وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
جانو أنتِ حكايتي: ميسلون هادي
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بـأول رواية، في آذار 1967، وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ نشر سلسلة وقفات قصيرة، على حسابي في الفيس بوك، مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو من ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات، وهي وفقات بسيطة ولا يمكن أن أدّعي أنها نقدية، خصوصاً أن بعضها قد يعود إلى منتصف السبعينيات حين كنت لما أزل في بداية العشرينيات من عمري. وستكون غالبية وقفاتي وليست جميعها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “جانو أنت حكايتي” (2017)، ميسلون هادي (بغداد/ 1954).
تمثل ميسلون هادي إحدى أهم ثلاث روائيات أو أربع كنّ وراء ما نراها الحقبة الذهبية للرواية النسوية العراقية التي انطلقت منتصف التسعينيات وتواصلت حتى الآن. لها خمس عشرة رواية، وعشر مجموعات قصصية، إضافة إلى أكثر من عشرة كتب أخرى. من أهم رواياتها: العالم ناقصاً واحد، العيون السود، نبوءة فرعون، جانو أنت حكايتي.
الصراع الداخلي حول ما يحدث في العراق، بين الحرب والآحر، بين أن تكون مع الحكومة أو مع الآخر، وتكون مع داعش أو مع من يعادون داعش، بين أن تعود إلى وطنك أو لا تعود، بين أن تعود إلى مدينتك أو لا تعود، بين أن تبقى في العراق أو تصطف مع من يُقدمون على الهجرة او اللجوء، بين وبين وبين… خيارات يغرق بها الكثير من الشخصيات كما الكثير من العراقيين.من الملف الخاص بالرواية، ضمن ملفّاتي الشخصية عن الروايات المقروءة.
“يوماً ما سأتكلم عن نفسي، وقد أكتب قصتي في ثلاث جمل.. أمي ماتت، ووجهي تشوّه بشكل كبير، وأبي يريد الزواج من امرأة أخرى.. لا أحتاج في يوم من الأيام أن أقدّم شهادة تثبت ما حدث لي أكثر من هذه الجمل الثلاث.. وحتى لو أردت قول هذه الشهادة المختصرة أمام المصورة ريتا سمارت، أو الجنرال ديفيد دونالد، فإنها تحتاج مني أن أبذل جهداً جباراً لكي أتخفف من كم اليأس الهائل الذي يتملكني.. ويجعلني لا أستطيع أن أفعل شيئاً سوى أن أغمض عيوني التي حاصرتها النار، فأصبحت تشبه عينَيْ الصقر أو الحمامة..”- من رواية “جانو أنتِ حكايتي”، لميسلون هادي.