وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
رقص على الماء (أحلام وعرة): محمود البياتي
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “رقص على الماء (أحلام وعرة)” (2006)، لمحمود البياتي (بغداد 1949-2014).
مع أنه لم يحصل على اهتمام نقدي كبير، فإن محمود البياتي أحد كتّاب الخارج العراقيين المتميزين أسلوباً وعوالم. بدأ قاصاً في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، وكتب الرواية متأخراً. له ما يقارب العشرة أعمال روائية وقصصية ونصوصاً سرديةً .
“واضح أن محمود البياتي اقتحم عالم الآخر الغربي، وهو يحمل الموقف المسبّق، بالآراء المسبقة، مما كان يعني أنه سيحيد عن الموضوعية، خصوصاً حين تكون هذه الآراء سلبية. لكن الكاتب، في الحقيقة، وبإقناع جميل، استطاع أن يستحضر مواجهات متخيلة، قد يكون بعضها تمثّلاً لأصول حقيقية، ما بين العرب، وهم في الرواية مهاجرون أو مقيمون في الغرب، والغربيين، وهم في الرواية سويديون، نقول استطاع أن يستحضر مثل هذه المواجهات ويقدمها بغير قليل من الموضوعية والعقلانية.” من الملف الخاص برواية “رقص على الماء (أحلام وعرة)” لمحمود البياتي، ضمن ملفاتي الشخصية.
“- أنتم إرهابيون، أعنف أمة، تاريخكم ملطخ بالدماء منذ ظهر محمد هذا في الجزيرة العربية.
“…
“أوشكت أن أسعل لكنني استطعت أن أضيف:
“- نبينّا قال : لئن تزول السماوات والأرض أهون على الله من قطرة دم تُسفك.
“… سألني العبوس بصوت مرتفع:
“- ألا تعتقد أن المهاجرين أمثالك يشكلون خطراً على ديمقراطيتنا؟
…
“- مَن أباد عشرات الملايين من الهنود الحمر الأمريكيين، وأكثر من مليون زنجي في أفريقيا؟ من أشعل أعنف حربين عالميتين تسببتا في موت ستين مليوناً من البشر؟ من ألقى قنابل ذرية على هيروشيما وناكازاكي؟ من أحرق اليهود بأفران الغاز؟… من اقترف مجازر كومبوديا وفيتنام؟ مسلمون؟ عرب؟… نبيّنا قال: لئن تزول السموات والأرض أهون على الله من قطرة دم تُسفك”. من رواية “رقص على الماء (أحلام وعرة)” لمحمود البياتي، ص85.