عن رواية حلم وردي فاتح اللون

وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها


حلم وردي فاتح اللون: ميسلون هادي
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “حلم وردي فاتح اللون” (2009)، لميسلون هادي (بغداد/ 1954).


تمثل ميسلون هادي إحدى أهم ثلاث روائيات أو أربع كنّ وراء ما نراها الحقبة الذهبية للرواية النسوية العراقية التي انطلقت منتصف التسعينيات وتواصلت حتى الآن، إلى جانب لطفية الدليمي وعالية ممدوح. لها خمس عشرة رواية، وعشر مجموعات قصصية، إضافة إلى أكثر من عشرة كتب أخرى.


“حلم وردي فاتح اللون” رواية عن زمن الخوف والارتباك والقلق الدائم، في عراق السنوات القليلة التي تلت احتلاله عام 2003، الخوف من أشكال الخطر المتعددة، فلا يغادرك لتطمئن لحظة إلا ليُفاجئك في اللحظة التالية، بشكل مماثل أو بشكل آخر. ووسط هذا كله يكون هناك الإنسان والحب والعلاقات المرتجفة متعةً من جهة وخوفاً من جهات عديدة. استطاعت ميسلون أن تجسد هذا على امتداد الرواية بحس مرهف تتضح فيه تجربة إنسانية صادقة، جعلت من الرواية أغنيةَ حبٍ وشجن. من الملف الخاص بالرواية، ضمن ملفاتي الشخصية عن الروايات التي قرأتها.


“خفضت رأسي فورَ أنْ رأيتُها، خلف سياج السطح العالي.. ثم، بعد ثوان، رفعت عيني على مهل وواصلت النظر إلى تلك المخلوقة التي كانت تتحرك كالسائرة في نومها وتتوجه ببطء شديد نحو الباب وتتعثر كمن يتلافى، في مشيه، شظايا زجاج مكسّر. ظننتها تبحث عن طير الكناري الذي ترك قفصه، كما سبق أنْ أخبرتْني، فقلت لنفسي: ما أغرب هذه المرأة التي لا تخاف أن تخرج إلى الشارع في جنح الظلام المرعب هذا، لتبحث عن طائرها الضائع في ظلام دامس!. شعرت قليلاً بالخوف منها، ثم ازداد شعوري بالخوف أكثر وأكثر عندما ترددتْ إطلاقات نارية قادمة من الشارع الذي يقع خلف بيتي، وسمعت أصوات جنود أمريكان ينادون: “go.. go.. go..” تبعَها على الفور صوت دبابة كأنها تدور على نفسها، ثم ترددتْ ضجة أبواب تُفتح، وتعالت الصيحات مرة أخرى، واستمرت عدة دقائق عاد بعدها الصمت من جديد وتوقفت الضجة وهدأ كل شيء.” من رواية “حلم وردي فاتح اللون”، لميسلون هادي.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

عن رواية الضفة الثالثة

وقفات قصيرة جداًعند روايات قرأتها الضفة الثالثة: أسعد محمد عليبعد خمسة عقود من العيش وسط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *