وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
المقبرة: محمد شاكر السبع
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بـأول رواية، في آذار 1967، وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ نشر سلسلة وقفات قصيرة، على حسابي في الفيس بوك، مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو من ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات، وهي وفقات بسيطة ولا يمكن أن أدّعي أنها نقدية، خصوصاً أن بعضها قد يعود إلى منتصف السبعينيات حين كنت لما أزل في بداية العشرينيات من عمري. وستكون غالبية وقفاتي وليست جميعها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “المقبرة” (1979)، لمحمد شاكر السبع (العمارة- ميسان/1943-2016)
محمد شاكر السبع صحفي وقاص وروائي وكاتب رواية فتيان عراقي، أحد أهم من ترأس الصفحة الثقافية المعروفة لجريدة (الجمهورية) العراقية، إلى جانب ماجد السامرائي ونازك الأعرجي، ترك العراق عام 2000 ليستقر في كندا حتى وفاته عام 2016. من مجاميعه القصصية “ذلك الشتاء البعيد”، ومن رواياته: “أغنية الصياد الصغير”- 2001- و”المقطورة”- 1995- و”الحقول البيضاء”- 1992″، و”المقبرة”- 1979.
“مع افتقاد الرواية، وكما هو شأن جل روايات العقود الأخيرة من القرن العشرين العربية، للشد بسبب افتقاد التصاعد الذي إنْ توفر فيها هنا فإنه يضعف هناك، لا يمكن إغفال الأسلوب الجميل الذي يميّز محمد شاكر السبع في هذه الرواية، كما في رواياته الأخرى، وهو ما يجعله متمكناً من سرده عموماً ومن تداعياته الحاضرة، الأمر الذي يثير استغرابنا أنْ لا يوفر لروياته التصاعد والشد.” من الملف الخاص بالرواية، ضمن ملفّاتي الشخصية عن الروايات المقروءة.
“قال له الجميع إن والده قد مات غرقاً مع المركب الذي يعمل عليه في فجر شتائي كثير الضباب، ولم يعثر أحد على جثته.. وتقافزت به الذكريات إلى اليوم الذي ماتت فيه أمه. كان الوقت مساءً حين أخذوا جثمانها إلى مقبرة المدينة. كان يزورها مساءً دائماً، لكن قبر الأمر ضاع، فلقد أزالت السلطة المحلية المقبرة لتوسيع المدينة.. وها هو رجل فقد الأب والأم وفقد معهما قبريهما إلى الأبد.” من رواية “المقبرة”، لمحمد شاكر السبع، ص20.