عن رواية العزف في مكان صاخب

وقفات قصيرة جداً
عند روايات قرأتها


العزف في مكان صاخب: علي خيون
بعد خمسة عقود من العيش وسط عوالم متخيّلة دارت فيها أحداث المئات من الروايات التي قرأتها، بدءاً بأول رواية وكانت “حمار الحكيم” لتوفيق الحكيم، عام 1967، بدأتُ سلسلة وقفات قصيرة مستلةً من كتاباتي المنشورة وغير المنشورة أو ملاحظاتي التي درجت على تسجيلها في المئات من البطاقات عن تلك الروايات. وهي وفقات بسيطة ولا أدّعي أنها نقدية، خصوصاً أن بعضها قد يعود إلى بداية العشرينيات من عمري، وغالبيتها وليست كلّها ستكون عند روايات عراقية. وقفتي اليوم عند رواية “العزف في مكان صاخب” (1988)، لعلي خيون (بغداد/ 1951).


علي خيون قاص وروائي عراقي، بدأ مسيرته الأدبية غزيرَ إنتاج في السبعينيات، وتناقص نتاجه مع نهاية التسعينيات وبداية الألفية الثانية، قبل أن يعود بنشاط فيرفد مكتبة القصة والرواية العراقيتين بالعديد من المجاميع القصصية والروايات العراقية.


لقد جاءت هذه التقنية السردية متلائمة مع فنية الرواية بشكل عام، ولا سيما في اعتمادها التداعي وما يستتبعه من انتقالات عبر الزمان والمكان، ومن تداخل بين الأحداث الواقعية والأحداث المتخيَّلة مما تريد الشخصية أو تحس إمكان وقوعه، ومما يتحقق عبر وسائل تقنيات تيار الوعي، من فلاش باك ومنلوغ داخلي ومناجاة ومونتاج زمان ومكان. وقد كان من نتيجة التداخلات بين الواقع والخيال والحلم، إلى حد اختفاء الحدود غالباً بين نقاط التنقل أو الافتعال. ولعل المبرر الموضوعي والمنطقي والفني لذلك أن هذه الاحداث كانت ظلالاً لأفكار الشخصية الرئيسية، وحتى التحقق الفعلي للأحداث والأفكار كان من خلال المسار الحلمي، أو اللاوعي، اذ هي تسيل إلينا عبر تداعيات الشخصية المتجسدة في شكل حلم أو حلم يقظة أو تخيّل او استذكار. وعلي خيون ينجح هنا وإلى حد كبير ومتميز في توظيف وجود مثل هذه الأحلام والتداعيات لدى كل إنسان، اعتيادياً كان أم غير اعتيادي، ولكن في حالات انفعالية خاصة أو حالات تأزم وربما مرض، وربما في حالة الرغبة في تحقيق ما لا يمكن الإنسان تحقيقه على أرض الواقع ضمن ظروف معينة.


“عادت (ماري) من العمل، فأذهلني شكلها المثير، شقراء فاتنة طويلة، بملابس لا تستر ملابسها الداخلية البيضاء… واقتربتْ مني وعبثت بشعري وهي تقول:
“- إماد.. إماد.. حلو إماد.. فانتاستك.. فَري فانتاستك.. باي.
“وأشّرتْ بأصابعها بعد أن قرصت أنفي ودخلتْ وأنا أبصر من خلال ثيابها الرقيقة ملابسها الداخلية…
“… فتحتُ الباب. دخلتْ ودعتني للدخول. غابت لحظة لا أدري في أي غرفة. كنت خلالها أحدّق كالمخبول في صورتها الكبيرة بالشورت القصير تمسك بمقبض كرة التنس وتبتسم ابتسامة عريضة”. من رواية “العزف في مكان صاخب”، لعلي خيون، ص85-86.

عن fatimahassann23

شاهد أيضاً

عن رواية الضفة الثالثة

وقفات قصيرة جداًعند روايات قرأتها الضفة الثالثة: أسعد محمد عليبعد خمسة عقود من العيش وسط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *