عن رواية القمر والأسوار

وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها


القمر والأسوار: عبد الرحمن مجيد الربيعي
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً، في آذار 1967، بأول رواية قرأتها وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة جداً، مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وستكون غالبية وقفاتي وليست كلّها عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “القمر والأسوار” (1976)، لعبد الرحمن مجيد الربيعي (الناصرية/ 1939).


ولد عبد الرحمن مجيد الربيعي في الناصرية، حاصل على شهادة البكلوريوس من أكاديمية الفنون الجميلة سنة 1968. خلال سنوات الستينيات، قرأ الربيعي الكثير وكتب ورسم بعض الأعمال، ونشر في الشعر والقصة القصيرة والصحافة بدءاً من بداية الستينيات. وصار اسماً معروفاً في الساحة الثقافية حين صارت مجموعته القصصية الأولى “السيف والسفينة”-1966- واحدة من علامات الإنجاز القصصي في العراق، الأمر الذي سيتكرر على المستوى الروائي بروايته القصيرة الأولى “الوشم” سنة 1972. له الكثير من الروايات والمجموعات القصصية، “القمر والأسوار” إحدى ما نسميها روايات الواقعية القومية، وتدور حول حياة أناس في محلة صغيرة في مدينة الناصرية الجنوبية، تسكنها عوائل فلاحية ترتبط بروابط الهموم والفقر وفي كونها قد نزحت كلها من الريف إلى المدينة.


“الرواية تتعامل مع البداية الحقيقية لوعي الشعب العراقي وتصاعد النشاط السياسي للحركات القومية التي بدأت تكتسب زخماً أخذ يتضح تدريجياً، على أرض الواقع، نعني ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهي الفترة التي شهدت فيها الساحة العربية عموماً أحداثاً كبيرة متتالية تساوقت معها وتبعتها تبدلات حيوية في الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي… تتعامل مع هذه الأجواء والعوالم من خلال تركيزها على حياة محلة صغيرة في مدينة الناصرية الجنوبية، تسكنها عوائل فلاحية ترتبط بروابط الهموم والفقر وفي كونها قد نزحت كلها من الريف إلى المدينة. الكاتب يجعل هذه المحلة الصغيرة جداً مسرحاً انعكست عليه صراعات الساحة الكبيرة جداً وخفاياها وتبدلاتها وهمومها لعراق ما بعد الحرب العالمية الثانية في جُلّ مفردات واقعه. فأنت تجد الحركات السياسية، وتتلمس الفقر، وتعيش صراع الناس من أجل لقمة العيش، وتحسّ بشكل مطرد بالحياة المتغيرة للبلد سلباً وإيجاباً، وتتعرف على عادات الناس الشعبية لاسيما القروية والريفية.” من الملف الخاص بالرواية ضمن ملفاتي الشخصية عن الروايات المقروءة.


“كان الجو ساخناً ومشحوناً برائحة السمك المجفف الذي ينشره سكان الزقاق في مثل هذا الموسم على حبال الغسيل حتى يجف جيداً ليكدّس بعد ذلك في أكياس ويحفظ طعاماً للشتاء القادم حيث يُسلق مع رؤوس البصل في طبخة خاصة يسمونها بـ(المسموطة)، وكانت تشكل الطعام الرئيس لهم مضافاً إليها التمرالذي يباع بأسعار زهيدة في أكياس من خوص النخيل. وعندمايملأ الفقراء أجوافهم بالسمك المجفف والتمر يمتلكون القوة آنذاك على العمل ومواصلة الجهد.” من رواية “القمر والأسوار”، لعبد الرحمن مجيد الربيعي، ص98.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

عن رواية الضفة الثالثة

وقفات قصيرة جداًعند روايات قرأتها الضفة الثالثة: أسعد محمد عليبعد خمسة عقود من العيش وسط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *