عن رواية حاموت

وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها


حاموت: وفاء عبد الرزاق
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، عام 1967، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وهي وفقات بسيطة ولا أدّعي أنها نقدية، خصوصاً أن بعضها قد يعود إلى بداية العشرينيات من عمري، وغالبيتها وليست كلّها ستكون عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “حاموت” (2018)، لوفاء عبد الرزاق (البصرة/ 1952).


مع أن حضور وفاء بعد الرزاق الرئيس هو في الشعر الشعبي وإلى حد ما في الشعر الفصيح، فإن لها إسهامات في القصة القصيرة والرواية، فلها عشر مجموعات قصصية، وسبع روايات تنتمي زمنياً إلى حقبة العقدين الأخيرة في مسيرة السرد العراقي، ولكنها أسلوباً فنّياً ومعالجات تقترب من قصة الستينيات المعروفة بخصوصية لغتها السردية وعوالمها الذاتية.


تبدو الرواية أسلوباً ستينية، الشغف باللغة ذاتها، وحيث التهويم والتيه الذي لا يجعلك تعرف ما الذي يجري للبطل أو الشخصية وماذا يريد. وحتى دخول ضمير المخاطب (الشخص الثاني) شبه المهجور في القص، هو من أسلوب الستينيين، الذي قد يبدو أحياناً نوعاً من الحوار الداخلي مع الذات، كما هو في الحقيقة في الكثير من الروايات، وأحياناً مناجاة مع أحد آخر غير موجود فعلياً كما هو في مناجاة (كريم الناصري) في رواية عبد الرحمن مجيد الربيعي “الوشم”، وكل ذلك يأتي بالطبع مقروناً بضمير المتكلم (الأول) وأحياناً أخرى يكون خطاباً موجّهاً لشخص فعلاً، كما هو في التعبير الأشيع.


“دنوتُ من الدور واضعاً أذني متصنّتاً، لعلي أصل إلى صوت صرخة أو نحيب.. من عادة الشبح أنْ لا يظهر إلاّ بعد الدفن، لكنّ صمتَ الليل العميق ردّ عليّ بسكون الدور عندئذ عدتُ حاملاً أغلال تعبي ووجلي، ثقيلة هي ومملة تلك اللحظات التي انتظرتها لحلول الصباح.”- من راوية “حاموت”، لوفاء عبد الرزاق، ص137.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

عن رواية الضفة الثالثة

وقفات قصيرة جداًعند روايات قرأتها الضفة الثالثة: أسعد محمد عليبعد خمسة عقود من العيش وسط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *