عن رواية ظلال على النافذة

وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها


ظلال على النافذة: غائب طعمة فرمان
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بـأول رواية، في آذار 1967، وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ نشر سلسلة وقفات قصيرة، على حسابي في الفيس بوك، مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو من ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات، وهي وفقات بسيطة ولا يمكن أن أدّعي أنها نقدية، خصوصاً أن بعضها قد يعود إلى منتصف السبعينيات حين كنت لما أزل في بداية العشرينيات من عمري. وستكون غالبية وقفاتي وليست جميعها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “ظلال على النافذة” (1979)، لغائب طعمة فرمان (بغداد/ 1927-1990).


يكاد النقاد والدارسون ومؤرخو الرواية العراقية يُجمعون على أن غائب طعمة فرمان هو رائد الرواية الفنية في العراق، وروايته الأولى “النخلة والجيران”- 1966- التي جاءت بعد مجموعتين قصصيتين له، تقسم تأريخ الرواية العراقية إلى ما قبل وما بعد. ومن أشهر رواياته إلى جانب هذه الرواية الرائدة، “خمسة أصوات”- 1967- و”المخاص”- 1974- و”ظلال على النافذة”- 1979.


“الحدث المركزي لرواية فرمان، هو هروب (حسيبة)– زوجة الابن الأصغر (فاضل)– من بيت أهل زوجها الذي تعيش وإياه فيه، طلباً للخلاص من المعاملة السيئة لأغلب أفراد العائلة الذين يشعرون بأن زواج ابنهم (فاضل) منها قد جلب العار عليهم، ولا يجدها آخرون في مستوى العائلة إذ هم لا يعرفون لها أهلاً ولا أصلاً. والرواية تتصدى، بعد ذلك، لردود الأفعال المختلفة لأفراد العائلة تجاه (حسيبة) وهروبها. وهذا يقودنا تلقائياً إلى استحضار الحدث المركزي لرواية “الصخب والعنف” حين تكون الأخت (كادي) Caddy وقصتها المحور الذي تدور حوله الرواية، بل إن فقدانها لعذريتها– تبع ذلك هجرها لبيت عائلة (كومبسون)– هو الشرارة التي تتوهج منها خطوط الرواية. بمعنى آخر، إن صدام كادي نفسها مع الواقع، وبالتالي الطريقة التي يكون فيها رد فعل العائلة تجاهه يشكّل النقطة المركزية للرواية. فليست الخطوط الرئيسة للرواية إلاّ ردود أفعال مختلفة لأفراد عائلة (كومبسون) تجاه هذه الشخصية المركزية والحدث أو النقطة المركزية المتعلقة بها. ومع الإقرار بوضوح بعض التشابهات الواردة، يجدر بنا التأكيد أيضاً على أن تطور الكثير من الأحداث ضمن هذه الخطوط في رواية فرمان تختلف كثيراً عما هي عليه في رواية فوكنر كما سنرى ذلك بشكل أكثر تفصيلاً في تحليلنا للشخصيات.” من كتابي “الرواية في العراق 1965- 1980، وتأثير الرواية الأمريكية فيها”.


” ليتني أساهم في زحزحة الثقل الذي يبهظ كاهلي، أو كاهل أي واحد منا.. ليت، وألف ليت! ولكن سنوات الغربة تشعرني بأنني أسير في أرض وعرة. الأرصفة المهشمة الطابوق، الطالعة الهابطة، تعكف ركبتي، ويتعبني السير عليها، وتجعلني أشعر وكأنني سأسقط في اللحظة التالية. كنت أتعرف على أسماء مطموسة، وأخاف الخطأ بشكل مقرف حتى في أحاديثي العابرة مع الناس. أغدق بالاعتذارات لأقل زلة.”من رواية “ظلال على النافذة”، لغائب طعمة فرمان، ص182-183.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

عن رواية الضفة الثالثة

وقفات قصيرة جداًعند روايات قرأتها الضفة الثالثة: أسعد محمد عليبعد خمسة عقود من العيش وسط …