وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
ريام وكفى: هدية حسين
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “ريام وكفى” (2014)، لهدية حسين (بغداد).
هدية حسين كاتبة بدأت الكتابة في الثمانينيات، ونشرت في التسعينيات أربع مجموعات قصصية، قبل أن تبدأ بكتابة الرواية، ولكن مع عدم مغادرة القصة، لتكون إحدى إغزر روائيات الألفية الجديد، فنشر بين 2001 و2018 اثنتي عشرة رواية، ربما من أهمها: “بنت الخان”، و”زجاج الوقت”، و”نساء العتبات”، و”ريام وكفى”.
(كفى)، بطلة الرواية، واسمها الآخر (ريام)، امرأة عراقية تشتغل خيّاطة، تقرر كتابة رواية مبنية على يومياتها، التي تتحول هي عينها إلى رواية، وتعرّفنا من خلالها على حياتها كاملةً بكل تفاصيلها، وهي تفاصيل ذات بُعْدين رئيسين. الأول واقع المرأة العراقية، وربما جاز لنا القول العربية أو الشرقية عموماً، في عالم شرقي لا يمكن لها أن تتحرك وتحقق أي شيء يتصادم مع قيم وعادات وتقاليد وأعراف هذا العالم، ولكنه، مع هذا تجاهد لكي تبقى وتصمد وتفرض ذاتها، وإنْ بشكل مباشر. أما البعد الثاني فهو البعد الإنساني الذي يتمثّل في معاناة الإنسان وتصارع قيم الخير والشر في عالمه. وكل ذلك من خلال مجموعة كبيرة من الشخصيات، محورها شخصيات عائلة البطلة. يُسمّي أبو البطلة ابنته (كفى) لتكفّ أمها عن إنجاب المزيد من البنات، بينما تميل الأم إلى مناداتها باسم (ريام)، مما يؤشر أن الرواية ستقدّم قضية المرأة وهمومها وعالمها الشرقي، العائلي والعام. من ملاحظات الملف الخاص برواية “ريام وكفى”، لهدية حسين.
“نعم، أريد أن أكتب قبل أن يمحوني الزوال.. هل أنا في طريقي للزوال؟ هل أمضي إليه دون أن أترك ما يحمل شيئاً على الأرض يُخبر عنّي بأنني جئت إلى الدنيا، وحملتُ اسمين لم يمنحاني حسن الطالع، وبأن ثمة نساء جاهدنَ لكي يمسكن بأطراف الخلود حتى وإن كان هذا الخلود حفة أوراق لا أكثر؟ لعل أوراقي تُبقيني بعد موتي، لعل أبنائي الذين لا أعرف متى سيجيؤون للدنيا يقرؤون ما أكتب، أو أن أحداً سيقرؤها ذات يوم ويتذكرني.”- من رواية “ريام وكفى”، لهدية حسين، ص10.