ميسلون هادي والدكتور نجم عبدالله كاظم موقع الكاتبة العراقية ميسلون هادي و الدكتور نجم عبدالله كاظم
وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
رياح شرقية رياح غربية: مهدي عيسى الصقر
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بـأول رواية، في آذار 1967، وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ نشر سلسلة وقفات قصيرة، على حسابي في الفيس بوك، مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو من ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات، وهي وفقات بسيطة ولا يمكن أن أدّعي أنها نقدية، خصوصاً أن بعضها قد يعود إلى منتصف السبعينيات حين كنت لما أزل في بداية العشرينيات من عمري. وستكون غالبية وقفاتي وليست جميعها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “رياح شرقية رياح غربية” (1998)، لمهدي عيسى الصقر (البصرة/1927-2006)
مهدي عيسى الصقر أحد أعلام جيل الخمسينيات في القصة القصيرة. ولكنه بدأ الكتابة الروائية عام 1988 برواية “الشاهدة والزنجي” وبعد بضع سنوات، وتحديداً بكتابة روايات مثل “رياح غربية رياح شرقية” و”بيت على نهر دجلة” صار أحد أهم بضعة روائيين في تأريخ الرواية العراقية.
بالرغم من ظهور العشرات من اتجاهات الرواية وأنواعها ما بعد الواقعية والرومانسية في العراق، وهيمنة بعضها بمبرر متغيرات الزمن والظروف والاستدعاءات الفنية والفكرية، بقيت الرواية الواقعية وتحديداً الاجتماعية تحضر باستمرار وبإقناع، ورواية “رياح شرقية رياح غربية” مثال على ذلك. ولكن، بالتاكيد برؤية غير عادية كثيراً ما تمثّلت أو انعكست في روايات مهدي عيسى الصقر بشكلِ خصوصيةٍ تُدركها أو تحسها من قراءة الصفحات الأولى من أي رواية منها، وهذه إحداها، سواء أكان ذلك في الواقعة، أو الشخصيات الخاصة المتفرّدة بمواصفات لا تُخرجها من الواقعية، أو العلاقات، أو المعالجة عموماً. من الملف الخاص بالرواية، ضمن ملفّاتي الشخصية عن الروايات المقروءة.
“لم تكن رغبته فيها هذه المرة عشقاً، إنما كانت نوعاً من الانجذاب الجنسي الحيواني، فقد أحسّ بقوة جذب غريبة تصدر عنها، كأنها نوع من السحر الأسود، شيء يشبه الرائحة المخدّرة ملأ الهواء من حوله وشدّه إليها. (لعل جسدها كان ينفث ذلك العبير المدوّخ في الهواء دون وعي منها) قال لنفسه هكذا ينجذب الحيوان إلى الحيوان، بلا عواطف بلا مقدّمات بلا إثارة سوى الإحساس بوجود جسد الكائن الآخر في الجوار.” من رواية “رياح شرقية رياح غربية”، لمهدي عيسى الصقر، ص266.
