عن رواية ضجة في الزقاق

وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها


ضجة في الزقاق: غانم الدباغ
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “ضجة في الزقاق” (1972)، للروائي غانم الدباغ (الموصل/ 1923-1991).


غانم الدباغ قاص مهم ضمن في القصة العراقية، له ثلاث مجميع لعل أشهرها “حكاية من المدينة القديمة”، وكتب رواية واحدة نتوقف وقتنا القصيرة جداً عندها اليوم، بوصفه إحدى أهم روايات السبعينيات.


“بعد مسيرة طويلة في كتابة القصة القصيرة ابتدأها عملياً نهاية الأربعينيات، كتب الدباغ هذه الرواية، وينهج فيها نهج الكتاب الواقعيين العرب، والعراقيين بشكل خاص، فلا تخرج من دائرة أعمال غائب طعمة فرمان والكتاب الآخرين، حيث الموضوعة السياسية الاجتماعية. ومع أن الظروف كما رسمها الكاتب من داخل بطله ومما حوله ومن علاقته بالطبقة البرجوازية التي ينحدر منها، كانت مؤاتية لأن تخلق من (خليل)– وهو شخصية مثقفة– شخصاً ثورياً. إلا أن الكاتب بدلاً من ذلك يغرقه في فوضى التشتت وتلبية الرغبات الجنسية والنزعات غير المستقرة، ربما ليعبر بذلك عن عدم إيمان الكاتب بإمكان تثوير مثل هذه الشخصية، البرجوازية انحداراً.” من كتابي “الرواية في العراق 1965-1980 وتأثير الرواية الأمريكية فيها”.


“لا يفعل [خليل] شيئاً إلا اللجوء إلى الويسكي الذي يتذوقه لأول مرة ليعيش جواً خاصاً، وهو يشاهد الإنكليز يحتضنون النساء.. هنا بالضبط تكون نهاية المطاف، حيث يندفع إلى الواقع لاحتضانه بكل سلبياته من خلال الويسكي، لا من خلال الجنس، من هنا يجب أن يعود هذا الابن المطيع لطبقته، ويعمل على خدمتها ليحقق أهدافه. وهكذا يُطلَق سراحه، ليخرج كي يمارس برجوازيته بشكل مخلص وظاهري، مطبقاً نصيحة عمه (أبو رمزية) ونصيحة (محمد علي أفندي) أبو صبيحة: “أنت من عائلة طيبة يا ابني، وحرام ألا تكون أفكارك طيبة”. من رواية “ضجة في الزقاق” لغانم الدباغ، ص113.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

عن رواية الضفة الثالثة

وقفات قصيرة جداًعند روايات قرأتها الضفة الثالثة: أسعد محمد عليبعد خمسة عقود من العيش وسط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *