وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
رجل محترم: حسام الدين نامق
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً، في آذار 1967، بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة جداً عبارة عن ملاحظة واحدة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “رجل محترم” (1947)، لحسام الدين نامق ().
حسام الدين نامق: كاتب لا أملك عنه، مع الأسف، من معلومات غير أن له هذه الرواية القصيرة ومجموعة قصصية لم أطّلع عليها، مع أنه يمتلك أسلوباً جميلاً كان يؤهّله لكتابة السرد.
الإنسان حين يتلبّسه هاجس أن يكون بشكل ما راقياً أو أستقراطياً أو محترماً، لكنه، وهو ينقاد للهاجس، ينسى كل شيء من حوله وضمن ذلك متطلبات الواقع التي بها ومعها يصير إنساناً عادياً وطبيعياً وبالتأكيد محترماً، بينما وهو ينقاد للهاجس، يخرج عن أن يكون إنساناً طبيعياً، وفي النتيجة قد يقع في ما لا تُحمد عقباه. يقدم الكاتب فكرته، ووجهات نظره الجريئة، بأسلوب ساخر وجميل. من الملف الخاص بالرواية، ضمن ملفاتي الشخصية عن الروايات المدروسة.
“وتُظهر زوجة إسماعيل حقي الغضب:
“- ما هذا؟ هل من الممكن أن تكون زوجة الرجل المحترم امرأة غير محترمة!؟ ثم لا يجب أن تنسى أننا في بغداد وفي ظروف الحرب التي غيرت الكثير من أخلاق القوم.
“ويقتنع إسماعيل حقي بالحجة الدامغة، فليس من الممكن أن تكون زوجة الرجل المحترم امرأة غير محترمة! وزوجته خير دليل على ذلك! ثم أنه لا يجب أن ينسى أنهم في بغداد وفي ظروف الحرب! ولكن!؟ والتفتَ إلى زوجته مرة أخرى:
“- أظنه من الضروري، أيتها العزيزة، أنْ تعودي إلى الحجاب.
“وتردّ الزوجة منكرة:
“- الحجاب!؟ تريد أن تجلعني أضحوكة في نظر السيدات المحترمات؟ ليس في بغداد مَن ترتدي النقاب إلا المشكوك في سيرتها.
“وآمنَ البِك على قولها بصوت مضطرب:
“- حقّاً.. لقد قال لي حسن بِك شيئاً من ذلك عندما رجاني أن أسمح لك برفع النقاب. إنه يقول إن النساء المشكوك في سيرتهن يتخذن من النقاب ستاراً يقمن من ورائه بما يشِئن من منكر، يا لعجائب الدنيا.. لقد عادت وسائل الحياء تُتخذ للمنكر والفحشاء. ولكننا ناس محترمين، أليس كذلك؟!” من رواية “رجل محترم” القصيرة، لحسام الدين نامق، ص29-30.