وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
جيل القدر: مطاع صفدي
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “جيل القدر” (1960)، للروائي السوري مطاع صفدي (سوريا/ 1929-2016).
مطاع صفدي مفكر سوري عربي تنويري، وهو مؤسس مركز الإنماء القومي المعروف ورئيس تحرير مجلة (الفكر العربي المعاصر) الشهيرة. وهو روائي معروف أيضاً، واشهر رواياته “ثائر محترف”، و”أشباح أبطال”، و”جيل الغضب”.
مع ما يؤخذ على حوارات الرواية، من أنها تأتي في مستوى واحد عند جميع الشخصيات تقريباً، فإن ما وراء ذلك هو نفسه الذي يشكل إحدى سمات هذه الرواية، نعني تحديداً البعد الفكري الذي تتبناه الرواية ومن ورائها بالطبع المؤلف المفكر المعروف، والكثير منه يصلنا من خلال شخصيات الرواية ليُنسيك أحياناً ذلك المأخذ وتندمج بالشخصيات وأفكارها، سواء أكنت مؤيداً لها، كما عند بعضها، أو معارضاً لها، كما عند بعضها الاخر. من الملف الخاص بالرواية ضمن ملفاتي الشخصية عن الروايات المقروءة.
“قالت هيفاء وقد سحرها الموقف:
“- إلا أنها لحياة طريفة حياة أبطالك هؤلاء.. أيمكنني أن أتعلّمها؟.. علّمني بربك يا نبيل.
“- إن فيكِ لكثيراً منها، كما ينقصك الكثير، ولستُ أنا إلا كذلك أيضاً، ألا تمارسين المقاومة بشكل من الأشكال تجاه العديد من قوى الحياة الخارجية والداخلية معاً. ولماذا يقاوم الإنسان إنْ لم يكن يشعر بقوى أعظم نبلاً وأصالةً، تتفتح من أعماقه، قوى لا يعرف صورتها بعد، ولكنها تتشكل في خياله وتنقلب إلى وقائع بقدر ما ترفضين القوة السوداء، الآسنة الأخرى. إرادة الرفض هذه تعني جنيناً من الوجود الإيجابي يعمر النفس وإنْ لم يولد بعد.. وهذا هو شعود البعث.” من رواية “جيل القدر”، لمطاع صفدي، ص176.