وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
قواعد العشق الأربعون: إليف شافاق
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً، في آذار 1967، بأول رواية قرأتها وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة جداً، مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “قواعد العشق الأربعون” (2010)، للتركية إريف شافاق (ستراسبورغ- فرنسا/ 1971).
إليف شافاق: روائية تركية، اسمها الأخير هو لأمها التي تولّت تربيها، بعد طلاقها، في بيت خلا من الهيمنة الذكورية. هي واحدة من أشهر الكتّاب الأتراك، لاسيما في الغرب، وهي تكتب بالتركية والإنكليزية. لها روايات عديدة لعل أشهرها رواية “قواعد العشق الأربعون، المستوحاة من حياة وفكر الصوفيَيْن: الشاعر جلال الدين الرومي (604-672 ه)، وـمعلمه الروحي شمس الدين التبريزي (582-645 هـ).
“مع شهرة هذه الرواية، كما مؤلفتها، ومع الإمتاع الذي تمنحه للقارئ، فإنها تمتلئ بالأخطاء الموضوعية والتأريخية، بل التقنية. وواضح جداً أن الروائية لا ترتكب مثل هذه الأخطاء سهواً أو ضعفاً بالضرورة، بل إهمالاً وعدم جدية ولا مبالاة. ويكفي أن أشير إلى مثال واحد، وهو حين تروي كيف أن أخا البغي (وردة الصحراء)، وبسبب سوء معاملة أبيه وزوجة أبيه، يبدأ بقضاء جل وقته خارج البيت، ويُتهم بعد ذلك بقتل أبويه فيهرب. فهنا يفوت الكاتبة، في إهمالها، أن عمر الأخ، وفق مسار الرواية وعمر (وردة الصحراء)، يكون حين يبدأ يقضي وقته خارج البيت، دون السنتين، وحين يُتهم بالقتل دون الخمس سنوات. ويبدو واضحاً حتى الجهد الذي يُظن أن الكاتبة قد بذلته في جمع المادة التي أقامت روايتها عليها ليست كما يُظن، بل هي لم تفعل، تعلّقاً بهذا، أكثر من قراءة سيرتَي الرومي والتبريزي، بدليل الأخطاء المعلوماتية والتأريخية والجغرافية الكثيرة التي تقع فيها.” من الملف الخاص بالرواية، ضمن ملفاتي الشخصية عن الروايات المقروءة.
يقول شمس التبريزي: “إن الشريعة كالشمعة، توفر لنا نوراً لا يُقدّر بثمن. لكن يجب ألا ننسى أن الشمعة تساعدنا على الانتقال من مكان إلى آخر في الظلام، وإذا نسينا إلى أين نحن ذاهبون، وركّزنا على الشمعة، فما النفع من ذلك؟”. من رواية “قواعد العشق الأربعون”، لإليف شافاق، ص76.