عن رواية ذلك الصيف في اسكندرية

وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها


ذلك الصيف في اسكندرية: برهان الخطيب
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، عام 1967، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وهي وفقات بسيطة ولا أدّعي أنها نقدية، خصوصاً أن بعضها قد يعود إلى بداية العشرينيات من عمري، وغالبيتها وليست كلّها ستكون عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “ذلك الصيف في اسكندرية” (1998)، للروائي برهان الخطيب (بابل/ 1940).


برهان الخطيب روائي مهم بين الروائيين العراقيين، له ما أربع عشرة رواية، ولعل أشهر رواية منها هي “شقة في شارع أبي نؤاس” التي أشاء شخصياً القول إنها، و”رواية أخرى للكاتب هي “ذلك الصيف في اسكندرية”- 1998- ضمن أجمل الروايات العراقية.


“في مواجهة عمل “ذلك الصيف في اسكندرية” السردي لبرهان الخطيب، يبدو غريباً بعض الشيء ولأول وهلة، تجنيس الكاتب حين سمّاه: قصص (رواية). وهي غرابة لا تزول إلا بعد قراءة الفصل أو القصة الثانية، من الفصول أو القصص الأربع. فأنت تجدها فعلاً قصصاً، لكلّ منها استقلالية وهوية واضحتان، ولكن هذه القصص، وتحديداً حين تبدأ القصة الثانية بربط بعضها ببعض، تتقبل أن نعتبرها فصولاً أو أجزاءً أربعة من رواية تمتلك مقومات هذا الفن، وتحديداً في ارتباطها هذا ببعض، لا موضوعياً فقط بل بنائياً أيضاً. النتيجة أن العمل في أربع وحدات تكتسب كل منها بسهولة هوية القصة القصيرة، حتى حين يطول بعضها، وتحديداً الثالثة وأكثر منها الرابعة، لتكون قصصاً طويلة أو قصيرة طويلة. وهي أيضاً تتقبل أن نتعامل معها على أنها أربعة أجزاء أو فصول لرواية واحدة. لعل الاستعراض القصير لكل قصة من القصص أو لكل فصل من الفصول يكشف حين نتوقف عن كل واحدة أو واحد منها، لماذا نقول إنها أو أنه قصة، ويكشف، حين نكمل استعراضها جميعاً، لماذا نقول إنها رواية، وفي الحالين لا نغادر الدقة التجنيسية النقدية، وهذا سر الإتقان غير العادي الذي صاغ به الكاتب عمله.” من موضوعنا ” قراءة لرواية “ذلك الصيف في اسكندرية” لبرهان الخطيب في ضوء المنهج الأنثوي” في مجلة (الأقلام) العراقية.


“بدأ الحديث وانتهى كما بدأ وانتهى غالباً أي حديث آخر بيننا، من غير بداية ولا نهاية، كحكاية كتبها مجنون، صحيح أن أحدهما كان يسمع الآخر إنما بدا لهما كأنهما يسيران على ضفتين متقابلتين وبينهما تيار ماء مندفع غطى بهديره على كلامهما.”…
“أغمض عينيه.. وانتظر جنّية الماء.. قد تظهر له من جهة البر أو البحر..
“ومر الوقت والنسيم يداعب وجهه، حتى كاد يغفو..
“فتح عينيه بعد دهر شيئاً فشيئاً.. كانت بهية واقفة أمامه تنظر إليه بعتاب دفين..” من رواية “ذلك الصيف في اسكندرية، لبرهان الخطيب، ص148-150.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

عن رواية الضفة الثالثة

وقفات قصيرة جداًعند روايات قرأتها الضفة الثالثة: أسعد محمد عليبعد خمسة عقود من العيش وسط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *