وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها
المسافة: يوسف الصائغ
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “المسافة” (1974)، ليوسف الصائغ (الموصل/ 1933-2006).
يوسف الصائغ شاعر كبير، وهو أحد أهم شعراء الجيل التالي لجيل الرواد في الشعر العراقي والعربي الحديث، بعد السياب ونازك والبياتي وعبد الصبور وبلند الحيدري، إلى جانب عبد الرزاق عبد الواحد وسامي مهدي وآخرين. لكنه كتب الرواية، وله اثنتان هما (اللعبة) و(المسافة) وأعمال أخرى سير روائية.
“مع افتقاد رواية “المسافة”- التي يوصّفها الكات بـ(قصة جديدة)- للكثير مما اشتملت عليه واتسمت به رواية يوسف الصائغ الأولى المعروفة “اللعبة”، فإنها تقول الكثير وتعبّر عن الكثير. هي على ما يبدو تصور أو تعبر عن هروب الناس بعد انقلاب أو تغيير ما سياسي أو عسكري، في مدينة ما، الذي يتبعه ما تلاحقه الرواية من قمع ومطاردات والاعتقالات ومنع التجول وملاحقة الجميع واستجوابهم، لتكون النتيجة الخوفٌ الدائم للفرد فالهربٌ”. من الملف الخاص عن الرواية، ضمن ملفاتي الشخصية عن الروايات المقروءة.
“كنت أخاف حين كان ثمة ومتّسع للخوف.. والمشكلة أن الإنسان حين يهرب… أو يُقتل يصب وقت، كل وقته يجب أن ينتصر عليه.. أنت الآن لم تنتصر على خوفك بعد.. أوه.. لا تغضب”. من رواية “المسافة”، ليوسف الصائغ، ص61.