وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
المهزومون: هاني الراهب
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً، في آذار 1967، بأول رواية قرأتها وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة جداً، مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “المهزومون” القصيرة (1961)، للسوري هاني الراهب (اللاذقية/ 1939-2000).
هاني الراهب: روائي سوري معروف، حاصل على شهادة الدكتوراه في الأدب الإنكليزي. بدأ حياته الأدبية عام 1960، وكتب خلالها العديد من الروايات والمجاميع القصصية. “المهزومون” أول رواية للكاتب، كتبها، وهو طالب جامعي في الثانية والعشرين من عمره، ليشترك بها في الجائزة التي أعلنت عنها مجلة (الآداب) البيروتية الشهيرة للرواية العربية، وكانت المفاجأة أنها فازت بالجائزة الأولى، وهي رواية تطرح أسئلة جيل من المثقفين العرب لم يجد الكاتب لها أجوبة.
“من الصفحات الأولى، أو حتى الفقرات الأولى من الرواية نلمح أفكاراً وسلوكيات شخصيات وأحداثاً على شيء من الغرابة، أو على الأقل تخرج عن العادي والاعتيادي، لتقترب من الكافكوية، ولكن الرواية، في النتيجة، لا تسلّم بالكافكوية، لتبقى لها خصوصيتها من جهة، ولتقترب، ربما أكثر، من العبثية، كما تتمثل بشكل خاص في بعض الشخصيات، مثل شخصية (بشر) ذي العلاقات الكثيرة بالنساء، وهي الكثرة التي إذ تصب في هذه العبثية قد لا تكون مقنعة.” من الملف الخاص برواية “المهزومون”، لهاني الراهب، ضمن ملفاتي الشخصية عن الروايات المقروءة.
“سوف تتعب كثيراً.. عوّد نفسك أن تكون الأخلاق طبيعية فيك منفصلة عن المفاهيم والدين والعرف الاجتماعي. الأخلاق للأخلاق، حتى النظام اجعلْه غريزة.. وبعدها لا ضرورة للإيمان حتى بالحب، يجب أن ينبع كل شيء من ضمير الفرد دون أن (يؤمن) به، لأن هذا سيأسره ويقيّده. لقد كانت شخصيتي في مثل سنك ضبابية، وكنت أعتقد مثلك أن بالحب حلول المشاكل.” من رواية “المهزومون”، لهاني الراهب، ص24.