وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
ليس ثمة أمل لكلكامش: خضير عبد الأمير
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “ليس ثمة أمل لكلكامش” (1971)، لخضير عبد الأمير (بغداد/ 1934).
روائي وقاص معروف، بدأ كتاباته قاصاً منتصف الخمسينيات، ليواصل إصدار المجموعات القصصية، قبل أن يصدر أول رواية قصيرة له، “ليس ثمة أمل لكلكامش”، سنة 1971، التي ستتبعها روايات أخرى. شغل موقع رئيس تحرير مجلة (الطليعة الأدبية) سنوات عديدة. له ما يقارب العشرين مجموعة قصصية، إلى جانب خمس روايات أهمها “هذا الجانب من المدينة” التي نتوقف وقفتنا القصيرة عندها هنا.
“رواية قصيرة توظف الأسطورة، وتحديداً، كما هو واضح العراقية وكما تمثّلت في ملحمة كلكامش، حيث البحث عن الأمل والخلود وربما قبل ذلك الهرب من الواقع وأزمة الوجود التي نعرف أنها تطارد الإنسان في كل عصر ومكان، وهل من هروب من هكذا فكرة وجودية وما تقود إليه أحياناً من تأزم حياتي للإنسان إلا الحلم والخيال؟ هذا ما نعتقد أن الرواية عبّرت عنه، ضمن ما عبّرت عنه بالطبع، ولكن من خلال استحضار (ملحمة كلكامش) وتوظيفها، وهو تشبث عقيم بالبطع، وهو ما عبّرت عنه الملحمة حين تسرق الحية عشبة الخلود من كلكامش، وعليه فليس ثمة من أمل.” من الملف الخاص عن الرواية، ضمن ملفاتي الشخصية عن الروايات المقروءة.
“وأحسّ بهبوط نفسي، وتفصّد العرق البارد من جسمه.. وابتدأ الثلج يتراكم ليُذيب حرارة الجسم.. وانفعت موجات سريعة من نسائم باردة لتلفّ الساقين واليدين والجبهة العليا من الوجه، واستيقظ، شيء ما يندفع في حلقه، وكان منسحقاً ميتاً، وجرّ نفسه ببطء سريع ثم قام من فراشه متماسكاً بقوة اندفاعه الداخلي ومتشبّثاً بإطار النافذه الوحيدة المطلّة على البحر الأزرق النقي وابتدأ يتقيّأ.” من رواية “ليس ثمة أمل لكلكامش”، لخضير عبد الأمير، ص85.