية، فإنها باعتقادنا فقدت مثل هكذا دلالاتها خاصة وحين تواصلت بعد ذلك في روايات عديدة، وصار معناها واضحاً لا لبس فيه وهو أنها تعني رواية، بمعنى أن الروائي قد صار حين يصدر أية رواية بدلاً من أن يسميها (رواية) مثل “رواية إبليس” أو “رواية الأرواح المنسية”، يسميها “متاهة”، فيقول “متاهة إبليس” و”متاهة الأرواح المنسية”، وهكذا.


حين بدأت بالعمل في دراستي “التطرف الديني والإرهاب في الرواية العربية” التي نُشرت مؤخراً في مجلة (ذوات)، كانت من أوائل الروايات التي حضرت أمامي “مشرحة بغداد” لبرهان شاوي، إلى جانب “يا مريم” لسنان أنطون، و”مملكة الفراشة” لواسيني الأعرج، و”الذئاب لا تنسى” للينا الحسن، و”جائزة التوأم” لميسلون هادي.. ولكني اكتفيت بالاستشهاد بها، ولم أتناولها بالتحليل، لأن الجهة المكلِّفة لي أرادت أن أتناول واحدة، وتحديداً “يا مريم” بوصفها نموذجاً. المهم حضرت أمامي وقتها مع استحضار رواية شاوي، عوالم كافكا، كوني كنت أعمل في كتابي “الكافكوية في الرواية العربية” الذي آمل أن أنتهي منه قريباً جداً، ولكني لم أجد عوالم شاوي في روايته هذه وعموم رواياته تنتمي إلى عوالم كافكا، بل إلى عوالم روايات الرعب. ولكن مهلاً، أليس هناك من النقاد والدراسين من يربطون، وإنْ جزئياً، أعمال كافكا بروايات الرعب؟ بلى، وهذا ما يُحضر الرواية وبعض أعمال شاوي الأخرى في كتابي. من الملف الخاص بالرواية، ضمن ملفّاتي الشخصية عن الروايات المقروءة.


“انتقلت الكاميرا إلى وجه الرجل حامل السكين، الذي كان يبتسم للكاميرا، وهو يقول: على بركة الله..
“في هذه الأثناء ضغط الاثنان علي ذراعَيْ الفتى المذعور الممدودتين على جانبي البانيو، بينما أخذ الفتى المذعور يبدي مقاومة ضعيفة لاا إرادية. في تلك اللحظة أمسك حامل السكين بخصلة شعر أمامية ساحباً رأس الفتى المذعور إلى الأعلى بقوة، بينما مرر نصل سكينه الكبيرة بقوة على عنقه، ذابحاً إياه. نفر الدم بقوة ملوثاً الحائط.” من رواية “مشرحة بغداد”، لبرهان شاوي، ص15.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

عن رواية الضفة الثالثة

وقفات قصيرة جداًعند روايات قرأتها الضفة الثالثة: أسعد محمد عليبعد خمسة عقود من العيش وسط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *