عن رواية مئة عام من العزلة

وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها


مئة عام من العزلة: غابرييل غارسيا ماركيز
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً، في آذار 1967، بأول رواية قرأتها وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة جداً، مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “مئة عام من العزلة” (1978)، للروائي الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز (أركاتاكا- كولومبيا/ 1927-2014).


غابرييل غارسيا ماركيز كاتب كولومبي كبير، حاصل على جائزة نوبل للآداب عام 1982. له العشرات من الروايات الكثير من القصص القصيرة التي يصبّ معظمها في تيار (الواقعية السحرية)، بعض رواياته اكتسب شهرة عالمية كبيرة، مثل “ليس للكولونيل من يكاتبه”، و”خريف البطريريك”، و”الحب في زمن الكوليرا”، والجنرال في متاهته”، وتبقى الأهم على الإطلاق روايته الشهيرة “مئة عام من العزلة”.


“بالنسبة لي، الكاتب يقدم أو يحاول أن يقدّم رمزياً، وأسطورياً، وواقعياً سحرياً، وإلى حد ما واقعياً، تأريخ شعب. وهنا يجب أن لا نتوقع أن نرى هذا الشعب، كما نتوقع أن نراه حين نقرأ التأريخ. ماركيز، في هذه الراوية العظيمة، لا يقدم الحقائق الظاهرة، بل ما يمكن أن نسميها الحقائق التي تكمن في عمق الروح التي نحسّها ونتلقّاها ونحن نتابع الشخصيات في واقعيتها وأسطوريتها في الآن نفسه، والأحداث (الحقيقية) والواقعية والأسطورية المشتبكة معها، والأفكار والقيم والمعاني التي يعبّر كل ذلك عنها، ولكن كما لك أن تفهمها، ونعتقد، أيّاً كان الذي تفهمه هو مما يريد الكاتب أن يوصله لك.” من الملف الخاص بالرواية، ضمن ملفّاتي الشخصية عن الروايات المقروءة.


” في الأيام الأولى لم تصادفهم أية عقبة كبيرة.. بعد ذلك لم يروا الشمس عشرة أيام… نصبت لهم النباتات فخاخها، وبعدت الشقة بينهم وبين أصوات الطيور وضجة السعادين، وأصبح العالم حزيناً وثقلت على أعضاء الحملة ذكرياتهم فتبدت له وكأنهم أقدم من هذه الجنة الرطبة الصامتة السابقة على الخطيئة الأدبية، تغوص جزمهم في مستنقعاتها الزيتية… وتقدموا كمنوّمين طيلة أسبوع من دون أن يتبادلوا كلمة بين بعضهم بعضاً تقريباً في عالم فقر لا ضوء فيه إلا شعاعات حشرات فوسفورية خفيفة ورئاتهم تضيق برائحة دم خانقة.” من رواية “مئة عام من العزلة”، لغابرييل غارسيا ماركيز، ص21.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

عن رواية الضفة الثالثة

وقفات قصيرة جداًعند روايات قرأتها الضفة الثالثة: أسعد محمد عليبعد خمسة عقود من العيش وسط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *