وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
في سبيل الزواج: محمود أحمد السيد
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً، في آذار 1967، بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة جداً عبارة عن ملاحظة واحدة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “في سبيل الزواج” (1921)، لمحمود أحمد السيد (بغداد/ 1903-1937).
مهما اختلفنا في تقييم المحاولات القصصية والروائية العراقية قبل محمود أحمد السيد، فإن هناك ما يقترب من الاتفاق على أن السيد هو رائد القصة العراقية، قصةً قصيرةً وروايةً. ومع أن اسمه أكثر ما ارتبط برواية “جلال خالد”- 1928- التي تُعد الخطوة الأولى في طريق تطوير الرواية العراقية وإنضاجها، فإن محاولته الروائية الأولى هي “في سبيل الزواج” التي ظهرت قبل ذلك بست سنوات.
يمكن للقارئ العادي، لمحاولة السيد الروائية الأولى “في سبيل الزواج”، أن يتبين من قراءة سريعة لها افتقادها المقومات الأساسية لما يمكن أن نسميه الاكتمال الفني للعمل الروائي أو القصصي بشكل عام. “لكن هذا العمل ينطوي، مع هذا، على عدد أو كم من العناصر والخصائص الفنية القصصية والروائية ما يعكس فهماً مبكراً غير هيّن من السيد للفن القصصي بشكل عام. فالقاص قد استخدم العناصر الأساسية كالشخصية والحدث القصصي والحبكة البسيطة والمكان والزمان.” من كتابي “التجربة الروائية في العراق في نصف قرن”.
“- كم تحت سماء الشرق من بنت مظلومة مثلك يا كستور، وكم من عذراء بكر مثلك ماتت حتف أنفها وذهبت ضحية أغراض وليّها؟
“وأنت يا أباها، كم مثلك من الجناة أعداء الإنسانية وهم وراء أستار هذه الحياة محجوبون؟
“فمتى يفيق الشرقيون من رقدتهم فيعرفون قدر المرأة ويعطوها حريتها وحقها الذي اغتصبوه منها، ويقتصون من الذين هم لها معادون، وعليها جانون، ولروحها قاتلون؟” من رواية “في سبيل الزواج”، لمحمود أحمد السيد، ص76.